22 ديسمبر، 2024 10:05 م

الملح وصخرة الساحل : نجوى بن شتوان في روايتها (زرايب العبيد)

الملح وصخرة الساحل : نجوى بن شتوان في روايتها (زرايب العبيد)

إلى عشر سنوات وسنة، أمضاها في مدينة (إجدابيا) المهندس القاص والروائي محمد عبد حسن..
2
بمؤثرية الهيمنة العنصرية البيضاء: مستقبل الإنسان الأسوّد يكون كالتالي:(أطفال يجرّون أشياءً من القمامة إلى أكواخهم، طيور الدجاج تسرح بحثاً عما تأكله، قطط تقتفي الظل لتنام، كلاب تهزّ ذيولها وتمد ألسنتها طلباً للهواء البارد، نساء فقيرات يذهبن هنا وهناك ويتحدثن ويتحدثن../ 122 )..هذا المشهد المبأر من خلال عينيّ صبرية يجسّد قسوة عيش السود في( زرايب العبيد) وهذه القسوة هي نتاج سيادة (الكفاءة الأقتصادية) البيضاء المطلقة التي تنبذ أي نوع من (الكفاءة الاجتماعية)*
من خلال قراءتي وتكرارها يتبين : لا سلطة آنذاك في بنغازي سوى سطوة التاجر أما السلطة الدينية فهي محض ظل تنفيذي لهذه السلطة. فالتاجر هو الأساس والرئيس لذا كل شيء بمشيئة التجار وأوّل الأشياء : حياة الإنسان الأسود وموته وهكذا يحصل التاجرعلى (زيادة الثقة في المستقبل أيضا..) لكن صبرية عمة عتيقة، حاولت تأثيل سرديةً سوداء مضادة للعنف الأبيض (حدثتني عمتي صبرية أنها تجمع المال كي ترسلني إلى مدرسة محو الأمية عند بنت فليفلة، وأشرع عبر التعليم في تغيير شكل مستقبلي قبل أن أكبر ويكبر معي في زرايب العبيد../24) وبعد تحرير العبيد من قبل الاستعمار الإيطالي سيقوم رجل أبيض متمرد للمرة الثانية على بياضه المتعالي ويناصر البشرة السوداء، وبمناصرته ينتج سردا مضادا ويسعى لإعادة حق عتيقة وحق أمها تعويضه، مِن الأسرة الثرية البيضاء
(*)
توقفتُ عميقا في عملين جميلين للدكتورة نجوى بن شتوان : (صدقة جارية) و(زرايب العبيد) العمل الأول قصص قصيرة مشوّقة ومهمومة بما يجري الآن. في القصص يتمازج الغرائبي مع المألوف.المعدات الثقيلة للأرهاب تكتسح القبور والمباني وتقوم بتصفيات مزاجية للبشر ..كما أن تكرار قراتي للعمل الثاني ، دفعني لكتابة هذه القراءة المنتجة عن (زرايب العبيد)
(*)
تتحرك الرواية بين الفعل الأبيض المستأسد ورد الفعل الأسود المستضعف :(21- 22-55-108- 144- 181- 192- 198- 205- 239)
لكن الجوهر المتفرد بنصاعته يكمن في خصوبة السواد :فالمرأة البيضاء : فرض واجب/ عقد عمل تجاري.لا تستهوي الرجل الأبيض ولا تنتج وريثا أبيض. والمرأة البيضاء تستقوي بالشعوذات وتتقن فن التعذيب ويبلغ التعذيب أعلى مراحله في فصل(الطفل مقابل اللحم) بعد ليلة شاقة سهت تعويضه عن تعليق الذبيحة في المكان المتفق عليه، فعاقبتها المرأة البيضاء المسلمة اللالاعويشة، بتعليقها من يديها وصغيرها معها على الأرض يصرخ يريد رضاعة ً وتعويضه تصرخ تستغيث(أرجوكم فكوا وثاقي فقط أرضعه. الرحمة يا ناس/ 255 ) مشهد بشع جدا كان حليب تعويضه يبكي (يهطل من صدرها لا إراديا ويبلل ثوبها الممزق مختلطا بدمها وعرقها كما تختلط استغاثاتها بصوت أذان الجمعة)!! ثم تأتي اللطمة الأقوى للعائلة الثرية التي أسرفت في طغواها، كانت العائلة تذبح ذكورتها بيدها فالرضيع الذي منعوه من حليب أمه هو ابن محمد الذي يتسرى بتعويضه!! محمد الذي انجبت له زوجته ثلاث بنات.ومن تحدى الثراء الفاحش هو العبد سالم وشهر الساطور وكسر القفل لينقذ تعويضه،نلاحظ أن العائلة المتعالية تعرف قيمة الذهب جيدا وتباهل بأعراسها وطقوسها الدينية.. لكن يبدو هذا هو حدود سردياتها الاجتماعية.. أما السردية الأهم التي تتجنبها فهي سردية الرحمة فهذه العوائل البيض عاطلة عن انتاج الرحمة بين الناس .
