23 ديسمبر، 2024 10:07 ص

المقاومة هي فعل وطني ينطلق من مفهوم واقعي يحاول استعادة التوازن ومن ثم الهجوم ضد مرتكزات العدو الخارجي أو الداخلي  بشكل يهدف إلى رحيل الاحتلال وإقامة نظام حكم ديمقراطي. أو هي  فعل وطني عقائدي ومسلح يستند إلى الشعب وقضيته العادلة لاستعادة الحقوق الشرعية والقانونية التي سلبت من قبل الأعداء خلافاً للقوانين والمواثيق الدولية. شهد العالم الحديث تجارب مشهودة كما في الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا خلال الحرب العالمية الثانية وتجارب اخرى خلال فترة  الحرب الباردة كما في فيتنام وكمبوديا وغيرها من الدّول التي حاولت قوى العدوان هزيمتها ووضعها تحت سيطرتها المهيمنة، ولم يكن أمام شعوب تلك الدّول غير الخيار الإستراتيجي بالمقاومة وتطوير أساليبها وتنويع أشكالها وصولاً إلى التّحرر والحرية.أما بلدان العالم الثالث فقد كافحت وناضلت من اجل التحرر الوطني بسلاح السياسة وسياسة السلاح وفق حلول مرحلية في كل أنحاء العالم ،والمسألة المطروحة عن  أي أشكال من المقاومة والقتال تحقق النصر. والمقاومة بالمفهوم الوطني فعل دفاعي لإنقاذ حقّ وطني من عدوان وقع عليه، وإبعاد الخطر الذي يهدده. وهي في المفهوم المتقدم تكون ردة فعل على اعتداء، وتحضيراً لاتقاء خطر قادم وأصبح دائماً، فإن لم يكن انتهاك لحق وطني كالاحتلال مثلاً لا يكون للمقاومة التي هي فعل تابع محلاً للأعمال، وإذا لم يكن هناك خطر داهم ومحقق لا يكون للمقاومة محل في دائرة التفكير والتحضير. ويقصد بالمقاومة الشّعبية المسلّحة, استخدام القوّة المسلّحة من جانب عناصر وطنية من غير أفراد القوات المسلّحة النّظامية، دفاعاً عن المصالح الوطنيّة ضد قوى أجنبية، سواء كانت تلك العناصر تعمل في إطار تنظيم يخضع لإشراف وتوجيه سلطة قانونية أو واقعية، أو كانت تعمل بناءا على مبادرتها الخاصة، وسواء باشرت هذا الاستخدام للقوّة المسلّحة فوق الإقليم الوطني أو من قواعد خارج هذا الإقليم. وعمليات المقاومة المسلّحة تستمد قوتها مما تحدثه من تقويض هيبة الاحتلال وإظهار عجزه في مواجهة جماعات المقاومة، وتقويض الهيبة له انعكاسات بالغة الخطورة على الموقف السياسي والعسكري لقوات الاحتلال، لعل أبرزها الاتساع التدريجي لنطاق عمليات المقاومة وتشجيع جماعات أكبر من السكان على المشاركة في عمليات المقاومة بما يؤدي في نهاية المطاف إلى تكبيد قوات الاحتلال تكاليف مادية وسياسية كبيرة على نحو يجعل من استمرار احتلالها لأراضي الدّولة المستهدفة مسألة صعبة للغاية. عندما تتعرض الدولة لعدوان واحتلال من دولة أخرى فان أرادة الحياة والاستقلال تتمسك بالحقوق في أرض ومياه إقليمها التاريخي بكل مكوناته وثرواته والحفاظ على الميراث الحضاري للأمة . أما المقاومة الاقتصادية فتؤدي دوراً حيوياً ومهماً ونجد أهم أساليبها مقاطعة منتجات دولة العدوان والاحتلال ومنعها من استغلال ثروات البلد في حالة خضوعه للاحتلال، وبناء البديل الاقتصادي الوطني القادر على تلبية الاحتياجات الاجتماعية وعلى بناء الأسس الاقتصادية للقوّة السياسية العسكرية للأمة . 
وهدف المقاومة المسلحة هو إيصال سلطة وقوات الاحتلال إلى وضع نفسي وقتالي يصبح بقاؤه متعذراً، وان غاية هذا الشكل من المقاومة هو تهيئة البيئة المناسبة لعمل ذراع المقاومة السياسية والقيام بأدوارها على الصعيد الداخلي والخارجي.والمقاومة من اجل تقرير المصير هي كفاح سياسي ومسلح موجه ضد قوى الاحتلال التي استولت على أرض شعب والتي تحول دون الشعب من ممارسة حقه بالاستقلال السياسي وتجعل سيادة هذا الشعب على أرضه سيادة ناقصة أو مؤقتة.
