إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق انتكاسة تشريعية
في يوم 21/ 1/ 2025 تمت المقايضة على صفقة من القوانين بين القوى الإسلام السياسي – الطائفية والقوى القومية المتطرفة والمسيطرة داخل البرلمان (العراق) لتمرير ثلاثة قوانين في سلة واحدة ووفق نظام المقايضة وهي :
أولا … قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية المقدم من قبل (القوى الشيعية في البرلمان العراقي).
ثانيا … قانون العفو العام الذي قدم من قبل (القوى السنية في البرلمان العراقي).
ثالثا … قانون إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة لـ( النظام السابق) الخاصة بالعقارات المصادرة أو المستولى عليها في (محافظة كركوك) الذي قدم من قبل (القوى الكردية في البرلمان العراقي).
كتكريس وكتعبير عن رجعية وانتهازية والطائفية هذه القوى وسعيها لتحقيق مكاسب سياسية على حساب (المجتمع العراقي).
ومع إقرار هذه القرارات؛ عد إقرار (تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959) نكسة تشريعية لم يأخذ المشرعين أي اعتبار للاحتجاجات التي واجه هذا القرار من لدن شرائح واسعة من (الشعب العراقي) وخاصة من قبل القوى التقدمية والحركات النسوية، وهذا الرفض لم يكن على مستوى (العراق) فحسب؛ وإنما على مستوى منطقة (الشرق الأوسط) أيضا التي تعاني فيها الجماهير من سطوة (قوى الإسلام السياسي) وهيمنة الذكورية على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية.. والسياسية.. والاجتماعية.. والثقافية .
إقرار تعديل لقانون الأحوال الشخصية سيؤدى إلى تغليب الهوية الطائفية على حساب الهوية الوطنية
فإقرار (تعديل لقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959)؛ سينجم عنه هذا التعديل منح (المرجعيات الدينية) صلاحيات واسعة في مجال (الأحوال الشخصية) بعد إن يتم تطبيق أحكاما مختلفة ووفقا على الانتماء الطائفي؛ وهذا الأمر – لا محال – سيؤدى إلى تغليب (الهوية الطائفية) على حساب (الهوية الوطنية)؛ وسيقسم فئات المجتمع إلى نظم قانونية متعددة غير متساوية وغير عادلة؛ إضافة على ما سيترتب عنه من انعكاسات خطيرة في تعطيل مبادئ سيادة القانون.. والمساواة.. وعدم التمييز.. و نشوء سلطات تشريعية مذهبية موازية تتجاوز صلاحيات السلطة التشريعية المنتخبة وتؤثر على اختصاصات السلطة القضائية .
علما إن هذا (التعديل) أي (تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959) تمت القراءة الأولى كمشروع القانون في 4 – آب – 2024؛ وقد اقترحت تعديلات مماثلة في عامي 2014 وعام 2017 ؛ ولكن لم يتم الموافقة عليها بسبب المظاهرات والاحتجاجات على مستوى الوطن بكل شرائحه، وفي 3– أيلول – 2024 حاول (البرلمان العراقي) إجراء قراءة ثانية لـ(مشروع هذا القانون)؛ ولكن أعضاء البرلمان المعارضين شنوا حملة مقاطعة نجحت في كسر النصاب القانوني، لذلك تم تأجيل البت في القرار ليتم بعد حين إعادة القراءة الثانية لمشروع هذا القانون في 16– أيلول، حيث أعرب عدد من النواب والمعارضون في البرلمان لمشروع هذا القانون عن مخاوفهم من عدم أخذ أي من توصياتهم في نظر الاعتبار؛ أو حتى إطلاعهم على مسودة القانون المعدل؛ وفي 17– أيلول، ومع كل هذه الاعتراضات تم تصوت البرلمان وإقرار القانون في يوم 21– 1– 2025 على (تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959)، وفق صفقة مقايضة ضمن ثلاثة قوانين والتي ذكرناها سابقا .