(*)
في ص172 تمنحني الرواية صورة/ سيرة وجيزة للشخصية المحورية تعويضه
حيث تقوم تعويضه بتقديم وجيز لحياتها ولمسؤوليتها الصعبة في ذلك المجتمع الخانق المسحوق المهمل وكأن كل ذلك التغريب المجتمعي لا يكفي فتستعمل القوات الإيطالية سرد النار بذريعة تفشي الطاعون في زرايب العبيد.. على سخام صدى النار التي أضرمها العسكر الإيطالي في العبيد المصابين بالطاعون: تعلن بكل مراراتها تعويضة :
(إنني ميراث من لم ينظروا لموتاهم،
أغلقوا لهم أعينهم كي لايروا القسوة،
وترك فيها منفذاً فقط للدموع.
إنني نبتُ ما سقط من تلك العيون)
أن سردية نار العسكر الإيطالي سردية فاشية فمن (احتجزتهم النيران هناك كانوا أحياءً عندما رشت السلطات الكاز والبنزين وأشعلتها بمن فيها ومافيها../ 169 )
وللجارية تعويضه خصوصية المنزلة والمقام: لدى محمد المفتون ولسان حاله يقول( أنا لا أبحث عن جسد يتشابه عند كل النساء،أنا أبحث عن روح مختلفة لم أجدها إلا معها، لم تُعط إلا لها، فما الجدوى لو كنت كل يوم مع امرأة لا تمتلك تلك الروح التي أحب وأريد؟ / 279 )
(*)
ما الفرق بين الحكّامة في رواية سميحة خريس (بابنوس) وبين (بوقا) في رواية نجوي بن شتوان؟ كلتاهما من العبيد لكنهما يختلفان بالتموضع المجتمعي. بوقا
عاشت (كالمتسولة بعد أن رفض شراءها كل من علم بقصتها مع أبناء الجان وبلغه أنها مخاوية : لها علاقات مع الجان .ولها عائلة أخرى وأنها معشوقة من قبل جني أحبها فأحتجزها له، حتى أنها لم تعاشر رجلاً ولم تدع رجلا يعاشرها../ 137 ) بينما الحكّامة: سيدة قومها طوعا لا كرها ما عدا ذلك فهما متشابهتان بمكانتهما العالية بوقا بيدها من مفاتيح الما ورائيات، لذا (أخذ الناس من عرب وزنج يطلبون مساعدتها في المسائل التي تعضل لهم../ 138 ) بوقا ترى اللامرئي ثم تنقل ما تلقته عيناها إلى شفتيها فمسامعهم: تصف أشخاصا لا أحد يعرفهم من حولها، أو تتذكر سردا أفلت فتكرره على مسماعهم عن سفلة وقتلة وصائدي العبيد.
