أخي العزيز علي التميمي
قرأتُ مقالك في “كتابات” الغراء، وبودي أن نحتكم إلى ما جئتنا به، ليس لغيره، وغايتنا أن ينظر العراقيون إلى التاريخ بعقولهم وأفئدتهم. تبدأ مقالتك بالآية القرآنية الكريمة من سورة المائدة، ونستطيع أن نحتكم معك إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، فنأتي بكل ما يزيدنا احتراماً لليهود، أما إذا كان الحال أنهم عراقيون يحبون العراق، فيزداد الإحترام، ويكبر الحب. لكن المحزن أن ما تستشهد به متغير، يثبت عكس ما تريد، فها أنت بعد الآية الكريمة تستشهد بالحديث النبوي الشريف، ولكنك لا تأتي به كاملاً، قتأخذ نصفه ظاناً أنه يتناسب مع دعواك. قال رسول الله (ص): “لا ترغب في زاهدٍ فيك، ولا تزهد في راغبٍ فيك.” فإذا كان اليهود العراقيون ما زالوا راغبين فينا، فهل يجوز أن نزهد فيهم؟ يأتي بعد هذا مباشرة استشهادك بكلام سيدنا عليّ كرم الله وجهه، والموجه أصلاً إلى الوالي مالك الأشتر: ” الناسُ صنفان: أما أخٌ لكَ في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق.” ومعنى الأخير أن هذا أخونا في ذاته، نحترمه لذاته، ذلك أنه يحس مثلنا، ويتألم مثلنا. فهل تعتقد أن يهود العراق بلا حس، وأنت الطبيب؟ واضحٌ تماماً أن ما أتيت به من قولين ينسف مقالتك من الأساس، إذ يبدو أن الديني مخلوط عندك بالسياسي. أما الذين يكتبون عن يهود العراق اليوم، فلا يمنحون إسرائيل الحجة بلائحة ديونها على العراق، فهذه كما تعرف منصوصة في “البند السابع” الأول، الذي وهبه ساسة العراق الرعن إليها عن طيب خاطر. كيف لي، ولك، نحن المستضعفين في الأرض، أن نمحو ما هو مسجل رسمياً بالأمم المتحدة؟ أما حاجة مجتمعنا إلى ذلك فأرى أنها للم اللحمة الوطنية العراقية. ألم تسمع بذبح العراقيين على الهوية؟
تقول إنك شاهدت في طفولتك مغادرة اليهود لبلدهم العراق، وكان لكم شركاء في تجارة الغنم من اليهود. وواضح من كلامك هذا أن حق الناس مقيّد في الشرط الثالث من حقوق الإنسان في الإسلام، وهو حق الإتفاق، بغض النظر عن الدين. وهنا أيضاً تنتفي الحاجة إلى دعوى مقالك. ثم تستطرد وتقول إنك دخلت بيت جارك اليهودي ووجدت النساء يخفين النقود في الكباب العراقي، وكلامك هذا لا يحتاج إلى تفسير من السيد الوالد، ومعناه واضح أن جارك قد حرمته الدولة العراقية حقه الأول بماله الخاص، فهل هذا جائز في الإسلام؟ ثم تمضي أبعد من ذلك فتقول إن السيد الوالد سأل جارك اليهودي عن سبب هجرته المفاجئة، وتركه العراق، فقال اليهودي: ” أريد أن أذهب إلى قبري،” وأطلب منك، ومن كل العراقيين، أن يضعوا ألف خطٍّ، وخطٍّ تحت هذه العبارة التي إن عنت شيئاً فتعني أن الرجل مكرهٌ لا بطل، ذاهبٌ إلى الموت، إلى الجحيم، فهل تريد دليلاً آخر على حبه للعراق أكبر من هذا؟
هذه ملاحظات بسيطة جداً، أخذتها من كلامك أنت، ولم أتعرض من قريب أو بعيد إلى السياسة أو التاريخ، فهناك الكثير من الاخوة الذين على علم ودراية بهذين أحسن مني، فنتركها لهم.
تحياتنا لك، ولكل العراقيين النجباء. دمتم، وداموا على المحبة والخير.