23 ديسمبر، 2024 12:12 م

بات من المؤكد إن الولايات المتحدة حزمت الأمر, ومعها دول غربية وإسلامية وعربية على ضرب سوريا .وما هي إلا أيام حتى تتوجه الصواريخ العابرة للقارات والقنابل من القاذفات الستراتيجية, التي ستنطلق من حاملات الطائرات ,وربما من بعض القواعد في بلادالعهر الأسلامي والعربي لضرب سوريا. والعذر هو معاقبة النظام السوري لأستعماله السلاح الكيمياوي. تلك الحجة التي برووا بها فعلتهم وعدوانهم على العراق. وذقنا منها الويل و مرارة التجربة. فلم تكن العقوبة إلا للشعب العراقي الذي رزح تحت نير حكم كان ممكناً إزاحته عام 1991. ولكنهم تعمدوا الإبقاء عليه ليذلوا الشعب العراقي, ويجوعوه ويعيدوه للوراء قروناً  ويبعدوه عن ركب المدنية والحضارة, بعد أن عزلوه عزلاً تاماً عن الشعوب والأمم.  ومنعوا عنه كل وسائل الإتصال بالعالم. وستكرر التجربة مع سوريا , حيث ستسقط القنابل والصواريخ حتماً على رؤووس إخوتنا السوريين وتهدم مساكنهم وبناهم التحتية بحجة الخطأ .وسيبقى النظام أو ربما على أفضل حال ضعيفاً مع الحفاظ على إستمرار النزاع المسلح,لأنهاء سوريا وتفتيتها.وهذ أكيد .
والمهم هنا أن نتدارس تداعيات الحالة وإفرازاتها , خاصة على العراق وماذا سيجري فيه؟ والصورة واضحة فقد نشط الأرهاب منذ أن بدأ الصراع السوري. وتقاطر الأرهابيون على العراق , وعلى الأردن وتركيا. ليسهل لهم الدخول للأراضي السورية. وصار العراق وسوريا ساحة واحدة للعمليات التي يسمونها جهادية.وصرنا نرى كل يوم تفجير عشرات السيارات المفخخة.  والهجوم على القطعات العسكرية بات أمراً مألوفاً. وهروب عتاة المجرمين حدث عنه ولا حرج.ومقابل هذا ضعف واضح لقوات مسلحة مترهلة ومؤسسات أمنية لا تصلح حتى للأعمال المكتبية.ضباط برتب لم يتخرجوا من أكاديميات عسكرية ولم يطلِّعوا على أبسط العلوم العسكرية. فقد دخلوا سلك العسكرية برتب فخرية من باب المحاصصة الطائفية والعرقية والقلاقات الشخصية والحزبية. فهم بعيدون كل البعد عن روح العسكرية ومفاهيمها وقوانينها وأساليبها المهنية.
  والمهم أن نعلم إنه عندما سينفلت الأمر ويتدهور الأمن  أكثر بعد الضربة الأمريكية, التي ستكون ثقيلة موجعة لمراكز حيوية للقطعات السورية الهامة وستتمزق القوات المسلحة والجيش السوري بالتأكيد, وتتفكك كما حدث في العراق وهذا هو الهدف والمطلوب لتنعم إسرائيل بالسلام. ستكون هناك إنشقاقات أكثر, لدواعي عدة عرفناها في العراق. ومنها شراء الذمم وبيع الضمير بالمال الذي ستدفعه السعودية وقطر والأمارات. التي تتحرك بريموت كونترول أمريكي, وبدافع من طائفية كريهة خليجية وتركية. وسيساهم الأسلوب الخاطئ للنظام السوري في هذا. فبالتأكيد إنه سيستمر بإسلوبه الأمني القمعي. الذي نفرَّ الشعب منه. والذي لم يستفد من تجربة العراق. والدرس القاسي الذي مرّناَ به, جراء تلك السياسة الغبية التي سهلت للقوات الأجنبية إحتلال العراق وتمزيقة, وحَل أقوى جيش عربي وإسلامي. لقد تسبب النظام في سوريا في كارثة حلت بسوريا وشعبها. ولا يزال يراهن على الحل الأمني, رغم فشله ونتائجه الكارثية . وسيتحقق لأسرائيل ماتريد و تكسب حربها مع العرب بأدوات وأموال عربية, دون أن تخسر شيئاً.فكلفة الضربة الأمريكية ستمول بالتأكيد من دول الخليج.فهيَّ الوجه الثاني والروح التوأم لإسرائيل.
 سينشط الأنتحاريون أكثر. وسيكون العراق أمامهم ساحة مفتوحة بعد أن سَهُلَ عليهم الأمر وخلت لهم الساحة.لذا فمن المقتضيات التي لا جدال فيها, أن ينتبه الشعب العراقي, وبخاصة السياسيين منه وأحزابه وكتله وقواه الأجتماعية والدينية والعرقية لهذا. وأن يَصْحوا من غفوتهم. ويتناسوا شيئا من خلافاتهم. ويشكلوا حكومة طوارئ قوية. فيتسارعوا لدعم القوات الأمنية. وإعادة بنائها وفق أسس وطنية. وتنشيط وتدريب المنظومات الأستخبارية. وإلا فإن العراق سيغرق في بحر من الدماء. ولا أظن إنهم فاعلون هذا. إن لم تتدخل المرجعيات الدينية وقوى المجتمع المدني , وخاصة الجماهير الشبابية والمنظمات الديموقراطية. لأرغامهم عليه قبل فوات الأوان, فلا مجال للمراهنة على الأحداث. ولا فرصة لأنقاذ البلاد من كارثة محققة إن لم نتدارك الأمر. ولن يغفر لنا التاريخ. ولن تسامحنا الأجيال القادمة إن لم نفعل شيئاً يحفظ العراق وشعبه. فكفى صراخاً وعراكاًعلى قسمة الكعكة, فقد إحترقت ولم تعد صالحة للأكل. وستحترق أكثر وتشوي أفواه آكليها. فلقد بات لزاماً الخروج من حلبة صراع الديكة. واللجوء للعقل والحكمة قبل فوات الأوان فالشر قادم لا محالة.