ومع هذا القرار تحدثت تقارير من داخل (مجلس النواب العراق) عن أن النواب الذين كانوا في (خارج قاعة البرلمان) إثناء انعقاد المجلس كانوا (أكثر ممن كانوا في قاعة الجلسة)؛ ومع ذلك تم التصويت على (ثلاثة قوانين في سلة واحدة)؛ وقد جاء هذا التصويت بطريقة (السلة الواحدة) ليعكس هذا الأمر إلى انعدام ثقة النواب مع بعضهم البعض؛ ليتم التصويت بإقرار هذا القانون رغم الاحتجاجات والصخب الذي أثاره النواب الرافضين دخلت القاعة، و بعد ارتفاع صخب النواب دفع بهذه القوى من البرلمانيين إلى جمع أكثر من 130 توقيعا مطالبين بإقالة (رئيس مجلس النواب الأستاذ – محمود المشهداني) باعتبار إن تصويت غير قانوني وجلسة البرلمان غير دستورية، ولكن الكتل المسيطرة على (البرلمان العراقي) لم تكترث بمطالب النواب الرافضين لإقرار هذا القانون بكون رئاسة المجلس وزعماء الكتل النيابية حققوا أهدافهم و ما أرادوا تمريره؛ ليتم أقرار مشاريع القوانين الثلاثة .
ثلاثة قوانين تم التصويت عليها في البرلمان العراقي بطريقة السلة الواحدة
تم أقرار في يوم 21– 1– 2025 على (تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959)، وفق صفقة مقايضة ضمن ثلاثة قوانين وهي :
أولا … قانون (تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959) وهذا التعديل لقانون الأحوال الشخصية هو مستوحى من مذهب (الفقه الجعفري) والمبني على أساس طائفي؛ يهدف إلى توطيد تحكم المؤسسة الدينية والمذهبية بالتشارك مع قوى وأحزاب الإسلام السياسي بحياة ومصير ملايين المواطنين (العراقيين)؛ فهذه القوى والأحزاب المتطرفة ستنصب نفسها عبر هذا القانون مسؤولة عن :
ا … (الزواج).. و(الطلاق).. و(حضانة الأطفال).. و(الإرث).. وغيرها، مع ما ينجم عن ذلك من استعباد (النساء) وارتكاب جرائم (تزويج القاصرات) وبسط همجيتهم في مختلف مناحي حياة؛ وخاصة بما يتعلق بحياة (المرأة) الشخصية والعامة، وقتل آمال (الأطفال) في التمتع بحياة حرة وسعيدة ومن مواصلة تعليمهم المدرسي؛ بالإضافة إلى تعميق وتوسيع الانقسام الطائفي داخل المجتمع.
ب … التعديل يعيد حق تنظيم شؤون الأسرة إلى قبضة المذاهب، ويعيق تحقيق دولة قانون مدني قائم على مبدأ المساواة، يثير القلق من تفاقم ظاهرة (تزويج القاصرات) وتقليص حقوق النساء والفتيات، تحديدا في قضايا الزواج.. والطلاق.. والحضانة.. والنفقة.. والإرث.
ج … التعديل يقسم (المجتمع العراقي) طائفيا؛ ويجعل (الأحوال الشخصية للعراقيين) حسب طائفة الشخص؛ وحسب ما تقوله (المدونة الفقهية) التي سيكتبها الفقهاء لاحقا وتحل محل القانون الجمهوري 188 لسنة 1959.
د … التعديل الذي سيجري على نص القانون الأصلي (قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959) الذي يعتبر وفق كل المقاييس الدولية والتشريعية قانونا تقدميا ومنسجما مع المتفق مع المعاير الدولية والإسلامية سيتم (تهميشه) ثم (دفنه) ليسود بدلا منه (فقه الطوائف والمذاهب الدينية) .
ثانيا … القانون الثاني هو (قانون العفو العام)
وهذا القانون يشمل (العفو) بموجبه الانتماء للجماعات الإرهابية.. أو الترويج والتنظير للإرهاب؛ واستثنى (العفو) الجرائم الإرهابية التي تسببت بالقتل أو العاهة المستديمة أو محاربة القوات (العراقية)، مع العلم أن جريمة الترويج والتنظير للإرهاب تكون عادة أخطر من جريمة يرتكبها متطرف جاهل خطره؛ أما خطر المنظر للإرهاب فهو أوسع وأعمق كما شمل قانون العفو العام الفاسدين.. ولصوص المال العام .
ثالثا … أما القانون الثالث فكان بخصوص (إعادة العقارات التي استولى عليها النظام السابق وخصوصا في كركوك لأصحابها الأصليين) .