(*)
عناية الأسياد بعبيدهم لا تنبت جذورها في السماء، بل من باب الاقتصاد المنزلي، فالسيد حين يقوم بتزويج عبيده من جواريه فهو يوفر(نفقات شراء خدم جدد للعائلة وتدريبهم، حين يتقدم الخدم الآباء في السن ويهن العظم منهم ويصبحون غير قادرين على الحركة../ 210) لكن العبيد أيضا يحلمون بالأجنحة، لذا يرفضون أن تكون العبودية أرثاً لذريتهم ولهذا السبب فأن جاب الله يخاطب زوجته عيده( إنني لا أرغب في إنجاب أطفال الآن ونحن لا نزال عبيداً. ببساطة يعني ذلك أن يرثوا عبوديتنا، ونحن حقا نكره ذلك /317 )
يفعل جاب الله ذلك وهو ينتظر اللحظة المناسبة ليكّلم السيد ويقنعه.. وستأتيه الفرصة.من جانب آخر فأن العبيد يمكن استعمالهم لتسديد الديون، ويمكن أن يكون في البيع حيلة فقهية كما فعلوا مع تعويضه، إذ كتبوا بالعقد (وفقا لصيغة تثبت بها أن تعويضه اشترت حريتها من السيدة مقابل عملها عند الفقي، ستظل عنده حتى يستوفي منها ثمنها كاملاً، لن يكون بوسعها المغادرة ما لم تسدد الدين../ 265) وإذا أبقت هذا العبدة، فهي ناشزٌ، وفي حالة العثور عليها سيقام عليها الحد في ميدان عام بأمر قاضي المحكمة والأمر من هذا هو التلفيق الفقهي في هذا الجور، فتعويضه في الربع ستُباع لتاجر من مصراته، ليصبح هو المالك الجديد…والمستفيد الأوحد من كل هذه القسوة هو : اللالاعويشينة فقد استطاعت استكمال الحلي الذهبية لشخصها بثمن تعويضه!!
(*)
يتم عتق العبد بمشروطية فقهية، لكن الذين لا علاقة لهم بالدين الإسلامي الحنيف هم الذين حرروا عبيد المسلمين كافة وهو العتق بالقسوة وهكذا اصبح العبيد (مدينين لتحررهم بمجيء سيد ٍ آخر انتزع الملك من أسيادهم. جاء الإيطاليون إلى ليبيا وطردوا العثمانيين وتغيّر النهج كاملاً عندما ورثوها منهم..
إيطاليا ألزمت الأسياد ممن لديهم عبيد بتسجيلهم على أسمائهم أو منحهم حريتهم ليختاروا تسجيل أنفسهم رسمياً /338 ) إيطاليا تعاملت بمكر المستعمر فهي حررت العبيد واستعبدت ليبيا.
على مستوى تلك العائلة الثرية المستبدة التي استعملها السرد الروائي، دخلت في محاكاة مع مكر المستعمر الإيطالي .. في الفصل الأخير (ما تحت الأرض يعادل ما فوقها) وبشهادة علي (هكذا تحوّلنا إلى عبيد ٍ من نوعٍ ٍ آخر، عبيد غير مرئيين ندير تجارة غيرنا ونعيش بما يقتسمونه لنا، لكنهم أبداً لن يسمحوا لنا أن نطاولهم في البنيان ../ 346 )

2-2
سرديا كانت المؤلفة جاهزة لهكذا رواية فهي تمتلك رأس مال ثقافي من خلال رسالة الدكتوراه وهي عن تجارة العبيد في ليبيا وتقسيماته من فترة (1552- 1911) وتثبيت اسم (شتوان) للعائلة الكبيرة (عتيقة بن محمد بن أمحمد بن عبد الكبير بن علي بن شتوان) يوحي لي أن الرواية لا تخلو من سيرة روائية وليس رواية سيّرية للمؤلفة نجوى بن شتوان .
