11 أبريل، 2024 5:58 ص
Search
Close this search box.

الملك المكلوم: ج3: مُنسحِب يُملي شروطه

Facebook
Twitter
LinkedIn

لماذا نبحث في التاريخ؟. نبحث في التاريخ لأننا لا يمكننا الهروب منه، فهو يُسقِطُ آثاره علينا في وقتنا الراهن، ومنه نستمد الثقة والتوازن الحضاري والإنساني، ومنه يتشكل المستقبل. كما وتوجد وقائع مزيفة، وحوادث مثيرة، وغامضة، وقعت هناك. ومن الواجب القاء الضوء عليها. وقد نجد فيها حيفًا وظلمًا لحق بأشخاص إستوجب إنصافهم . ولعل هذا هو ما دفع الكاتبة ألأكاديمية الدكتورة إليزابيث درايسون للحديث عن الضيم الذي نال شخصية أبي عبد الله الصغير، في اتهامه بالتخاذل والجبن وإضاعة الأندلس. وإعتبرت أن ذلك ليس من شِيَمِه. وعبّرت أنّ فروسية وشجاعة أبي عبد الله الصغير تم تجاهلها أو تقزيمها باستمرار من طرف أغلب المعلقين التاريخيين. وترى درايسون أن بطولة الأمير الغرناطي تكمن في قدرته على الاعتراف بأنه لم يعد بالمقدور المقاومة. وبأن الخيار الوحيد أمامه هو إنهاء معاناة الأهالي الذين بلغوا مرحلة المجاعة والحصار المُهلِك. وتؤكد أنه تفاوض وحصل على أفضل الشروط لحماية شعبه من الإبادة، “ورفض التهور مضحيا بذلك بسمعته من أجل المصلحة العامة.”
فالباحثة درايسون تعيب على المؤرخين أنهم تجاهلوا “التضحية الكبيرة التي قام بها هذا الأمير من أجل إنقاذ شعبه، من مذبحة لن تُبقِ على أحد منهم، على يد جيش متحفز لدخول المدينة (غرناطة)، بأي طريقة وبأي ثمن”.(1).

بنود معاهدة تسليم غرناطة:
ذكر المقرّي التلمساني (ت ١٠٤١هـ) أن بنود المعاهدة أو إتفاق التسليم ، بلغت قرابة الستين بندًا أو شرطًا. (2) لخّصها في التالي: (تأمين الصغير والكبير في النفس والاهل والمال. وابقاء الناس في اماكنهم ودورهم ورِباعهم وعَقَارهم. ومنها اقامه شريعتهم على ما كانت. ولا يحكم احد عليهم الا بشريعتهم. وان تبقى المساجد كما كانت. والاوقاف كذلك. وان لا يدخل النصارى دار مسلم ولا يغصبوا احدا. وان لا يولّى على المسلمين الا مسلم او يهودي ممَّن يتولى عليهم من قِبَل سلطانهم قبل. وان يفتكَّ جميع من اُسر في غرناطه من حيث كانوا، وخصوصا اعيانا نص عليهم. ومن هرب من أسارى المسلمين ودخل غرناطه لاسبيل عليه لمالكه ولا سواه، والسلطان يدفع ثمنه لمالكه. ومن أراد الجواز للعُدوه لا يمنع، ويجوزون في مدة عينت في مراكب السلطان، لا يلزمهم الا الكراء، ثم بعد تلك المدة يُعطون عشر مالهم والكراء. وان لا يؤخذ احد بذنب غيره. وان لا يقهر من اسلم على الرجوع للنصارى ودينهم، وان من تنصر من المسلمين يوقف اياما حتى يظهر حاله، ويحضر له حاكم من المسلمين واخر من النصارى، فإن ابى الرجوع الى الاسلام تمادى على ما اراد. لا يعاتب على مَن قتل نصرانيا ايام الحرب، ولا يؤخذ منه ماسلب من النصارى ايام العداوه. ولا يكلف المسلم بضيافه اجناد النصارى. ولا يسفر لجهه من الجهات. ولا يزيدون على المغارم المعتاده. وترفع عنهم جميع المظالم والمغارم المحدثه. ولا يطلع نصراني للسور، ولايتطلع على دور المسلمين. ولا يدخل مسجدا من مساجدهم. ويسير المسلم في بلاد النصارى آمنا في نفسه وماله، ولا يحمل علامة كما يحمل اليهود واهل الدَّجَن. ولا يمنع مؤذن ولا مصلٍّ ولا صائم ولا غيره من امور دينه، ومن ضحك منه يعاقب. ويتركون من المغارم سنين معلومه. وأن يوافق على كل الشروط صاحبُ رُومه ويضع خط يده. وأمثال هذا مما تركنا ذكره.)(3)
الجدير بالذكر ولكي لا نُحَمّل أبا عبد الله الصغير المسؤولية الكاملة عن ضياع الأندلس ككل.لا بد من التنويه: أن معاهدة غرناطة تتعلق فقط بحدود مملكة غرناطة الجغرافية التي تضم قرى البُشرّات ، وادي آش، مالقة، رُندة، المريّة، لوشة، بيرة، بسطة…إلخ, أما ممالك وحواضر الأندلس الأخرى كقرطبة ، اشبيلية، سرقسطة، طليطلة، بلنسية،… وغيرها فقد دانت وخضعت لقوات قشتالة وأرغون في أزمان متقدمة على معاهدة غرناطة بكثير. بل وحتى قشتالة وأرغون كانتا من الممالك الأندلسية فيما سبق. وأصبحتا رأس الحربة الكاثوليكية في حربهم ضد مسلمي الأندلس التي يسمونها حرب الإستعادة. وعلى أي حال، فمعاهدة غرناطة لا تغطي سوى المملكة ألأخيرة المُتَبقية في جزيرة الأندلس، أعني غرناطة فحسب.

