في قصص الخيال الشعبي توجد قصة تقول: انَّ خنفساءاً مرت بسوق الخيل فوجدت حصاناً رافعاً احد قوائمه جنب رجل يمسك بيده مطرقة يضرب بها اسفل حافره بطرقات متوالية اثارت فضول الخنفساء.
توقفت الخنفساء وهي تفكر لماذا لا يرفس هذا الحصانُ من يعتدي على ” أمنه القومي” ؟ ولماذا لا يصرخ من الألم؟
ولاحظ الحصان وقفة الخنفساء وادرك بعقله الكبير ما يدور في رأسها الصغير فقال لها: ” ان هذا الآدمي يثبّت لي نعلاً يعينني على الجري، وان طرقاته لا تؤلمني لانها تقع على الجزء الخالي من الاعصاب الحسية من جسمي “
ولما سألته الخنفساء عن فائدة النعل اجاب:
” فوائده كثيرة…منها: ان صوت النعل يطربني، ويعطي لمشيتي مهابة، ويفتح لي الطريق، كما انه ايضاً يجعل رفستي اشد ايلاماً لمن ارفسه، والأهم من هذا….” وصفن الحصان قليلاً ثم قال:
” الاهم من هذا انه ينقل الاستهلاك الى غيري…يعني انني – وباستمرار المشي او العدو- اتجنب استهلاك حوافري، لان النعل والطريق هما اللذان يستهلكان، لا حوافري”
فكرة النعل اعجبت الخنفساء فتقدمت من الحرفي المتخصص بتركيب النعل ومدت اليه رجلها وقالت:
” انا ايضاً اريد نعلا”
لكن الحرفي صانع النعل واصل عمله دون توقف عند طلبها، لانه أساساً لم يرها، ولم يسمع صوتها ….لانها خنفساء.
* * *
الولايات المتحدة الامريكية تتبع سياسية المعايير المزدوجة؛ فتتصرف خارج القوانين الدولية، بينما تلزم الاخرين بتلك القوانين…
تغزو العراق وافغانستان بجيوش جرارة …ترسل طائرات بدون طيار لتقتل من تشاء في بلدان مستقلة دون اذن من تلك البلدان ودون محاكمة للذي تريد ان تقتله بها…تضع من تشاء على قائمة الارهاب وتزيل من القائمة من تشاء…تحاصر اقتصاد من تشاء وترفعه عمن تشاء…تحجز اموال الدول والشركات والاشخاص المودعة في بنوكها متى ما اعجبها وترفع عنها الحجز متى اعجبها…ترخّص لاسرائيل الطاقة النووية العسكرية وتمنع عن ايران الطاقة النووية السلمية، وتسمح لها بالاحتلال وقتل المدنيين ووضع جدار فصل عنصري وقصف غزة بالطيران وقطع الغذاء والدواء عنها و تسمح لاسرائيل بانتهاك كل القوانين الدولية…. تشن اميركا الحروب على من تشك – مجرد شك- انه يمتلك سلاح دمار شامل، او يتعاون مع القاعدة التي صنعتها هي على عينها…. …. تتجسس على كل العالم حتى على تلفون انجيلا ميركل…وعلى كل الشركات الاوربية لتسرق منها العقود قبل توقيعها … باختصار تفعل ما تشاء بغير حساب، معتمدةً على مبدأ المعايير المزدوجة الذي يقول: [ان القوانين الدولية تنطبق على كل الدول الا هي، او ان هذه القوانين تنطبق حين تريد ولا تنطبق حين لا تريد] .
هنا نظرت المملكة الوهابية الفُلوسية الى الولايات المتحدة الامريكية فاعجبها نعل المعايير المزدوجة وابهرتها فوائده، فمدت رجلها وقالت: انا ايضاً اريد نعلاً… أُدخل به درع الجزيرة الى البحرين، وأشن حرباً على اليمن، وابعث بانتحاريين ومفخخات الى العراق، وارسل جبهة النصرة واخواتها الى سورية واقيم ديمقراطيات في الشام وامنعها في الخليج، واقلب الحكام الوراثيين في دمشق واثبّتهم في الرياض، وانصر السيسي على شرعية مرسي واحارب الذين انقلبوا على شرعية هادي، واعطي للحراك السوري شرعية الثورة وامنع تلك الشرعية من الحراك الشعبي في اليمن والبحرين …واقيم قواعد للولايات المتحدة الاميركية على اراضي بلادي وباقي الكيانات النفطية البدوية- وهي قواعد تهدد الامن القومي لجهورية ايران الاسلامية- وارفض مساندة ايران للثورة اليمنية الحوثية لان هذه المساندة تهديد امني للملكة الوهابية الفُلوسية…..يا لها من فوائد عظيمة لهذا النعل!
المملكة الوهابية الفُلوسية لم تنطلق من فراغ، هي لم تفعل مثل الخنفساء الفقيرة التي لم تقدم فُلوساً لقاء طلبها، المملكة الوهابية الفُلوسية تمتلك الفُلوس، وستشتري النعل وصانع النعل بالفُلوس كما اشترت المؤسسة الوهابية البدوية والماكنة الاعلامية العربية لكي تصل الى مرتبة الدول التي تفرض ارادتها عن طريق مبدأ المقاييس المزدوجة.
