لا كرها بأحد هنا او هناك ، وإنما حبا بالعراق وحرصا على تطبيق الدستور والقوانين والقرارات التي من واجب الجميع الالتزام بها وبتوقيتاتها بما يفيد الشعب ويرجع المتظاهرين والمعتصمين إلى أهلهم سالمين غانمين وبما يعيد الحقوق لأهلها وتطبيق العدالة كما هو مطلوب ، فبعد أن كان الجميع يترقب تطبيق نصوص المادة 58 من قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 التي تضمنت : ( تلتزم الحكومة بإنهاء إدارة مؤسسات الدولة بالوكالة ما عدا الأجهزة الأمنية والعسكرية في موعد أقصاه 30 / 6 / 2019 ويعد إي إجراء بعد هذا التاريخ يقوم به المعين بالوكالة باطلا ولا يترتب أي اثر قانوني على أن تقوم الدائرة المعنية بإيقاف جميع المخصصات المالية والصلاحيات الإدارية في حالة استمرار بعد التاريخ المذكور أعلاه ) ، فقد توقع البعض أن يكون 2019 موعدا لانتهاء العمل بالوكالات لدخول العام الجديد والمناصب الإدارية تدار بالأصالة من قبل مستحقيها على قاعدة الشخص المناسب في المكان المناسب بعد معاناة منذ 2005 وبما يسهم في تحقيق أمنيات عموم الشعب ، وهذا النص واضحا جدا ولا لبس فيه أو في تفسيره وواجب التطبيق بموعده المحدد لان سريان قانون الموازنة الاتحادية قد بدأ في 1 / 1 / 2019 بموجب المادة 71 من القانون ، وكان من واجب الحكومة تحويل جميع الوكالات في الدولة إلى الأصالة من خلال مصادقة مجلس الوزراء على مناصب المدراء العامين ومن هم بدرجتهم والتي تقع ضن صلاحياته بإضافة دماء جديدة في الإدارات ، والإيعاز للوزارات كافة والدوائر غير المرتبطة بوزارة بإنهاء العمل بالوكالة للمناصب والمواقع التي يقع تعيينها ضمن صلاحيات الوزير نزولا ، كما كان من واجب مجلس الوزراء تقديم أسماء المرشحين لمجلس النواب للنظر في المصادقة على مناصب وكلاء الوزارات ومن بدرجتهم من رؤوساء الجامعات وغيرهم الذين يقع تعيينهم بالأصالة ضمن صلاحيات مجلس النواب ، ولكن الحكومة طلبت تمديد الموعد إلى 24 / 10 / 2019 بسبب بعض الظروف التي وصفتها بأنها تعرقل الالتزام بالموعد المحدد ، وقد حصلت الموافقة على التمديد ولكن ما حصل هو أكثر مما كان سائد سابقا ومنها مثلا :
. التعجيل بإصدار الأوامر بتعيين مجموعة من المدراء العامين ومن بدرجتهم قبل الموعد الذي تم تمديده لتثبيت أصحاب تلك الدرجات وظهور قوائم للتعيينات بالمناصب في مواقع التواصل الاجتماعي وأخرها قرار مجلس الوزراء 475 في 9 / 1 / 2020 الذي أضاف أسماء لقراري التعيين 228 و353 لسنة 2019 والتي ضمت أشخاصا بعضهم بأعمار الإحالة إلى التقاعد بموجب قانون التقاعد رقم 9 لسنة 2014 او قانون تعديله الأول رقم 26 لسنة 2019 .
. قيام بعض السادة الوزراء بتدوير مواقع شاغلي المناصب بالوكالة ضمن الوزارة الواحدة او بين الوزارات رغم إن بعضهم يتولون المناصب منذ أكثر من عشر سنوات ، وفي كل مرة يتم إعادة تكليف ذات الأسماء وكأن البلد قد خلى من الكفاءات القادرة على تجديد الدماء وإعطاء الفرص لمن يستحقها ضمن التدرج الوظيفي وبموجب وصف الوظائف والأعمال ، ويصف البعض إن الاختيارات والتعيينات بعيدة عن الكفاءة وقريبة من المحاصصة والحزبية وبعضها تشوبها بعض الشبهات فهي لم تستكمل شروطها وإجراءاتها بخصوص النزاهة والقيود الجنائية والمساءلة والعدالة او غيرها من الممنوعات .