رضوخ قشتالة لشروط غرناطة!:
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف للمنسحب ان يُملي كل هذه المطالب أو الشروط؟، وأن يصوغ بنود هذه المعاهدة بهذا الشكل الحافظ للكرامة الإنسانية؟. تُرى ما هو السر الذي يجعل قوى دول الشمال المهاجمة والقادمة بقوة، وبقدرات عسكرية يصعب ردعها، أن تقبل بكل تلك الشروط والطلبات التي قدّمها من يريد الإنسحاب من الميدان؟، هل يعقل ان الضعيف المُحاصَر هو الذي يملي شروطه على القوي المنتصر؟، خاصةً وأنها ليست شرطا أو إثنين أو شروطًا قليلة، يمكن التماهي أوالتغاضي عنها، وإنما عشرات الشروط والمطالب!. وكلها مطالب أساسية للحياة الإنسانية وليست مطالب ثانوية. اليس هذا مستغربًا؟!، ما السر الذي يدفع المنتصر، المزهو بتقدمه وسيطرته، المُحاصِر لغرناطة المُطبِق عليها من كل جانب حد الإختناق، والذي أوصل اهلها للموت جوعًا ورعبًا حتى أكل الناس الخيول والقطط والكلاب. ما الذي يدفعهم للخضوع لإملاءآت الخاسر الذي على وشك أن ينسحب من ميدان المواجهة العسكرية والإدارية بالكامل؟. بل ويشترط مصادقة بابا روما على المعاهدة!، وهو ماحصل فعلاً.

أمور تفسر رضوخ قشتالة:
1- بنود إتفاق التسليم مؤشر واضح عن قوة وصلابة المفاوض الغرناطي بحيث يفرض شروطه، برغم الإختلال الرهيب في ميزان القوى بين مملكة غرناطة ومملكة قشتالة. وتعطي الإنطباع ان أوراق الضغط لدى الطرف الغرناطي في المفاوضات، كانت مما لا يستهان بها، ولعلها تتمثل في حصانة مدينتهم التي برعوا في إختيار موقعها ومناعة قلاعها واسوارها، وفي مواقفهم الحربية الصلبة، والمقاومة العنيدة التي تميز بها اهل غرناطة. فلقد أظهرت مقاومتهم وصمودهم أنها الأقوى في الأندلس وأنهم على أهبة الإستعداد للبذل. وإلّا ما كان تحالف الشمال ليرضخ للمطالب.
2- ان خضوع ممالك الشمال وتعهدهم بإمضاء كل تلك المطالب والإلتزامات، لم تكن سوى فخًا ومصيدة، وعملية إغراء، وحيلة سياسية. لطمأنة العامة من الناس في مملكة غرناطة، ليلقوا السلاح بأقرب وقت، وإنهاء حالة الحرب والمقاومة العنيدة التي كانت ترهقة وتكلفه الكثير من الأموال والدماء.