  المقاومة السّياسية والدّبلوماسية ليست بديلاً عن المقاومة المسلّحة بل هي مكملة لنضال المقاومة المسلّحة، وهي البيئة الحاضنة والدّاعمة لها ، بل إنَّ في معظم الحالات تشكل القاعدة التي تنطلق من ساحتها المقاومة المسلّحة، مثل  جبهة تحرير فيتنام التي ينطبق عليها نفس الحال، وحزب المؤتمر في جنوب أفريقيا ومنظّمة  التّحرير الفلسطينية. والمقاومة في المجال السياسي الدبلوماسي تعبّر بوسائل سياسية وأدوات دبلوماسية عن نفس المطالب والأهداف التي تكافح من أجلها قوى المقاومة المسلّحة وأنها الجناح المتمّم والمؤازر لنضال هذه القوى في إطار إستراتيجية المقاومة الشّاملة. المقاومة في المجال السياسي هي الجهود والأعمال التي يمارسها المجتمع المدني على الجبهتين الدّاخلية والخارجية لمقاومة العدوان الذي وقع عليه. إما المقاومة الدّبلوماسية فهي الذراع الذي تنفذ بواسطته المقاومة السّياسية قراراتها وخططها في ساحة العلاقات الخارجية استناداً إلى القرارات الدّولية والقانون الدّولي ، وان هدفها الأساس هو حرمان العدو من التأييد الخارجي ومحاصرة سياساته وخططه الخارجية والعمل على إحباطها من خلال توظيف الأدوات والوسائط الدبلوماسية المناسبة . إن من وضع أسس المقاومة السياسية هو الزعيم الهندي المهاتما غاندي(1869-1948) عندما كانت الهند محتلة من قبل الاستعمار البريطاني وهذه الاسس هي  ,الاحتجاجات والمظاهرات, الإضراب عن الطعام, الإضراب عن العمل, مقاطعة البضائع التي يصدرها الاحتلال, العصيان المدني وعدم تنفيذ الأوامر الصادرة عن المحتل أو من يعينه. ويقول المهاتما  غاندي (وإذا استنفذنا كل هذه الوسائل ولم يستجب العدو لمطالبنا لجأنا إلى الحرب الشعبية المسلحة).  المقاومة السلمية هي مزيج من أشكال المقاومة السياسية والاقتصادية والفكرية تلجأ إليها الشعوب الضعيفة مادياً لمقاطعة الاحتلال في المرحلة الأولية منه وهي في نفس المرحلة التي يجري فيها التحضير للمقاومة المسلحة ،كما أنها قد تستمر من قبل الجماهير حتى بعد بدء المقاومة المسلحة بل إنها تتزامن مع فعالياتها للضغط على الاحتلال ، ونعتقد كذلك إن هذه الفعاليات الشعبية يكون لها تأثير كبير إن استمرت وفق خطة مبرمجة من قيادة شعبية مؤثرة ، وان ثقافة هذه المقاومة لا تعني بأي حال من الأحوال  ثقافة الخنوع  والاستسلام ومهادنة الاحتلال.  و في العراق فان دعاة المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي  بعد    9 نيسان  2003 فإنهم استخدموا اسم المقاومة  للمناورة وخداع الشعب لصالح المحتل ولم يقوموا بأية أعمال تذكر ضمن إطار المقاومة. حروب التّحرر هي حروب الشعوب الضعيفة والمقهورة والمتطلعة دوماً إلى التحرر والاستقلال، وهي حروب سياسية تعتمد بالأساس على ضرب ركائز العدو السياسية والاقتصادية والبنية التحتية، وإحداث الحدث ليصبح العمل العسكري صغيراً أو متوسطاً أو كبيراً يحدث واقعاً سياسياً يتم التحرك عليه دبلوماسيا. والجماهير التي تنخرط في فعل المقاومة الوطنيّة هي الطليعة التي تعرف أهدافها وتدرك مصالحها وتوظف قدراتها لتطوير المقاومة في كلّ الأشكال المطلوب التعبير عنها ويعد الفعل مشروعاً تماما . أنَّ المقاومة على المستوى العالمي هي طاقة حيوية تتمتع بها جميع الكائنات لتحافظ على حياتها، وتصد أية محاولة للنيل من سلامتها وأمنها،
