23 ديسمبر، 2024 3:58 ص

المنافذ الحدودية ثروة تتبدد بين الفساد والمجاميع المسلحة

المنافذ الحدودية ثروة تتبدد بين الفساد والمجاميع المسلحة

ظاهرة الفساد في العراق بعد الاحتلال عام ٢٠٠٣ تعتبر الاعلى والاخطر على مستوى الدولة العراقية وبدأت تؤثر بشكل فاعل على مسيره التنميه الاقتصاديه والاداريه وجميع مفاصل الحياة , الفساد يقف عائقا أمام استفادة الدولة من الإيرادات المالية المتحققة من تطبيق القوانين, ولم يسلم من الفساد المستشري في البلاد بما فيها المنافذ الحدودية التي تعد رئة العراق في استيراد البضائع الأجنبية , خاصة وان العراق يعتبر بلدا مستهلكا للسلع الاجنبية, الا ان ما كشف عنه مؤخرا بأن ٧٥% من إيرادات المنافذ الحدودية تذهب لجيوب الفاسدين نتيجة لغياب سلطة الدولة وسيطرة المليشيات والمتنفذين والأحزاب السياسية عليها.
العراق يمتلك نحو ٢٢ منفذا بريا وبحريا تقع غالبية المنافذ البرية على الحدود العراقيه – الايرانيه والتركيه
, ويحتضن الإقليم عشرة منافذ حدودية خمسة منها غير رسمية, في حين تشير التقارير النيابية الى وجود عدد من المنافذ غير الرسمية تقدر بسبعة منافذ خمسة منها في الشمال ومنفذ واحد في محافظة العمارة على الحدود العراقية الايرانية ومنفذ آخر في محافظة الانبار باسم منفذ الامام علي اضافه الى وجودمشاكل في ميناء ام قصر الشمالي في محافظة البصرة, وهذه المعابر لاتخضع لسلطة المنافذ الحدودية ولا تعلم الهيئة ما يدخل من خلالها.
وفي هذا الصدد يؤكد رئيس هيئة المنافذ الحدودية كاظم العقابي, ان ما تحققه البلاد من عائدات مالية من المنافذ الحدودية لا يتعدى٢٥% مما يفترض تحقيقه عازيا الامر الى الفساد وعدم سيطرة الحكومة الاتحادية على جميع المنافذ الحدودية ما يتسبب بهدر مليارات الدولارات سنويا, واضاف ان الايرادات الواجب تحقيقها من الاستيراد من جميع المنافذما يقارب عشرة مليارات دولار سنويا مما يعني هدر قرابة ثمانيه مليار دولار سنويا تذهب لجيوب الفاسدين والمليشيات المسلحة.
ويقول الخبير القانوني عماد غائب ان الخسائر الناجمة عن الفساد في هيئة المنافذ الحدودية ليست متعلقه بالموازنة الاتحادية للبلاد والعائدات التي ترفد بها الموازنة ويضيف انه بموجب قانون مجالس المحافظات في البصرة وباقي المحافظات التي تملك منافذ حدودية تحصل على نصف الإيرادات المالية للمنافذ من أجل توظيفها في مجال الاعمار كما أن واردات المنافذ يمكن أن تقلل العجز في الموازنات العامة للدولة .
وذكر مراقبون ان الاحزاب والمليشيات المسلحة تتحكم في المنافذ الحدودية , حيث أن كل فصيل مسلح وحزب له دور ومهام تختلف عن الأخرى فاحزاب متورطة في تهريب وبيع النفط واخرى ترتبط بتهريب المخدرات ونشاطات تتعلق بفرض إتاوات على التجار واحتكار المنتجات الغذائيه ولا يختلف الأمر كثيرا في المنافذ الشمالية في الإقليم.
يمتلك الإقليم عشرة منافذ خمسة منها رسمية تجارية كبيرة ورئيسيه مع تركيا وإيران مسئولة عن توريد نحو ٥٠% من احتياجات العراق وبضمنها الإقليم ,حيث ان بغداد لا تملك أي نفوذ على المنافذ الحدودية في الاقليم,واكد النائب كريم عليوي ان دخول البضائع والسلع الإسرائيلية الى الأسواق المحلية عبر منافذ الاقليم, مبينا ان الحكومة حتى الآن لا تملك أي نفوذ وسيطرة على المنافذ الحدودية للاقليم التابعة لسلطة الحكومة الاتحادية واضاف ان اغلب هذه البضائع الداخلة ممنوعه او منتهيه الصلاحية فضلا عن دخول أسلحة للاتجار بها في عموم محافظات العراق .
واتهم النائب عن حركة المستقبل سركوت شمس الدين رئيس الاقليم السابق مسعود البرزاني بالاستحواذ على إيرادات منفذ ابراهيم الخليل الحدودي مع تركيا واضاف ان واردات المنفذ تذهب الى العائلة الحاكمة في الاقليم مشيرا أن أموال المنفذ تقدر بالمليارات وتذهب الى جيوبهم حصرا وليس الى وزارة المالية ببغداد او مالية الإقليم.فيما اشارت اللجنة المالية النيابية بان الاقليم يضم خمس منافذ غير رسمية لازالت مستمرة بتهريب النفط الى تركيا لغاية الآن, وتورط حكومة الإقليم بوضع عدادات غير دقيقة لأنابيب النفط بالاضافة الى استيراد البضائع الفاسدة كما حصل مع إغراق السوق بالبيض المستور عبر منافذ الاقليم وما انتجه من خسائر فادحة للتجار العراقيين ومربي الدواجن.
مما يظهر ان تسويف فتح ملف فساد المنافذ الحدودية غير الشرعية والتعرفة الكمركية يخضع الى المجاملات السياسية والمحاصصة الحزبية, خاصة وأن المنافذ الحدودية غير الرسمية في الإقليم لا زالت غير مسيطر عليها نتيجة لضعف الإجراءات القانونية الرادعة لدى الحكومة.
وذكرت مصادر سياسية ان سبب تمادي الاقليم وعدم تسليم واردات المنافذ الحدودية للمركز سببه ضعف سلطة المركز واستثمار الاقليم المرونة الزائده التي يمارسها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تجاه الملفات العالقة.
ولم تتجاوز خطوات ردع الخروق القانونية في منافذ الاقليم التصريحات السياسية والبرلمانية التي تتكرر دون نتيجة عملية , إذ دعا النائب حسين العقابي الحكومة الاتحادية الى فرض سلطتها الدستورية على كافة المنافذ الحدودية للعراق لاسيما في اقليم شمال العراق, لافتا الى انه في حال اصرار الاقليم على النهج الحالي فعلى بغداد مواجهة هذه التصرفات المضره بالاقتصاد الوطني بخطوات صارمه.
من هنا نؤكد بأن فرض سلطة القانون على المنافذ الحدودية يعكس قوة وهيبة الدولة في حماية حدودها وأمنها الوطني التي هي من مقومات أي دولة, ووقف التدخلات وردع الفاسدين والميليشيات المسلحة لحماية الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.