3- نحسب أن نيّة دول الشمال الإسباني (مملكة قشتالة بالذات بإعتبار ان إحتلال غرناطة كان من حصتها)، كانت مبَيّتة ان يكون الإلتزام بالتعهدات بشكل مؤقت لحين التمكن. فتضمنت تلك التطمينات والإمتيازات بل والمكارم، من قبيل إسقاط الديون عن أهل غرناطة مثلاً. وفعلاً أظهر ملك قشتالة فرناندو للْمُسلمين الْعِنَايَة والإحترام فِي الفترة الأولى، حَتَّى كَانَ النَّصَارَى يَغيرون مِنْهُم ويحسدونهم، وَيَقُولُونَ لَهُم: أَنْتُم الْآن عِنْد ملكنا أعز وَأكْرم منا. ولكن كان هذا بشكل مؤقت، فما إن إستتب الأمر لملك قشتاله، وأمسك زمام الأمور وأحكم السيطرة على ربوع غرناطة. نقض تلك الشروط تدريجيًا، وانقلب عليها، وبَدأ بتجاوزها شرطًا بعد شرط.(4)
(وكان من قضاء الله تعالى وقدره انه لما جاز الامير محمد بن علي وسار الى مدينه فاس، اصاب الناس شدّة عظيمه وغلاء مفرط وجوع وطاعون، واشتد الامر بفاس حتى فر كثير من الناس من شده الامر، ورجع بعض الناس من الذين جازوا الى الاندلس، فاخبروا بتلك الشده فقصّر الناس عن الجواز.
عند ذلك عزموا على الاقامة والدجن. ولم يجوّز النصارى احدا بعد ذلك إلا بالكراء والمغرم الثقيل وعشر المال. فلما رأى ملك الروم ان الناس قد تركوا الجواز وعزموا على الدجن والاستيطان والمقام في الاوطان، اخذ في نقض الشروط التي شرطوا عليه اول مره. ولم يزل ينقضها شرطًا شرطًا ويحلها فصلا فصلا الى نقض جميعها)(5).
4- إن النص على ان لأهل غرناطة حق، في أنّ من شاء منهم المغادرة الطوعية الى العُدوة (المغرب) فله ذلك، فهذا الشرط يرضي المنتصر، لأنه يساهم في تقليل نسبة تواجد المسلمين في غرناطة كما ان رحيلهم سيضمن بشكل كبير تفكك المجتمع الغرناطي العربي المسلم. ولهذا سهّلوا سبل المغادرة لمن أراد. وهيأ الحاكم الجديد ملك قشتالة للمغادرين وسائط الجواز الى المغرب. ومع ذلك هنالك وجه آخر من الإستغلال سقط فيه أهل غرناطة، فقد ضحوا بمعظم ممتلكاتهم وتركوها بأبخس الأثمان. فقد جاء في كتاب نبذة العصر: (فَمَا اطْمَأَن فِي الْبَلَد، سرح لَهُم الْجَوَاز وأتاهم بالمراكب إِلَى السَّاحِل، فَصَارَ كل من أَرَادَ الْجَوَاز يَبِيع مَاله ورباعه ودوره، فَكَانَ الْوَاحِد مِنْهُم يَبِيع الدَّار الْكَبِيرَة الواسعة الْمُعْتَبرَة بِالثّمن الْقَلِيل. وَكَذَلِكَ يَبِيع جنانه وَأَرْض حرثه وَكَرمه وفدانه، بِأَقَلّ من ثمن الْغلَّة الَّتِي كَانَت فِيهِ. فَمنهمْ من اشْتَرَاهُ من الْمُسلمين الَّذين عزموا على الدجن، وَمِنْهُم من اشْتَرَاهُ من النَّصَارَى. وَكَذَلِكَ جَمِيع الْحَوَائِج والأمتعة)(6).
5- كانت دول الشمال ترغب -على مضض – ببقاء البقية الباقية من الأندلسيين في البلد وأن لا يغادروا الى المغرب العربي. كان بإمكان الجانب القشتالي – خاصة بعد استتباب الأمر لهم- نقض الإتفاق بالكلية دفعة واحدة، والعمل على دفع جميع الأندلسيين للنزوح الى المغرب العربي. ولكن هذا لم يحصل. ويبدو أن هذا ليس لسواد عيون أهل غرناطة، وإنما لأن زحف الجبهة القشتالية بجيوشها الكبيرة كانت بحاجة الى الميرة والتموين والموارد المالية والخدمية لسد إحتياجاتها الذاتية. فلا بد لها من إستغلال وجود قَطّاعات من الأندلسيين الغرناطيين كأيدي عاملة ومهنية، فهم يحوزون على الأموال والثروات والخبرات والأيدي الماهرة، التي تحرك الإقتصاد وسوق العمل.
