19 ديسمبر، 2024 1:04 ص

المليشيات والعراق ومرجعيتي النجف وقم!!

المليشيات والعراق ومرجعيتي النجف وقم!!

لا يشك احد ان المليشيات المتطرفة هي الوجه الثاني للارهاب، وتمثل نسخة داعش الشيعية بوصفها خطرا يهدد كيان الدولة المدنية واستقرارها ومستقبلها.

وتأتي هذه القناعة من خلال الممارسات التي تنتهجها هذه المليشيات المتناغمة الى حد كبير مع نهج وسلوك داعش في التعامل مع العراقيين. ويضن كثيرون ان المليشيات ربما اخطر من داعش خصوصا وانها تدار من قيادات في اعلى سلطة الهرم السياسي في البلاد.

 

وجدت هذه المليشيات المتطرفة ضالتها في فتوى المرجعية الدينية للدفاع عن العراق ضد تنظيم داعش الارهابي، فهذه الفتوى منحت هذه المليشيات شرعية وقوة وحرية اكثر، خصوصا وانها منخرطة في صفوف الحشد الشعبي وباتت ترفع شعار الدفاع عن العراق  مستغلة ضعف الاجهزة الامنية وعجز الحكومة على مقارعة الارهاب الداعشي من جهة، والاطار الرسمي الذي اضطرت الحكومة ان تمنحه لها تحت لافتة الحشد الشعبي دون تمييز بين مكونات ومقاصد هذا الحشد واهدافه من جهة اخرى.

 

هذه المليشيات ليس لها علاقة بالمرجعية الدينية في العراق، ولا تأتمر بامرها، بل وتختلف في توجهاتها وحتى بعض معتقداتها على الرغم من ان الاثنين ضمن المذهب الشيعي.

فالمليشيات تهدف الى خلق حالة سياسية في البلد تخدم مصالحها سواء اكانت هذه الحالة تخدم غالبية الشيعة ام لا، وثانيا ان وجود هذه المليشيات هي لضمان استمرار نفوذ التطرف الشيعي وهيمنته على مقدرات البلاد وان كان هذا النهج بالضد ولا يخدم عامة الشيعة، وهذا الامر بات مكشوفا عبر انطلاق التظاهرات التي طالبت برؤوس قادة وممولي هذه المليشيات، ثالثا ان المليشيات المتطرفة لا تخضع لمرجعية النجف فهذه المرجعية لاتؤمن بولاية الفقيه، في حين ان المليشيات تأتمر بامرة مرجعية قم والتي ترى ولاية الفقيه هي من ضمن اصول العقيدة للمذهب الشيعي. لذا فان القائل ان المليشيات الشيعية المتطرفة لا تخدم مصالح العراق او مصالح شيعته فهو لا شك صادق.

 

خلال الفترة القادمة ستنشط هذه المليشيات داخل العراق، وستحاول ان تمارس دور الحامي لحقوق الشيعة (على الرغم من كشف اللعبة)، بل وستقف بوجه الحكومة والمؤسسات الدستورية للدولة، والدليل انها هددت اعضاء البرلمان في حال تم الصويت على قانون الحرس الوطني، وهذه  سابقة خطيرة لم يشهدها العراق عبر تاريخه الحديث.

 

ان قلق المليشيات الشيعية المتطرفة من قانون الحرس الوطني يكمن في ان هذا القانون سيمنح الشرعية لكل القوى المدافعة عن العراق، وهي ترى ان ذلك اضعاف لها، كما انها في حال اضطرت للدخول كقوة ضمن هذا القانون فأنها بين أمرين: اما ان تكون سيطرتها ضمن مناطق معينة وبهذا تفقد حريتها في الحركة وسطوتها عبر دخول مناطق اخرى، او انها ستلزم نفسها بالانصياع للقائد العام للقوات المسلحة وبهذا ستكون بلا حول ولا قوة.

 

المعطيات كلها تدل على ان نشاط هذه المليشيات سيتفعل وستحظى بدعم مالي كبير، وستدفع بالامور داخل العراق الى مزيد من التوتر، وقد تظطر الحكومة الى مواجهتها عبر اجهزتها الامنية، وهذا ما يجب ان يكون لتضييق الخناق على هذا الانفلات، وربما تكون هناك مواجهة اخرى مع المرجعية والتي ستظطر هي الاخرى الى اتخاذ موقف حازم منها، وان كنت لا اعتقد ان الامرين سينهيان وجودها ما لم يتم التخلص من بعض المفسدين الذين يرون في هذه المليشيات قوة حماية لهم، وكذلك القضاء على تنظيم داعش وانتفاء الحاجة لمثل هذه الظواهر المسلحة التي تجعل الوضع اكثر تأزما وقلقا.