*الرواية تبدأ بسارد نسبي يتناول لحظة راهنة صافية ومكتفية بذاتها يخترق اللحظة رجل يقرع باب بيت عتيقة ويواصل السارد النسبي عمله إلى النهاية في الفصل الأول (القدر يجمع ويفرق)
*الفصل الثاني( لاتغلق باباً فتحه الله ) البث ُ يكون بضمير المتكلمة : عتيقة يتخلل سردها محاورتها مع زوجها يوسف حول يومهما الصحي فكلاهما يمتهن الطبابة وينصحها زوجها يوسف أن تلتقي بالخال علي بن شتوان
* في(اِحك ِ لي أنت الحكاية) وهو الفصل الثالث يكون الظهور الثاني للسارد النسبي ويتخلل السرد محاورة بين الخال علي شتوان وبين عتيقة ويطلب منها أن تحكي له
* يبدأ صوت عتيقة بالتسيّد في فصل (في الإرسالية) فنعرف منها بعض مجريات حياتها
* في الفصل الخامس(أنا التي أبدو في الصورة) يتبأر سرد عتيقة ضمن حيز ورقي يؤبد لحظة عابرة من عمل شاق يتم فيه غربلة الرمل وحين تخرج من سرد الصورة تدخل في سرد المرآة، وبين السردين عدة أيام. وهنا الفقر المدقع فلا يوجد سوى امرأة واحدة لديها ما تبقى من مرآة والرؤية ليست بالمجان بل بالمقايضة !! وهنا يكون للمرآة سطوتها على الوجه وعلى ذمة عتيقة (عندما رأيت البنت التي هي أنا لم يحدث أن رأيتها من قبل،بل إن اختراع المرآة أذهلني حتى أُخذت ُ به أكثر من وجهي../37 ) والفصل السادس أيضا بضمير المتكلمة : عتيقة(قرن الفلفل) وهذا الفصل رد فعل قاس على فعل المرآة أما الفصل السابع (أنا خيط وهو حيط) فهو تتمام للفصل السادس من ناحية ردع لتصرف لا إرادي قامت به عتيقة. وهو فصل غزير بالعقل البري فيه علاماتيات وفيرة تستعمل عن التمايز اللوني بين الأبيض والأسوّد، فأولوية الدخول للأول أعني المرأة البيضاء فقط أما السوداء فهي ملك مشاع !! وهنا الشرارة الأولى لوعي عتيقة
(لم يعِ عقلي سوى أن الأحرار هم ذوو البشرة البيضاء: أناس ليسوا مثلنا في كل شيء، لا يشبهوننا حتى وهم يشبهوننا.. لست أدري لَم هم السادة ونحن الخدم. لقد كان البياض بيننا وبينهم وليس السواد، هذا ما كنت أدركه دون تفسير. بشرتهم غير السوداء عاجزة عن الاقتراب منا لإلغاء المسافة بل هي أو حجر في المسافة../ 48) هنا صدمة البياض في عينيّ عتيقة، وهنا قراءتها لسردية التمايز الطبقي ..وهكذا يتبأر السرد أيضا في الفصل السابع(تمر الأصابع) وكذلك في فصل (أخي في كتاب الله) وهو الفصل الثامن تنوب عتيقة عن مفتاح في سرديته وتشخص عتيقه فيه (أنه يفكر في هويته، يطلب منها أن تحدثه عن أهله/80 )
هنا تؤثل عتيقة تجسيرا سرديا بين مفتاح وصبرية لتخبرنا وجيز سرد صبرية لمفتاح ويمكن أن ننضد سرد صبرية ضمن السرد الكاذب عن غرق عائلة مفتاح
أثناء اجتياح البحر للزرايب ) وفي ص312 سنعرف أن مفتاح ولد سفاح انجبته أمه في ماخور وأن تعويضه هي مَن أطلقت عليه اسم مفتاح وحمته من الموت
في الفصل التاسع (كل له مفتاح ضائع يبحث عنه) يعود مفتاح بذريعة العمل إلى أمه الحقيقية/ 92 كما يخبرنا السارد النسبي ويواصل السارد نفسه في الفصل العاشر (حصان من الريح) والفصل الحادي عشر(ساسي يأتي واسقاوه تذهب)
في الفصل الثاني عشر تظهر الساردة عتيقة( عبد وجمل وغاب) وفي الفصل الثالث عشر (سليل الفجارات) في (آه ياعيني يا داي) الفصل الرابع عشر نكون مع سرد مفارق اطلق عليه (سرد بوقا) نسبة للمرأة التي دأبت على رواية حكايات قديمة بتفاصيل مرئية عن قوافل عنيدة تتوغل في أفريقيا لصيد العبيد