وكان خروجهم سيخلق نقصًا كبيرًا في الأيدي العاملة والمنتجة، مما لا يمكن تعويضه بسهولة. فهم أهل صنعة وأهل حِرَف وتجارة وزراعة. فإن خرجوا فلا بديل يحل محلهم، فالنزيل الجديد غالبًا سيكون من العساكر المحاربين وذويهم. وسيسبب خروج المسلمين ركودًا إقتصاديًا، وتتعطل ألحياة في البلد. ولذا كانت الحاجة الى إدماج العساكر والمستوطنين النصارى الجدد القادمين من الشمال ليتعلموا من الأندلسيين مهارة وفنون التجارة والمواسم الزراعية والحصاد والمهن الحرفية والفنية والنقش والبناء. التي أتقنها وبرع فيها اهل الأندلس. مما يفتقده المستوطنون الجدد، وخاصة أولئك المحاربين الذين كانوا قد انخرطوا في السلك العسكري، وانتفت الحاجة اليهم بإنتهاء القتال وعليهم أن ينضموا الى السلك المدني.
6- أنّ وجود مجتمع محدود من الأندلسيين مؤقتًا على الأرض، ضرورة لضمان رفد الحكم الجديد بالضرائب والرسوم عن تجارتهم وصناعتهم ومهنهم ونتاجات ارضهم الزراعية. وسَيَؤُول الأمر في النهاية الى إمتصاص تدريجي لثرواتهم والإستيلاء على املاكهم. فعمد الحكام الجدد الى إشعارهم بالإطمئنان والسلامة، ليشجع هذا الوضع الناس على أن يُخرجوا مخبوء ثرواتهم، ليستثمروا ألأراضي والأملاك من ابناء جلدتهم الذين نزحوا الى الساحل الافريقي. وعلى أي حال، تلك الاملاك ستنتزع وتصادر منهم لاحقًا بطريقة أو أخرى.
قال المقري: (ووضع عنهم المَغارم، حيلة منه وكَيدا، ليغرَّهم بذلك، ويُثَبِّطهم عن الجواز. فوقع الطمع لكثير من الناس، وظنوا ان ذلك البَرق ليس بخُلب، فاشترى كثير من المقيمين الرِّباع العظيمة، ممن اراد الذهاب للعُدوة، بأرخص الاثمان.) (7).
7- هل يمكن ان يُحتَسَب ما تعهد به ملك قشتالة من ضمان حقوق المسلمين وفق المعاهدة التي وقع عليها هو بادرة حُسن نيّة وكرم أخلاق وسماحة إنسانية؟ّ. لا، تاريخياً لا يمكن تصور ذلك لأحداث سابقة جرت في الممالك الأندلسية الأخرى حين إستولى عليها ملكي قشتالة وأراغون، ولعل أقربها ما حدث لمالقة، وإنتقام الملك فرناندوا من أهلها ومدينتهم أبشع إنتقام، ولم تحضَ بفرصة لمثل هذا الكرم والتسامح. كما إنه لم يفِ حتى بوعده للملك ابي عبد الله محمد بالإستقرار في قرية أندراش من قرى البُشرَّة وفق ماتصالحوا عليه في اتفاق تسليم مدينة غرناطة، وإنما أصرّ على ترحيله من قرى البُشرّات الى المغرب بعد فترة وجيزة من استيطانه في البُشرّات ، وكذلك تنصله من بقية بنود معاهدة التسليم، ولمّا تمضِ بضع سنوات بعد، مما هو اكبر دليل على ما عُرف عنه من مكر، ونية سوء مُبَيّتة، ساعة ابرام المعاهدة.
وهكذا يَحلُ الظلم البشري، وتغيب الكرامة والعدالة!، وتهدر الحقوق الإنسانية، ويتم التهجير التعسفي، والتنكيل بالأمّة الأندلسية، بشعب كامل، بإخراجه من دياره، وتجريده من أمواله وممتلكاته، ومصادرة دينه وحقه في الحياة. وما أكثر ما يحدث مثل هذا المشهد الظالم في زماننا الحاضر!. ويتجسد الأسى أكثر في أن ممارسات الضغط والتنكيل خُتمت بفرض التحول عن الدين الإسلامي بالإكراه، من خلال محاكم التفتيش سيئة الصيت.