البرلمان العراقي لم يعي ما تشكله إقرار القوانين الثلاثة من أزمة مجتمعية حقيقية ومن رِدة حقيقية عن منطق الدولة
وبإقرار هذه القوانين التي تمت عبر صفقة (المقايضة) بين قوى (الشيعية) و(السنية) و(الكرد) المتنفذين في (البرلمان العراقي) قد تقدموا خطوات على طريق (تقسيم العراق) مجتمعيا على أسس (طائفية) و(مذهبية) و(تكريس التخلف)؛ ليدخل (العراق) في فترة مظلمة لا يمكن التنبؤ بموعد نهايتها، ولكن انقشاعها سيكون حتميا كما يعلمنا (تأريخ العراق القديم والحديث)، رغم التضليل.. والتحشيد الطائفي المذهبي.. وغسيل الأدمغة؛ ولكن (العراق) بوطنيه.. وتقدميه.. ومناضليه.. وأحرار الوطن – لا محال – سيتحررون ويتحرر الوطن من سطوة الفاسدين المسيطرين على زمام السلطة مهما طال الزمان ومهما طغوا الطغاة والفاسدين .
لان من اقر تعديل (قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959) لم يعوا ما يشكله هذا التعديل من أزمة مجتمعية حقيقية ومن رِدة حقيقية عن منطق الدولة، لأنهم يعتقدون أن القانون يتعلق بطائفة معينة من (المجتمع العراقي) فحسب؛ وبالتالي لن يطال كل مكونات المجتمع؛ ولم يعوا ما ستثيره (المدونة الفقهية الإسلامية) علما بان التصويت تم على (التعديل) دون وجود (المدونة الفقهية) المعدلة أصلا، بحجة أنها ستكتب لاحقا.
والأمر الأخر بما يخص مشكلة في (قانون استعادة الأراضي التي تمت مصادرتها أو الاستيلاء عليها قسرا في كركوك)؛ رغم إن البعض ذيل القانون بمناطق أخرى، دون الالتفات إلى ما قد يثيره هذا القانون من منازعات حول تلك الأراضي لاحقا،
أما المتعلق بتعديل قانون (العفو العام) فقد كان مطلبا ومسعى لضمان العدالة للآلاف من الأبرياء الذين حكم عليهم في محاكمات تفتقر بشكل مطلق معايير المحاكمات العادلة، وبموجب اعترافات انتزعت بالتعذيب. لكن مرة أخرى سعت القوى السياسية إلى تضمين هذا القانون مواد تتيح الإفلات من العقاب في عشرات الجرائم، وعلى رأسها الجرائم المتعلقة بالفساد؛ في تخادم صريح بين هذه القوى السياسية ومرتكبي تلك الجرائم.
وكانت الفضيحة الأكبر في هذا القانون أنه تضمن فقرتين تتعلقان بتحصيل الأموال المأخوذة بالاختلاس وسرقة أموال الدولة وإهدار المال العام وجرائم الفساد الإداري والمالي، الأولى بالإشارة إلى الشمول بالعفو بعد تسديد المتهم أو المحكوم ما بذمته من أموال بإجراء تسوية مع الجهة المتضررة تضمن استرداد الأموال العامة على أن يسدد المبلغ كاملا؛ وهذه الفقرة تنازع فقرة أخرى وردت في القانون نصت على استحصال المبالغ المترتبة بذمة المتهمين المحكومين بإجراء تسوية مع الجهة المتضررة أو وفقا لقانون تحصل الديون الحكومية رقم 56 لسنة 1977 المعدل أو قانون التضمين رقم 31 لسنة 2015؛ وبالعودة إلى قانون تحصيل الديون الحكومية، سنجد أن القانون يتعامل مع (الديون) وليس مع (سرقة المال العام) أو (الاختلاس) أو (إهدار المال العام).
ليتضح بان هذا القانون لا يتعامل مع قضايا الفساد الكبرى في (العراق)؛ بل على العكس تماما إيراد منه التغطية على الفاسدين.
فالقانون قبل التعديل كان يشترط «تسديد ما ترتب بذمة المشمولين بأحكام هذا القانون من التزامات مالية لمصلحة الدولة أو للأشخاص؛ في حين جاء التعديل ليعطي للمتهمين بهذه القضايا فرصة الإفلات بما سرقوه واختلسوه عبر تسويات وما جاء في فقرات (العفو) لا محال سيستخدم للصالح الفاسدين واللجان التي ستبت في شمولهم بالعفو لمزيد من الفساد المقنن .
