لاشك ان المكتبات الخيرية العامة ، مشروع ثقافي وعلمي مهم جدا آن أوان انطلاقه للفائدة العامة جماهيريا في كل مكان ، بالامس القريب اتحفنا الاخ الحبيب والكاتب المبدع اللبيب ،حامد الفلاحي ، على صفحته الشخصية بإفتتاح مكتبة عامة في مدينة الفلوجة الحبيبة تحمل عنوانا جميلا ” الجليس الصالح ” وقد اعجبتني الفكرة ، وبناء عليه دعونا ننتهز هذه المناسبة السعيدة سواءا اكانت تلكم المكتبة خاصة لبيع الكتب ، او عامة للقراءة والمطالعة مجانا او بأجور رمزية ، لنجدد الدعوة الى اطلاق مبادرة ” المكتبات الخيرية ” للفائدة العامة وللصالح العام في كل الاحياء والمدن العراقية وذلك من خلال التبرع بالكتب النافعة من قبل المحسنين ، بمشاركة المثقفين ، بإسهام الخيرين ،بالتنسيق مع الاساتذة والمعلمين والمدرسين والاكاديميين والكتاب والباحثين والمؤلفين والاعلاميين والمهتمين ووقفها لوجه الله تعالى مجانا لتكون متاحة امام الكتاب والباحثين وطلاب العلم عامة ، وطلبة الدراسات الاولية والعليا خاصة ، وكم اتمنى لو ،ان”الاموال التي تهدر على مجالس العزاء والتي لاتسمن ولاتغني من جوع ان تتحول لتأسيس مكتبات مركزية عامة من باب الصدقات الجارية والعلم الذي ينتفع به وجعلها ثوابا على ارواح امواتنا واموات المسلمين ، كذلك تضمين الـ” وصية” وقف المكتبات الشخصية بعد وفاة أصحابها، كل كتبها او جلها او نصفها او ربعها وهكذا دواليك ، وحبذا لو ان هذه المكتبات تحمل عناوين جميلة مستلهمة من آيات الذكر الحكيم وومستنبطة من السيرة النبوية العطرة وتراثنا الخالد ، نحو ” اقرأ” ،”زدني علما “،” الحكمة “، “زاد العقول “،” الفكر “، “زبدة المعارف “،”خير جليس “،”اصدقاء الكتب” ،”رحيق المعرفة “ونحوها .
واقترح على كل كاتب ومؤلف ومبدع ينتهي من تأليف كتاب قيم جديد وفي شتى التخصصات وبمختلف المجالات أن يهدي نسخة من كتابه الجديد الى تلكم المكتبات لتكون بمثابة صدقة جارية له وعلم ينتفع به من بعده .
كما اقترح اقامة ما يعرف بالمقاهي الثقافية او الصالونات الادبية لتلحق بكل مكتبة من تلكم المكتبات على ان تقام خلالها فعاليات فكرية ، علمية ، ثقافية ، حوارية ، ادبية ، اسبوعيا في يوم محدد عدا يوم الجمعة ، ولابأس من ان تكون عبارة عن ، اصبوحات تقام بين العاشرة صباحا وحتى صلاة الظهر ، أو أمسيات بين المغرب والعشاء ، تماما كما كان عليه الحال في ” مكتبة حمدي الاعظمي “حيث كنا وفي كل يوم اربعاء على ما اذكر نحضر جلسة مسائية في غاية الروعة يجتمع فيها ثلة من عمالقة الادب والإعلام والفكر والثقافة والفلسفة ليتحفوننا بما يخلب الالباب ويوسع المدارك ويتحف الاسماع ويأسر القلوب ،وكان يدير الجلسات والحوارات ويقدم الشخصيات آنذاك ، المؤرخ والخطاط والشاعر العراقي المعروف وليد الاعظمي رحمه الله تعالى ، وذلك في أمسيات مفعمة بالمشاعر الاخوية الجياشة وبالطروحات الادبية الشائقة والثقافية الرائعة وفي شتى المعارف والمواضيع يتخللها توزيع الشاي والقهوة والحلويات والمياه بين الحضور .
ولابأس من ان تنسق ادارات تلكم المكتبات ومجالسها الادبية والمعرفية فيما بينها شهريا فتستضيف مكتبة العامرية العامة على سبيل المثال ، نخبة من مكتبة شارع فلسطين والعكس بالعكس ، ولابأس ان تهدي مكتبة اليرموك العامة على سبيل المثال ،مكتبة البلديات كتبا جديدة غير متاحة عندهم ليزينوا بها رفوف مكتبتهم ، لتهدي المكتبة الثانية بدورها ومن باب رد الجميل لتعميم النفع نظيرتها الاولى ما ينقصهم من كتب وفي اي مجال ثقافي ومعرفي وادبي وهكذا دواليك.
كما اقترح على ادارات تلكم المكتبات تخصيص ايام محددة لتوقيع المؤلفات والاصدارات الجديدة بأقلام كتابها ، والانفتاح على مكتبات مماثلة عربية (واخص بالذكر منها المصرية والاردنية والجزائرية والسودانية والتونسية والكويتية ) أو اقليمية ( لاسيما التركية ) ، أو عالمية ( وبالاخص الانجليزية والماليزية ) والتواصل فيما بينها الكترونيا مع تخصيص صفحة خاصة لها على الفيس بوك وبقية المنصات المهمة ، وحبذا لو اصدرت كل اربعة اشهر كراسا صغيرا مصورا يضم مجمل نشاطاتها خلال الاشهر الاربعة لتشجيع القراء على زيارتها ومتابعتها والافادة منها والتواصل معها .
كما اقترح على ادارات تلكم المكتبات الحيرية تحميل بعض الكتب القيمة والمعتبرة والرصينة والتي لم تحظ بالتحميل الالكتروني سابقا على المواقع المعتمدة المجانية للفائدة العامة ..ولايفوتني التنبيه على اهمية وجود المكتبة الالكترونية الشاملة في جانب منها لغرض الاستعارة أو الاهداء وبالاخص للمصادر المفقودة او تلك التي يصعب الحصول عليها في تخصصات علمية صرفة كالطب والهندسة والصيدلة وامثالها .
ولله در القائل :
أعَزُّ مَكانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سابحٍ …وَخَيرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