وبوقا تستعمل الاطفال مرايا لسردها فيخترقون الزمن والأمكنة، وحين ترى اللامرئي تظل تبكي لأيام أطفالا في القافلة يحتضرون من العطش والجوع فجأة ترى بوقا أخيها مع أولئك الأطفال ورأت الغربان(تستدعي بعضها وتحط على رأسه وتنقبه حياً بينما هم يبتعدون../140 ) هنا تبادر يدٌ وتقطع بث السرد البشع لعينيّ بوقا..يعود السارد النسبي في فصل (المهاريسي) ليستأنف البث الذي انقطع لدى بوقا.. تعاود فيها الساردة عتيقة بثها في الفصلين (شارع تفاحه) و(دكاكين حميد) ويقوم السارد النسبي في بث فصل (بنت القرنفل). فصل (الجرد والكاغد) تسرده النار الحارقة للمطعونين والمطعونات بالطاعون، النار التي يضرمها العسكر الإيطاليين في زراريب العبيد، وتنوب عن هذه النار في السرد عتيقة (كانوا يدافعون عن مكانهم المسحوق دفاعاً يائسا لكنهم دافعوا…/ 166 ) وستحترق صبرية دفاعا عن مستند شرعية عتيقة( كاغد اعتراف أبي المعزّز بجرده،سترة الرجل وغطاءه وشرفه../ 168) ما بين القوسين يعيدني إلى ص5 حين ترفض عتيقة أن تضيّف الزائر الغريب في بيتها ليفهمها سبب زيارته، فيدس ما بين الباب والعتبة (روزنامة ملفوفة رُبطت بخيط /5 ) يظهر مجددا السارد النسبي في فصل (الحريق) ليفتتح سيرة البدء بين تعويضه والسيد محمد الصغير، هنا ولأول مرة يكون الفعل للسواد ورد الفعل للبياض، وتخبرنا تعويضه (لم أعد أشعر بأني جارية تُسرّي عن سيدها،فأنا الأخرى أتسرّى به.. في الحب هو عبدي أكثرمما يبدو العبد العادي..إنه رجلي وليس سيدي../ 192 )
ستبث تعويضه فعلها في روح وعقل وجسد السيد محمد الصغير،الذي لا يستهويه اللون الأسوّد المؤنث وبالنسبة لتعويضه ( إنه أول رجل تتمكن من رؤيته بهذا الحد من الرؤية / 178) تلك الليلة لم يتم أي تلامس بين السيد الثمل والجارية التي تخلت عن فراشها له وجلست يقظانة على الأرض حتى استيقظ صباحاُ، فتفاجىء (كما لو أنه نام في حضن الخادمة وليس في فراشها، وكما لو أنها لم تنم عند الباب ../182 ) لقد بثت تعويضه سرد رائحتها فيه فهو (شمّ في نفسه روائح الخدم التي لا تعرف في سواهن) بعد أيام حين دخل الرجل الأبيض محمد إلى السوق الصخابة تعود ( إلى أنفاسه رائحة الفتاة السوداء التي نام في مرتبتها وعلقت به رائحتها دون أن يمسسها منه شيء…/ 187) ويواصل السارد النسبي حضوره في فصل (مساء الخير.. صباح الخير) هنا تتفكك الرائحة بصيغة سؤال من أنوثة تعويضه (هل حقاً يرغب رجل بوسامته خادمة بسيطة مثلها؟ / 188 ) وينتقل بنا السارد النسبي إلى فصل (العودة) ومنه إلى فصل (نوار الورد) سنحصل نقلا عن السارد النسبي إلى وجيز سرد من تعويضه إلى عيديه (حدثتها تعويضه عن ليلة مِلؤها السحر والغرام فتنها فيها سيدها بكل الأساليب../ 197 ) وهكذا تتناوب السرود وفي ص312 يتحول سرد تعويضه بضمير المخاطب إلى نفسها يلي ذلك يدخل ضمير المتكلم على لسان صاحبة الماخور…بالطريقة السردية المتناوبة تتخلص رواية (زرايب العبيد) من الترهل..
———————————————————————-
نجوى بن شتوان
زرايب العبيد/ دار الساقي / 2016
صدقة جارية/ دار الساقي / بيروت / 2019
*الكفاءة الأقتصادية / الكفاءة الاجتماعية : انظر كتاب (الرخاء والسلطة ) للعالم الاقتصادي منصور أولسن/ ترجمة : ماجدة بركة/ المنظمة العربية للترجمة/ بيروت/ ط1/ 2003
*بخصوص شخصية الحكّامة : راجع مقالتنا عن (بابنوس) رواية سميحة خريس في المواقع الثقافية