أما على المستوى الإنساني فهي نشاط إستراتيجي تمارسه الدّول والمجتمعات والأفراد لمنع حدوث العدوان ابتدأ أو دفعه إذا حدث، ثم تتبعه حتى يكف المعتدي عن عدوانه ويتحقق السلام الدّولي وهي العمل الذي بمقتضاه يبدي شعب معين رفضاً لواقع فرضه عليه عنصر خارجي، فهدده فيما يملك وعجزت دولته عن ردِّ الخطر ودفعه عنه، وحمايته من هذا الاعتداء، وإعادته إلى الواقع الذي كان فيه قبل الاعتداء فتكون المقاومة لتعطيل الاعتداء ومنعه من تحقيق  الأهداف التي يصبو لتحقيقها.حرب التّحرير صراع عادل تستخدم فيه القوى العسكرية والنفسية والسياسية لشعب من الشعوب ضد قوّة محلية أو قوّة أجنبية متسلطة مستعمرة . مثلا السوفيت عرفوا حروب التحرير الموجهة لصد العدوان الإمبريالي، والنضال من أجل حرية الشعوب واستقلالها وهي الحروب التي تُقابل الحروب الاستعمارية وتعتبر حرباً عادلة وتحررية وثورية وتعتبر أيضاً من حيث المستوى من الحروب المحدودة والمحلية والتقليدية. أن حرب التّحرر صراع عادل تستخدم فيها الشعوب قدراتها الشاملة من أجل تحرير أراضيها الوطنيّة المحتلة من قبل دولة معتدية بدون مسوغ قانوني أوأخلاقي. حرب التّحرير وطنية شاملة تستخدم فيها موارد الدّولة البشرية والمادية وكل عناصر الإستراتيجية الشاملة للدولة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية من أجل تحرير الأرض الوطنيّة المحتلة واستعادة السيادة عليها. تلعب القوى البشرية دوراً كبيراً في مثل هذه الحروب من خلال مشاركتها الفاعلة وإسناد الجيوش في ساحات المعارك وتكوين الحاضنة التي تستند إليها المقاومة وتجعل منها حرب شعبية. لما كان العدوان والاحتلال يلحق الأذى والضرر بذات الدّولة وسلامتها وأمنها وسلامة مجتمعها فإن هذه الحروب عادلة ومشروعة، وتعد هذه الحروب عادلة في كلّ المعايير من حيث الطبيعة الأخلاقية والخصائص القانونية والغايات الأساسية, عادة ما تعطي مثل هذه الحروب الأولوية إلى الحسم السياسي على الحسم العسكري من خلال اعتمادها إستراتيجية الحروب الطويلة وتكتيك المعارك الصغيرة، وهذه الإستراتيجية تعتمد بالأساس على استنزاف العدو مادياً وبشرياً ونفسياً وبالتالي تحطيم إرادته على القتال وإيصاله إلى حالة من اليأس يعد فيها بقاؤه في البلد المحتل صعباً ومكلفاً وبالتالي قبوله الشروط السياسية للمقاومة. أثناء الاحتلال هناك معادلة أحد أطرافها قوي مادياً وعسكريا والطرف الآخر ضعيف، يتغلب القوي على خصمه وبالتالي يتمكن من احتلال أرضه بعد فشل قواته المسلّحة بصد العدوان، ولكن المعادلة سرعان ما تنقلب أو تتحول عندما تلجأ القوّة الأضعف لرفض الاحتلال واللجوء إلى مقاومته من خلال اعتماد أساليب الحروب غير النّظامية، وتحشيد القوى الشّعبية وتطويع العامل المعنوي والنفسي والإرادة الوطنيّة للتقليل من تأثير التفوق المعادي للطرف المحتل.ولعل أبرز مثال على توازن القوى والإرادات حرب فيتنام في منتصف القرن الماضي، فقد دارت الحرب بين قوة هائلة   القدرة المادية والعسكرية هي الولايات المتحدة وقوة صلبة الإرادة ومؤمنة بعدالة قضيتها  هم  الثوار الفيتناميين،ومع ذلك تمكن الثوار من خلال التصميم على القتال والتعبئة المعنوية العالية من ثني إرادة العدو وحمله على التراجع والانسحاب . تتخذ حروب التّحرير أساليب غير تقليدية تماماً من الحرب، لا يستخدم الطرفان فيه نفس الأدوات أو إستراتيجيات القتال ولا يخضع لمعايير التوازن السائدة. فحسب ذلك التصور لا يوجد مسرح عمليات يلتقي فيه المقاتلين بأية صورة ويستخدم كلّ طرف أسلحة وأساليب غير متماثلة، وقد لا تكون هناك علاقة بين الفعل ورد الفعل فيها وأن الخطط المستخدمة فيها خارج نطاق التصور، حيث من المتعذر التقيد بمبادئ الحرب وإنما بأفكار تنتج عن مصادفات يتم تحويلها لخطط مدروسة، وتحيط بعملياتها أقصى درجات المخاطر ويتم كلّ شيء بسرية تامة.  استخدمت حرب العصابات عبر العصور وخاضتها مختلف الشعوب ضد الغزاة الأجانب،
