المفهوم الحديث للدولة هي تلك السلطات التي تنظم حياة المواطنين باستخدام نظام مؤسساتي محكم تمثل فيه المؤسسات أيادي الدولة التي تصفع وجوه المتجاوزين على القوانين كمراكز الشرطة وسائر المؤسسات الأمنية أو التي تطعم الجائعين وتمسح على رؤوس المساكين كمؤسسات الصحة وسائر المؤسسات الاجتماعية..
ان هذه الأيادي (المؤسسات) تقوى وتضعف حسب حجم المعوقات التي تواجهها.
وأهم المعوقات التي تضعف هذه المؤسسات هي وجود قوى أو شخصيات أو منظمات تكون بمستوى قوة هذه المؤسسات أو أقوى.أو تقوم بممارسة أفعال مشابهة لتلك التي تقوم بها الدولة كاعتقال مواطن أو انشاء مرافق بمعزل عن الدولة ؛ لأن مثل هذه التصرفات تؤدي الى اضعاف ثقة المواطن بحكومته وكذلك اضعاف الشعور الوطني وهو الأخطر!..
ان من أهم اسباب اشتداد الخلاف بين اردوغان وجماعة غولن -قبل الانقلاب المزعوم- هو اعتبار اردوغان لجماعة غولن انهم دولة داخل دولة وتصرف زعيمهم وكأنه رئيس على جزء من الشعب حيث يضع القوانين لجماعته ويعاقب الذين يخرجون عليها!.وكذلك الأمر في اليمن فلو رجعنا الى أهم اسباب خلاف حكومات اليمن مع الحوثي هو تصرفه وكأنه اقوى من الحكومة المنتخبة وقيامه بانشاء مؤسسات مشابهة لمؤسسات الدولة تعمل تحت تصرفه..
-وهنالك امثلة كثيرة لا حصر لها-.
وهو بالضبط الدور الذي يمارسه السيد مقتدى الصدر.
حيث تجاوز مرحلة اقرار القوانين بل وقام بإنشاء “لجان مكافحة الفساد” وهو أمر مخز ومذل للقضاء اولا والحكومة ثانيا وهيئة النزاهة ثالثا حيث يتصرف بمفرده وكأنه رئيس جمهورية الصدريين أو هو ملكهم ولكن على الجميع أن يعرف أن الصدريين والبدريين وغيرهم هم عراقيون ويجب أن يكونوا تحت راية العراق لا راية حزب او جهة او تيار..
فتصرفات السيد في مملكته اضعفت ثقة المواطن بحكومته -بغض النظر عن سوئها او صلاحها- وكذلك اضعفت شعوره الوطني الذي يمثل اللبنة الأولى لبناء اي دولة حديثة محترمة..
ان استمرار هذه الحالة يعني ان البلد سيبقى عالقا في هذه الفوضى الى ما شاء الله!.
ترى هل سيأتي على العراق حاكم صلب شجاع يقضي على هذه الممالك الصغيرة ويبني دولة العراق الكبيرة أم ستبقى حكومات العراق ضعيفة خاوية تسقط متى ما شاء الله ومقتدى!.