. لجوء بعض الوزارات إلى استخدام أسلوب التكليف بأقل من الوكالات بإيجاد مفهوم ( جديد ) وهو تسيير الأعمال استنادا إلى نصوص قانونية بالية تعود إلى ستينات القرن الماضي منها مثلا ( قانون السلطة التنفيذية رقم 50 لسنة 1964 ) الذي لم يتم تداوله بشكل مألوف ، والأسلوب الجديد هو التكليف ( بتسيير الأعمال ) وكأن البلد في حالة من الطوارئ التي يتعذر فيها التعيين ، وقد استخدم هذا الأسلوب كغطاء لعدم التقاطع مع نص المادة 58 من قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2019 ، علما بان العمل بتسيير الأعمال لحين تعيين البديل الأصيل له سلبياته العديدة لان ( المسير ) سيكون جزءا من حالة التسيير .
. بقاء الوضع كما هو عليه منذ سنوات ربما تمتد إلى 2004 او 2005 وهو إدارة المناصب بالوكالة وضعف الشفافية في تحديد الأسس والمعايير التي يتم بموجبها البقاء والتبديل والتعيين ، ومما ساعد على إبقاء هذا الوضع غير المستقر هو تحول الحكومة برمتها إلى حكومة تسيير الأعمال في ظل تساؤلات حول مدى شرعية استمرارها بعد انتهاء المدة الدستورية التي ألزمت رئيس الجمهورية بتكليف رئيسا لمجلس الوزراء من الكتلة الأكبر في نتائج الانتخابات .
وفي ظل الغياب الواضح في تولي المناصب بالأصالة بدلا من الوكالة التي أتعبت الجمهور وشاغلي المناصب وظلمت الكفوئين وأصحاب الانجازات في حقهم بالتثبيت بعد سنوات من التضحية والعطاء ، فقد غابت الموازنة الاتحادية لعام 2020 حيث لم يلوح في الأفق أملا في تمريرها من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب ، ويكاد الشهر الأول من السنة المالية الحالية ينقضي ومشروع قانون الموازنة لم يقدم بعد ومجلس النواب على وشك التمتع بالعطلة التشريعية التي اقرها الدستور، والعراقيون يعلمون إن الدستور ( مقدس ) ولا يجوز المساس بنصوصه قط أما أمور وحدات الصرف فإنها ( تسير ) بطريقة 1/ 12 شهريا من المصروفات الفعلية للعام السابق كما جرت العادة منذ سنوات وكأن الموازنة الاتحادية هي شماعة لتمرير الصفقات وتبذير الأموال ، فمراجعة حساباتها الختامية تشوبها العديد من الصعوبات التي تشير إليها تصريحات اللجنة المالية في مجلس النواب وتقارير ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة التي تشغل رئاساتها بالوكالات منذ سنوات ، ورغم إنفاق مليارات الدولارات كل عام إلا إن نتائج الإنفاق غير واضحة المعالم من حيث التنمية المستدامة وتقديم الخدمات ومعالجة الازمات ، واغلب مؤشرات الأداء تتراجع عاما بعد عام ولم توضع نهايات حقيقية لإنهاء العديد من المعاناة ، وفي ظل كل ذلك لم تتضح بعد المدة المحددة لإنهاء العمل بالوكالات فقد تطول القضية إلى العديد من الأشهر او السنين ، لان أمامنا طريق طويل لتسمية رئيس مجلس الوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة والمصادقة على اختياراته ثم المضي لأجراء انتخابات مبكرة والعودة ثانية إلى ذات الإجراءات في تسمية رئيس الجمهورية وقيامه باختيار رئيس مجلس الوزراء ………الخ ثم البدء بوضع نهاية للعمل بالوكالات ، وخلال تلك المدة قد ننام ألف مرة ثم نصحوا كل يوم والقضية لم تحل بعد وفي خضمها تدار المناصب بالوكالات وتسيير الأعمال ومجلس النواب يمارس صلاحياته الدستورية في الاستجواب ومعالجة الانحراف ومنع الفساد ، والعراقيون يتأملون خيرا لان يكونوا في مقدمة العباد لأننا من أغنياء الشعوب على الأرض لما انعم به الله علينا من خيرات ، ورغم كل ذلك ستبقى الأمنيات قائمة لإنهاء العمل بالوكالات لان الوكالات طريقة خاطئة في إدارة الدولة وأجهزتها ولأننا شعب يرفض الأخطاء والعمل بالتجاوزات !! .