8- هنال إحتمال نفسي وارد، لا بأس من إدراجه هنا، وإن كان مجرد نظرية يصعب الجزم بها. تتعلق بدواعي إعطاء التطمينات والتنازلات من قِبَل ممالك الشمال الإسباني. فبعد كل إخفاقاتهم وانتصاراتهم وحروبهم المريرة مع الأندلسيين، على مدى اربعمائة عام. ومع غرناطة على وجه خاص قرابة مائتي عام. لربما لم يكن يمر في خلدهم وامانيهم، إمكانية كسر المقاومة الغرناطية ألأقوى، وإزاحة نفوذ وهيمنة المسلمين عن سماء الأندلس بالكامل. فقد ترسخت بشكل عام جذور الأندلسيين تأريخيًا، لثمانية قرون. وخضعت لهم فيها شبه الجزيرة الإسبانية قاطبة، ولهم عمق وظهير استراتيجي على الساحل الأفريقي، قد يتخذ هذا الظهير خطوة نجدة مفاجئة تقلب الموازين. وقد يأتي المدد الحربي من جهة الشرق من السلطان العثماني الذي آزر الأندلسيين جهد المستطاع في محنتهم. ومن المنطق، ودرءًا لكل هذه الإحتمالات، وكردّة فعل نفسية أصبح الشمال الإسباني المسيحي على إستعداد لقبول وأعطاء أي تنازل، وأي شرط يطلبه الخصم العنيد ذو الجذور الغائرة في شب الجزيرة، مقابل إستسلامه وإنقشاعه من المشهد السياسي، بَلهَ خروجه من الجغرافية والتاريخ بالكُلّيّة.
أما ابو عبد الله الصغير فلم يكن بمقدوره الصمود أكثر من ذلك. والشيء الوحيد الذي كان بمقدوره فعله هو إنقاذ شعبه، والحفاظ على الحمراء، ودرّة الأندلس غرناطة من الدمار، لتكون للأجيال التالية شاهدًا ينطق بعبق التاريخ الأندلسي، وعظمة الحُكّام بُناة تلك الصروح الفنية، والمجد الحضاري التليد.
وعلى رأي الأديبة السرقسطية ماجدلينا لاسالا: أنه لولا موقف أبي عبد الله ذاك، ولو لم يُسلِّم مفاتيح غرناطة في ذلك الموقف المهين، لدخلت عساكر الشمال الإسباني للقصور عنوة، ولما كان هنالك وجود للحمراء اليوم.(8).

المصادر والمراجع:
(1) بورتريه، الموقف الأخير للمور.. كيف انتهت سبعة قرون من الحكم الإسلامي لإسبانيا للكاتبة الدكتورة إليزابيث درايسون. باحثة أكاديمية لآداب وحضارة إسبانيا واستاذة في جامعة كامبردج البريطانية. لأيوب الريمي. نقلاً عن موقع الجزيرة الوثائقية 17/10/2019م.
(2) يذكر صاحب كتاب (نهاية الاندلس وتاريخ العرب المتنصرين) محمد عبد الله عنان/ ص 244-251 / ط الثالثة 1386هـ- 1966م مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر / القاهرة. انها ست وخمسون مادة، ترجمها بالتفصيل معتمدًا على الصورة القشتالية. المحفوظة في دار المحفوظات العامة في سيمانقا. تحت رقم P.R. 11-207 ومن وثائق اخرى.
(3) نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب لشهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى، أبو العباس المقري التلمساني ج4/525 -526 تحقيق: إحسان عباس / الناشر: دار صادر- بيروت – لبنان / ط1997م.
كذلك: نبذة العصر في انقضاء دولة بني نصر وهو كتاب آخر أيام غرناطة ص41 لمؤلف مجهول، وهو رجل حربي عاصر الأحداث التي يرويها/ ضبط وتعليق الاستاذ الفريد البستاني الناشر مكتبة الثقافة الدينية / القاهرة ط1 1423هـ- 2002م.
كذلك: أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض لشهاب الدين المقري التلمساني. ج1ص67 تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الإبياري وعبد العظيم شلبي/ الناشر: مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر – القاهرة/ ١٣٥٨هـ – ١٩٣٩م.
(4) مصدر سابق: أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض ج1/68-71 . وانظر: نبذة العصر، ص 44. ونهاية الاندلس، ص 257.
(5) مصدر سابق: نبذة العصر في اخبار ملوك بني نصر، ص44.
(6) المصدر السابق: ص 127.
(7) مصدر سابق: ازهار الرياض في اخبار القاضي عياض، ج1 ص67.
(8) رأي الأديبة السرقسطية ماجدلينا لاسالا في أبي عبد الله الصغير/ مدونة صلة الرحم بالأندلس/ http://andalusway.blogspot.com تاريخ النشر في 23 يونيو 2013م.
خالد أحمد عبد المجيد
الرابط والصفحة https://kitabat.com/author/khaladabdelmagid-com/

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب