23 ديسمبر، 2024 3:05 م

المنافقون والانتهازيون يخترقون التظاهرات

المنافقون والانتهازيون يخترقون التظاهرات

انطلاقاً من مبدأ”الحقوق تؤخذ ولا تعطى”، واستثمارا لحكمة: الساكت عن الحق شيطان اخرس. صار التظاهر السلمي افضل الوسائل واسلم الطرق لأنتزاع الحقوق وتحقيق المطالب، فضلا عن كونها اداة للرفض والشجب والادانة والاستنكار، او تعبيراً عن التأييد والدعم والموالاة. وبناءا على هذا التأسيس وبعد انتشار المنظمات العالمية لحقوق الانسان صار التظاهر السلمي حقاً ثابتاً تكفله الدساتير وتحميه. الاّ ان منطقتنا الشرق أوسطية والعربية خاصة- كونها خاضعة لنظم الوراثة والانقلابات المستبدة- جعلت هذا الحق ديكوراً من مكملات دساتيرها الشكلية فحرمت شعوبها من ابسط حق وأضعف مطلب للدرجة التي جعلتها لاتجيد تنظيم تظاهرة معبرة، وقيادة انتفاضة ناجحة منتجة. والفضل لأجهزة القمع والتنكيل التي تتصدى لسحق أبسط تجمع وابادته بكل ما تمتلك من قوة بطش واخطر سلاح. وبتطور وسائل الاتصال واساليب التعبير واتساع رقعة التظاهرات في العالم ولكل منها اسبابها واهدافها، ومع اطلاع وتواصل الشعوب العربية مع ما يحدث في العالم بفضل الشبكة العنكبوتية ومئات القنوات الفضائية الاّ انها تبدو مبتدئة ومنخدعة في اكثر الاحايين، اذ سرعان ما يخبو لهب انتفاضتها، وتتمزق صفوف تظاهراتها من دون تحقيق هدف يذكر. ثم يتم الالتفاف عليها فتميع ويتاجر بها ويحصد المنافقون والانتهازيون ثمارها. فمع ريادتها وجسامة تضحياتها لم تحقق انتفاضة الياسمين في تونس اهدافها المنشودة، ومع ضخامة مدها وهدير اندفاعها ما تزال انتفاضة الشعب المصري تتطلع الى المنجز، اما في ليبيا واليمن والجزائر والمغرب والبحرين فما يزال الحسم متأرجحاً والقمع على اشده والتضحيات تتضاعف. مثلما العفوية مطلوبة القيادة مطلوبة… تنظيما وإعلاما وادارة. والاّ من ينبه الجماهير الى الشعارات الهادفة الموحدة المعبرة؟.
والاّ من يمنع تسرب وتسلل واختراق المندسين والمحوسمين الى التظاهرة وافراغها من اهدافها وتشويهها برفع الشعارات الطائفية والمحرضة وارتكاب اعمال التخريب والنهب للممتلكات العامة والخاصة.
ترى كيف يستقيم رفع شعارات”الموت للديمقراطية” بأيدي مستثمري الديمقراطية يتظاهرون بكل حرية مطالبين بالمزيد من الحقوق؟!
كيف يدعو للانتقام مستخدماً الشتائم وكيل الاتهامات من يطالب بالتصحيح والاصلاح؟
كيف يرجو مساندة الشعوب لحقه ومظلوميته وهو يعمد الى حرق علمها وكأن العلم ليس رمزاً للشعوب والامم بل رمزاً للحكومة؟. تظاهرات بغداد، وبغداد فقط في اربعينات القرن الماضي اسقطت معاهدات وغيرت وزارات. وانتفاضة العراقيين من شمالهم الى جنوبهم في تسعينات القرن نفسه لم تحقق معشار اهدافها ولم تسقط السلطة الجائرة ومرد ذلك كله الى ان الاولى تنبهت لما هو مطلوب تنظيما واعلاما وادارة فيما اعتمدت الثانية على العفوية والعفوية فقط. ولا ننكر ما لكل حالة من ظروف وملابسات وتوجهات.