السلطات الحاكمة في العراق كلما شعرت بالخطر نتيجة صعود الحركات الاحتجاجية كلما أقدمت على المزيد من تكميم الأفواه وسلب الحقوق
ومما تقدم نستنتج بعض من الحقائق نذكر منها:
بان تشريع القوانين التي تخنق الحقوق.. والحريات العامة والخاصة.. وقمع أية حركة احتجاجية بالضد منها؛ باتت أهم وسائل السلطة والقوى البرلمانية المسيطرة والحاكمة لدولة (العراق) من اجل تعميق سيطرتها على الشعب والدولة؛ بكونها تعاني الكثير من الأزمات وعلى كل مستويات الحياة السياسية.. والاجتماعية.. والاقتصادية؛ وكلما تعرضت للضغط من قبل المتظاهرين.. وجماهير العمال.. والعاطلين عن العمل.. والكادحين.. والفقراء.. والنساء.. والأحرار.. والمناضلين الشرفاء.. والمطالبين بالحرية وإنصافهم في إيجاد فرص لتوظيفهم والعمل.. والمطالبين بالحقوق.. وتحسين الظروف المعيشية.. وتوفير الخدمات العامة؛ وكلما شعرت إدارة السلطات الحاكمة والمهيمنة على شؤون البلاد وأحسوا بالخطر نتيجة صعود الحركة الاحتجاجية التحررية والثورية؛ كلما أقدمت على المزيد من تكميم الأفواه وسلب الحقوق.
الشعب العراقي يطالب إيقاف العمل بالقرار المتخذة في مجلس النواب الخاص بتعديل قانون الأحوال الشخصية بكونه يتيح اعتماد قوانين مختلفة للأحوال الشخصية
لذلك يطالب غالبية (الشعب العراقي) بضرورة إيقاف العمل بالقرار المتخذ في (مجلس النواب) الخاص بـ(تعديل قانون الأحوال الشخصية) لكون هذا (التعديل) يتيح اعتماد قوانين مختلفة للأحوال الشخصية بناءا على المذاهب الدينية؛ مما يؤثر سلبا على حقوق المرأة في الزواج والعلاقات الأسرية ويمهد الطريق للزواج خارج المحاكم؛ فـ(إلغاء) شرط تسجيل عقود الزواج في المحاكم الرسمية سيؤدي إلى إهدار حقوق الطرفين، وخصوصا الطرف الأضعف، وهي (المرأة)؛ فقد يفرض ذلك عليها اللجوء إلى دعاوى إثبات الزوجية والنسب للحصول على حقوقها في المهر.. والنفقة.. والميراث.. فضلا عن حقوق أطفالها وفي حال فشلها في إثبات الزوجية فلا محال ستفقد حقوقها ويرفض نسب أطفالها لوالدهم .
فسماح الزواج خارج المحاكم السماح وبأسلوب غير الرسمي سيشجع على إبرام عقود الزواج التي تتضمن مخالفات قانونية وشرعية، وبخاصة زواج الأطفال، الذي يعد السبب الرئيس وراء إبرام هذه الزيجات خارج المحاكم الرسمية وزواج الأطفال كما إن (التعديل) يسمح بتزويج الفتيات في (سن التاسعة)؛ كما ويجيز هذا (التعديل) تعدد الزوجات دون قيود، بالإضافة إلى السماح بالزواج المؤقت؛ كما إن (التعديل) يسلب الأم حق حضانة طفلها في حال زواجها بعد الطلاق وتنتقل الحضانة للأب عند (بلوغ الطفل سن السابعة) في وقت الذي نص (قانون الأحوال الشخصية – قبل التعديل) وبما يخص (حضانة الأطفال) بعد الطلاق على أن للأم الحق في حضانة الطفل بعد الطلاق حتى بلوغه (سن الخامسة عشرة) حيث يمنح الطفل حينها حرية اختيار الإقامة مع أي من الوالدين؛ ولا يسقط زواج الأم المطلقة حقها في الحضانة، بينما يكون هذا الأمر في قضية حضانة الطفل متروك وفق ما تحدده المذاهب الإسلامية؛ فبغضها تذهب لمدة حضانة الأم بعامين أو اقل وكل مذهب حسب ما يعتقد وهذا الأمر يختلف باختلاف المذاهب الدينية للأفراد؛ ليسلب هذا الأمر حقوق النساء والفتيات؛ بكونه يمنح الأولوية لتطبيق المذهب الديني للرجل في حالات الزواج بين طوائف دينية مختلفة؛ كما سيؤثر هذا (التعديل) على حقوقهن في الميراث.. والنفقة الزوجية.. ونفقة العدة.. وهنا نذكر على سبيل المثال بان (الفقه الجعفري) تحرم النساء والفتيات من الإرث في العقارات؛ ويشترط عليهن (ألمساكنه) و(إمتاع) الزوج كشرط للحصول على النفقة الزوجية؛ بينما تحرم (المرأة) المطلقة من الحصول على منزل الزوجية أو النفقة أو حتى مهرها؛ ويشكل ذلك تراجعا كبيرا في الحماية القانونية التي يوفرها قانون الأحوال الشخصية الحالي للنساء المطلقات .
