أهداني الدكتور تحسين طه افندي نسخة من مؤلفه (( آل دلف العجلي )) , الذي يشرح فيه أصل هذه القبيلة العربية العدنانية وتاريخها المجيد منذ عصر ماقبل ألأسلام , وتشييدهم أمارتهم المعروفة بأقليم الجبل , وهي اول امارة عربية في ارض اعجمية حكامها و جيشها من العرب وليس فيها آثار للأعاجم وقد ضمت كرمنشاه وهمذان وقم واصفهان والري بضمنها مدينة طهران , وكانت عاصمتهم الكرج .

بنو دلف أو الإمارة العجلية بطن من بكر بن وائل من العدنانية , وهم بنو دلف بن جشم بن قيس بن سعد بن عجل بن لحيم بن صعب بن علي بن بكر , أسسو إمارة لهم في الكرج زمن الخلافة العباسية , كما يطلق عليهم اسم بنو عجل إيضاً نسبه إلى جدهم عجل بن لجيم , وحاليا قبيلة بنو دلف (عشائر الدلفيه) بنو عجل , الدلفي من فروع امارة ربيعة يتواجدون غالبا في الحلة وديالى ومحافظات الفرات الاوسط وترجع للسراي لامارة ربيعه نسبا واصلا.

انتشر بنو عجل قبل الاسلام على الساحل الشرقي للخليج العربي الممتد من عمان الى البصرة , وشاركوا مع شيبان في معركة ذي قار ولعبوا دورا بارزا فيها , وساهموا في اول انتصار يسجله العرب على الدولة الساسانية قبل الفتوح الاسلامية , وما خلدهم انه لما اراد هانيء بن مسعود الانسحاب من المعركة بعدما رأى جموع الفرس المجهزة بالأفيال , رفض حنظلة بن ثعلبة بن سيار زعيم قبيلة عجل الانسحاب وصمم على القتال ,وبادرلقطع وضن الهوادج , وقطع وضن النساء فوقعن على الارض بمن فيهم ابنته ماريا , وقال ليقاتل كل منكم عن حليلته فسمي مقطع الوضن , فقال ابو تمام في مدحهم :  (( إذا افتخرتْ يوماً تميمٌ بقوسها وزَادَتْ على ما وَطَّدَتْ مِن مَناقِبِ , فأنتمْ بذي قارٍ أمالتْ سُيُوفكمْ عروشَ الذين استرهنوا قوسَ حاجبِ )) .

ورد في السيرة ان هناك من بني عجل من شارك بمعركة بدر الى جانب المسلمين , كما انهم النواة الاولى لأستيطان العرب في قزوين , وأبو دُلف العجلي قائد عباسي في زمن المأمون والمعتصم وهو شاعر وأديب,  وكان أمير الكرخ , وسيد قومه , وأحد الأمراء الأجواد الشجعان الشعراء , ولقد قلده الخليفة العباسي هارون الرشيد أعمال (( الجبل )) ثم كان من قادة جيش المأمون , وكان من العلماء بصناعة الغناء , ويقول الشعر ويلحنه , وتوفي في بغداد سنة 226 هـ , ويوجد في محافظة صلاح الدين شمال مدينة سامراء جامع بأسمه يسمى جامع أبو دلف.

كان أبودلف من أصحاب محمد الأمين , وسار علي مع بن عيسى ابن ماهان إلى حرب طاهر بن الحسين , فلما قتل علي عاد أبودلف إلى همذان , فراسله طاهر يستميله , ويدعوه إلى بيعة المأمون , فلم يفعل , وقال: (( إن في عنقي بيعة لا أجد إلى فسخها سبيلا , ولكني سأقيم مكاني لا أكون مع أحد الفريقين إن كففت عني )) , فأجابه إلى ذلك , فأقام بكرج , ولما خرج المأمون إلى الري راسل أبا دلف يدعوه إليه , فسار نحوه مجداً , وهوخائف , شديد الوجل , فقال له أهله وقومه وأصحابه : أنت سيد العرب , وكلها تطيعك , فإن كنت خائفاً فأقم , ونحن منعتك , فلم يفعل , وسار وهو يقول : (( أجود بنفسي دون قومي دافعاً ** لما نابهم قدماً وأغشى الدواهيا , وأقتحم الأمر المخوف اقتحامه ** لأدرك مجداً أوأعاود ثاويا )) , وهي أبيات حسنة , فلما وصل إلى المأمون أكرمه , وأحسن إليه وأمنه , وأعلى منزلته , وكان المأمون سائرا في موكبه , فترجل له أبو دلف فقال له المأمون: ما أخرك عنا , قال: علة عرضت لي , فقال: شفاك الله وعافاك , اركب , فوثب من الأرض على الفرس , فقال: ما هذه وثبة عليل , فقال:  (( بدعاء أمير المؤمنين شفيت )) .