وتقدمت المملكة الوهابية الفُلوسية في موكب مهيب وعن يمينها الماكنة الاعلامية العربية وهي تصدح باناشيد قومية تدين “التدخل الاجنبي في الدول العربية” ! وعن يسارها المؤسسة البدوية السلفية توزع فتاوى ابن تيمية تنص على ان ” ما هو حلال على اميركا حرام على ايران”.
ولما دخلت المملكة الوهابية الفُلوسية الى سوق الخيل ذهبت الى دكان صانع نعل تركي، اخرجت كيسها ونثرت امامه ما فيه من الفُلوس، ولأن صوتها غير صالح للاستعمال البشري (راجع الملحق اخر المقال) فقد استعانت بالماكنة الاعلامية العربية لتُسمعه صوتها، وبالمملكة البدوية السلفية لكي تفتي له بحلـّية البيع، لكن الصانع التركي رفض ان يصنع لها نعلاً تركيا، لانه متخصص في صنع النعل للحصن لا للخنافس…
قالت المملكة الوهابية الفُلوسية: لا يهم، هناك صناع اخرون، وعندي فُلوس… اشتري كل شيء بالفُلوس. أدفع اكثر، أو اشتري ارخص.
وقفت قليلاً تفكر في سبب المشكلة التي برزت…لماذا تأخرت تنفيذ رغبتها؟ …بحثت في صحراء ثقافتها عن تفسير تراثي لبروز هذ المشكلة، دارت حول الخيم، تجولت بين الجمال، صعدت فوق النخلات بحثاً عن سبب فعرفته…انه الحسد!! يحسدونها على مواهبها العظيمة في صناعة الحضارات!! واغناء مسيرة العلم!! وبناء الانسان!!
طلبت علاجاً للحسد فاقترح عليها شيخ اعور ان تتصدق على “الفقراء الجياع” لدفع بلاء الحسد، لان الصدقة تدفع البلاء، فنظرت الى جائعَين ورثا الكرسي والجوع من ابيهما، وورثا اشياء من أمّهما…اعتادا على طول السجود أَمام اليهود دون ان يحصلوا على اكثر من القمامة ودون ان يحافظوا على الكرامة، فاضطرا للركض وراء المملكة الوهابية الفُلوسية ليلتقطا ما يسقط من فضلاتها…جائعان أخذا من الاقزام طولهم، ومن اللئام خُلقهم… احدهما من مملكة مشرقية والاخر من مملكة مغربية، لكي تدفع الصدقةُ الحسدَ الشامل كله … من الشرق الى الغرب
بعد دفع الصدقة توجهت المملكة الوهابية الفُلوسية الى صانع نعل باكستاني …هذا فقير، سيقبل ان يصنع لها نعلا باكستانيا لقاء مبلغ كبير، لكنه هو الاخر رفض!
عندها توجهت المملكة الوهابية الفُلوسية الى صانع نعل مصري.. قالت له:
– اريد نعلا مصريا
اجابها على الفور:
– حاضر يا سعادة البيه… دا انت فُلْ يا سعادة البيه…هوَّ في زيّك في الدنيا كلَّها؟ ..ربنا يخليلنياك يا سعادة البيه.
واشترت المملكة الوهابية الفُلوسية النعل وبدأ الصانع المصري بتركيبه على انغام الدفوف والبرابط والمزامير…و يا صلاة النبي ي ي ي ي..
وبينما كان الشيوخ والاعلاميون مشغولين بالانشاد والافتاء كانت المملكة الوهابية الفُلوسية تحلـّق في عالم الخيال…تصوّرَتْ خُيلاء الاعلان عن عاصفة الحزم (على غرار عاصفة الصحراء….يا سلام!)….وتصورت كيف يخرج بدوي من الرياض (على غرار خروج امريكي من واشنطن) فيتماهى العسيري مع مارتن ديمبسي في ايجاز صحفي يومي وهو يرتدي بزة عسكرية مموهة كأنه عائدٌ توّاً من ساحة الوغى حيث صارع الابطال فصرعهم واستهدف سكان مخيمّ النازحين فلم يخطئهم… وتخيلت المملكة الوهابية الفُلوسية كيف تقوم المقاتلات “السعودية الصنع”! بالتزوّد بالوقود في الجو(بسبب بُعد المسافة ! بين المملكة الوهابية الفُلوسية وبين بلاد اليمن التعيسة بهذا الجوار)… وكيف سيمتد نفوذها من اسيا شرقاً الى مراكش غرباً…اي ستصبح مثل مملكة ذي القرنين..لكن، مع الاسف ..تحتاج الى قرنين. وحزنت لانها لا تملك قرنين، قبل ان تتذكر انها تملك قرني الاستشعار…حرَّكتهما بزهْوٍ ومضت تتخيل المزيد….وتخيلت…. وتخيلت اشياء كثيرة قبل ان يتم تركيب النعل وقبل ان تحاول السير به لتكتشف شيئا……شيئا مهماً جداً..
لقد اكشفت المملكة الوهابية الفُلوسية….ان هذا النعل.. اثقل منها
ملحق بالاصوات التي لا تصلح للاستخدام البشري:
https://youtu.be/LpEs_8F1hY0 في علوم التخطيط الستراتيجي للبلدان النامية
https://youtu.be/KKebkbakx1s في علوم القران
https://youtu.be/iQKg0IOP20E في علم التوحيد