الشعب العراقي يطالب سلطة البرلمان العراقي إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة و كافة التشريعات المجحفة بحق الشعب
لذلك فان غالبية (الشعب العراقي) يطالب سلطة (البرلمان العراقي) إلغاء كافة التشريعات التي تميز ضد (الفتيات) و(النساء) وبما يتعلق الأمر بالسن زواج للفتيات وضمان عدم منح أي استثناءات من الحد الأدنى لسن الزواج، المحدد بـ( 18 سنة) لكل من (المرأة) و(الرجل)؛ وبخلافه سيكون المخالف تحت طائلة المسؤولية والعقوبة؛ كما يطالب (الشعب العراقي) باتخاذ جميع التدابير التشريعية اللازمة لضمان تسجيل كافة عقود الزواج في المحاكم المختصة؛ وفرض العقوبات على من يجري أو يتوسط لإجراء عقود زواج مخالفة لقانون الأحوال الشخصية، والإسراع في إقرار قانون حماية الأسرة من العنف وفقاً للمعايير الدولية؛ كما إن غالبية (الشعب العراقي) بنقل السلطة في قضايا مثل الزواج.. والطلاق.. والميراث.. والعدة.. والحضانة.. إلى (المحاكم الوطنية) وعدم تركها – كما جاء في التعديل – إلى (المرجعيات الدينية) لان الأمر سيفتح الباب لـ(تفسيرات فقهية في الشريعة الإسلامية) تختلف باختلاف المذاهب الدينية للأفراد؛ ما سيؤدي إلى استبدال القانون (الأحوال الشخصية) الموحد والساري العمل وفقه حاليا بتطبيقات فقهية متعددة والتي ستكون متناقضة وغير متساوية وعير مسئولة لما ستخلفه من تبعات خطيرة في المجتمع، مما سيخلق تمييزا دينيا بين المواطنين؛ وهذا الأمر يتعارض مع المادة (14) من (الدستور العراقي) التي تنص على ((المساواة أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس.. أو الدين.. أو المذهب.. أو المعتقد.. أو الرأي.. أو الوضع الاقتصادي.. أو الاجتماعي..))، بينما نجد بان قرار الصادر من (البرلمان العراقي) بالموافقة على (مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959)) يمثل تهديدا حقيقيًا لدور (السلطة القضائية) في المسائل الشرعية وللحماية الاجتماعية للفئات الأكثر عرضة للتهميش؛ بالإضافة إلى ما سيثيره هذا (التعديل) لقضايا قانونية وطائفية تؤثر سلبا على الوحدة الوطنية وتتناقض مع الالتزامات (الدستورية) و(الدولية للعراق)؛لأن مشروع القانون المعدل يمثل تحولا خطيرا باتجاه منح (السلطات الدينية) مزيدا من التحكم في مسائل (الأحوال الشخصية) على حساب مبادئ سيادة القانون.. والمساواة.. وعدم التمييز.. وقواعد الحماية القانونية والقضائية للحقوق الأساسية.
وهذا (التعديل) يمثل انتهاكا خطيرا للالتزامات الدولية المترتبة على عاتق (دولة العراق) بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة اتفاقية (سيداو).. واتفاقية حقوق الطفل.. والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ كما إن هذه (التعديلات) تنتهك كل المعاهدات الدولية التي صادق عليها (العراق)؛ إن ضمان سلامة وكرامة وحقوق النساء والفتيات ليس فقط التزاما على الدولة بموجب (القانون الدولي لحقوق الإنسان)؛ بل هو أيضا واجب (أخلاقي) يجب أن تلتزم ببنوده جميع المؤسسات (العراقية) باعتبار (العراق) طرف في كل هذه الاتفاقيات .