أورد ابْنُ المُعْتَزِّ فِي طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ , كان العَكَوَّك أبي الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ جَبَلَةَ بنِ مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ , قد قال فِي أَبِي دُلَفٍ الأَمِيْرِ: (( ذَادَ وِرْدَ الغِيِّ عَنْ صَدَرِه … فَارْعَوَى وَاللَّهْوُ مِنْ وَطَرِه , إِنَّمَا الدُّنْيَا أبي دُلَفٍ … بَيْنَ مَغْزَاهُ وَمُحْتَضَرِه , فَإِذَا وَلَّى أبي دُلَفٍ … وَلَّتِ الدُّنْيَا عَلَى أَثَرِه , كُلُّ مَنْ فِي الأَرْضِ من عرب … بين باديه إلى حضره )) , ولَمَّا بَلَغَ المَأْمُوْنَ خَبَرُ هذه القصيدة غضب على الشاعر , وقال: اطلبوه فطلبوه قلم يَقْدِرُوا عَلَيْهِ , لأَنَّهُ كَانَ مُقِيماً بِالجَبَلِ فَفَرَّ إِلَى الجَزِيْرَةِ ثُمَّ إِلَى الشَّامَاتِ فَظَفِرُوا بِهِ , فَحُمِلَ مُقَيَّداً إِلَى المَأْمُوْنِ فَقَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ أَنْتَ القَائِلُ :(( كُلُّ مَنْ فِي الأَرْضِ مِنْ عَرَبٍ……جَعَلْتَنَا نَسْتَعِيرُ مِنْهُ المكَارِمِ؟ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ أَنْتُم أَهْلُ بَيْتٍ لاَ يُقَاسُ بِكُم قَالَ: وَاللهِ مَا أَبْقَيْتَ أَحَداً وَإِنَّمَا أَسْتَحِلُّ دَمَكَ بِكُفْرِكَ حَيْثُ تَقُوْلُ :
(( أَنْتَ الَّذِي تُنْزِلُ الأَيَّامَ مَنْزِلَهَا … وَتَنْقُلُ الدَّهْرَ مِنْ حال إلى حال
وَمَا مَدَدْتَ مَدَى طَرْفٍ إِلَى أَحَدٍ … إِلاَّ قَضَيْتَ بِأَرْزَاقٍ وَآجَالِ )) , ذَاكَ هُوَ اللهُ , أَخْرِجُوا لِسَانَهُ مِنْ قَفَاهُ , فَفَعَلُوا بِهِ , فَمَاتَ سَنَةَ ثلاث عشرة ومائتين , ومات كهلا.

توارت امارة ال دلف عن المسرح السياسي سنة 285 هجري , ولو أردنا ان نضيف للكتاب من العصر الحديث فأن قبيلة حجام قبيلة بكرية ربعية نزارية عدنانية, ورئاسة بنى حنيفة عامة وحجام خاصة لإخوانهم العجليين الدلفيين سلالة دلف ابن القاسم بن عيسى العجلي فهي رئاسة عمودية سلالية قديمة فى هذا البيت كما وصفه ياقوت الحموي فى المعجم , ومن امرائها الذين ملأوا تاريخها بجسيم الأحداث وكبير الأمجاد صالح بن على بن عبدالعلي بن أحمد بن عبدمناف بن أسد بن محمد المتوفى عام 1260هـ الذى دوخ العساكر التركية فى مطلع المشيخة السعدونية وحفيده ضيدان بن فهد بن صالح المتوفى عام1328هـ الذى قاد معارك النيبة الثلاث بوجه الأتراك وأتباعهم تلك الوقائع المأثورة التى تفخر بها هذه القبيلة الى اليوم والتى قُتل فيها يوسف بن عثمان خال فالح باشا السعدون , ومن أمرائها فارس بن صالح بن على المقتول فى مدينة سوق الشيوخ عام 1299هـ والذى طرد الأتراك مرتين من المدينة فى حوادث دامية يذكرها أهل هذه البلاد الى الاَن وحفيده الشيخ الأمير الجواد قائد حجام فى حروبها والمقدم فى مكارمها ومفاخرها جناح بن سفاح المقتول فى مدينة سوق الشيوخ عام 1325هـ وناصر بن ياسر بن حسين بن على الذى قتله الأنكليز بدسائسهم عام 1922م والذى أرعب الميجر دكسن وشرع فى قتله ثلاث مرات فنجا منها دكسن معاون الحاكم السياسي البريطاني العام وتحدث عنه كثيراَ فى كتابه (( الكويت وجاراتها )) , ووصفه بالفارس المتخفى .

أحدث المقالات

أحدث المقالات