ورغم تباين أساليبها وتكتيكاتها،فأنها تمتاز بميزة أساسية هي قيام الطرف الأضعف بالصراع ضد الطرف الأقوى ، وهو يسعى إلى تحقيق النصر رغم اختلال ميزان القوى بشكل كبير. والمقاومة القانونية هي تلك القواعد والمبادئ والإجراءات التي ينبغي على قيادة المقاومة وذراعها القانوني استنهاضها على الصعيد الوطني والإقليمي والدّولي لمواجهة أطراف العدوان والاحتلال الأساسيين والمساعدين والمسهلين والتحرك على المنظمات والهيئات الدّولية ومنظمات المجتمع المدني والرأي العام لكشف دوافع ونوايا العدوان وفضح الانتهاكات وفق إطار القانون الدّولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. ويعمل الذراع القانوني للمقاومة على النحو الآتي, رفع دعاوى جزائية على قادة العدوان وتكليف هيئات قانونية تمتلك حقّ الترافع أمام قضاء كلّ دولة ترفع إليها الدعاوى، وتجهيز الأدلّة الكافية للإدانة في كلّ دعوى وإعداد الدراسات والمذكرات القانونية المطلوبة في هذا المجال واستحضار أدلة الإدانة وإعداد بيانات الهيئات الدّولية وتحديد شهود الإثبات. توثيق الجرائم التي يقترفها الاحتلال وفق منظار القانون الإنساني الدّولي، وحشد ما أمكن من الأدلة لإثبات كلّ جريمة والاستعانة بالخبراء في موضوع استخدام العدوان الأسلحة والوسائل المحرمة دولياً. عرض الوثائق والأدلة التي تكشف انتهاكات العدو على الرأي العام العالمي والهيئات الدبلوماسية والمحاكم الدّولية, اللجوء إلى محكمة العدل الدّولية والمحكمة الجنائية  الدّولية في روما.وحروب التحرر او المقاومة هي شكل من أشكال الحروب الثورية، يقوم بها  شعب مسلح قرر التخلص عن طريق العنف من القهر الوطني أو قهر المستعمر الذي يحاول فرضه عليه ، ويمكن اعتبار حرب التّحرير الشّعبية الرد الشّعبي المناسب والعادل على العنف الأجنبي غير العادل.
أما حرب العصابات  فليس لها  تنظيم محدد يصلح للعمل في الزمان والمكان المعنيين، وتكون الوحدة الأساسية في البداية على شكل مفارز أو مجموعات صغيرة ومن ثم فصائل، ومن ثم تتطور إلى سرايا ووحدات وكتائب,كما في الثورة الكوبية وفي كردستان العراق في ثمانينيات القرن الماضي، وهناك عصابات شكلت على مستوى ألوية وفرق كما في يوغسلافيا إبان الحرب العالمية الثانية.إنَّ تنظيم القطعات بمستويات كبرى في حرب العصابات لا يعني بالضرورة أنّها ستقاتل دوماً بتشكيلات كبرى.تولد العصابات عادة بشكل عفوي كردِّ فعلٍ على القهر الوطني أو الاجتماعي للمحتل الأجنبي وتتكون في البداية من مجموعات صغيرة تتجمع في مناطق أمنية يصعب الوصول إليها، أو تتجمع في منطقة مجاورة لحدود البلاد، تمارس العمل العسكري على نطاق محدود وبشكل حذر. المقاومة الشّعبية المسلّحة هي استخدام القوّة المسلّحة من جانب عناصر وطنية من غير أفراد القوات المسلّحة النّظامية، دفاعاً عن المصالح الوطنيّة ضد قوى أجنبية، وسواء كانت تلك العناصر تعمل في إطار تنظيم يخضع لإشراف وتوجيه سلطة قانونية أو واقعية، أو كانت تعمل بناء على مبادرتها الخاصة، وسواء باشرت هذا الاستخدام للقوّة المسلّحة فوق الإقليم الوطني أو من قواعد خارج هذا الإقليم. والمقاومة بهذا المعنى تعني أي نشاط مسلح للشعوب ضد مستعمريها أو محتلي أراضيها، أو من يمارسون ضدها تفرقة عنصرية مقيتة وصريحة، أو هي تعني بصفة عامة نضال الشعوب المسلح من أجل الحصول على الحقّ في تقرير المصير . فمنها ما هو فردي وما هو جماعي منظم ومنها ما هو مباشر ومنها غير مباشر، ومنها ما هو مسلح ومنها ما هوسلمي, ويحكمها جميعاً إطار واحد ينظم أنشطتها، وهدف محدد يتمثل في التطلع الأخلاقي لانتصار وسيادة الحقّ والعدل وتحرير الأراضي المحتلة، وإعادة الحقوق المسلوبة  إلى الشّعب صاحب الأرض والحق، والتأكيد على استقلال الهويّة الوطنيّة