موطن شجرة الحناء في قضاء الفاو ,وحناء الفاو تميزت بنقاوتها ومواصفاتها النوعية , طريقة جني اوراق شجرة الحناء والذي يطحن ليكون الحناء , يطلق عليها أهالي الفاو بعملية خرط الاوراق وعندما تسئل عن احدهم في موسم جمع هذه الاوراق ,’ يقال لك بأنه ” يخرط” .مع تناقص أعداد أشجار الحناء , بسبب الحرب العراقية الايرانية , وتشرد أهالي الفاو بين أحياء البصرة , لم نعد نسمع بمفردة يخرط , غير أن العراقيين تلقفوها وحولوها لمعنى آخر , وباتت تطلق على من يتحدث أو يتكلم بطريقة مبهمة لاتفهم منه شيئا , فيقال هذا يخرط وعن كلامه يقال خريط .أذن الخريط كلاما يفتقد المصداقية والمعنى ولايخضع لمنطق أو عقلانية وبلا هدف ,بل مجرد لغو لافائدة منه ولانتيجة ولاتعرف دوافع من يمارس هذا الأسلوب في الحديث .
لنسقط ذلك على واقعنا الحالي , وحياتنا اليومية , ولنبدء بالأعلام و الفضائيات , وكلها تقدم برنامج أو أكثر , في التحليلات السياسية والاقتصادية ,وتتعامل مع الأحداث اليومية , أدمنت على أستضافة شخصيات ,هم أدمنوا أيضا في التنقل والظهور في الفضائيات وقد تشاهد أحدهم في أكثر من فضائية ومقابلة في اليوم الواحد .أما مقدمي هذه البرامج المتذاكين” الشطار “ مع انفسهم والذين يعتقدون بأن مقابلاتهم تلك او برامجهم ذات تاثير مباشر وقوي على القرار السياسي في البلاد , وواقع الحال يشيربل ويؤكد ,بأنهم واهمين فلا أحد من السياسيين يسمع لهم أو يستجيب , وبالتالي فما تعرضه هذه الفضائيات من برامج ومايقدمه شطارها من مقابلات لا يعدو أن يكون ” خرطا ” لأنه بلا مصداقية ولا معنى له أو نتيجة .
الوضع السياسي في البلاد , لا وصف له , ماهو نظام الحكم..؟ , ,من صاحب السلطة والقرار ..؟, هل نحن دولة ذات سيادة ..؟ , هل لدينا نظام اقتصادي واضح , هل توجد خطط تنمية ومكافحة الفقر , هل يوجد نظام صحي , هل يوجد نظام تعليمي , ماهي صيغة الحكم وتوزيع السلطة بين المركز والمحافظات ,لماذا أصبحت المخدرات بعبا لايمكن السيطرة عليه , ومثلها تفشى الفساد لدى كل صاحب سلطة,وتداعيات ذلك عمت البطالة لدى الشباب خاصة الخريجين , تضخمت أعداد الفقراء والمهمشين , أرتفعت نسب الأمية , بل وصلت حالات الطلاق الى أعداد يمكن ان تسجل في كتاب غينيس .لامصداقية ولاعقلانية في القرارات السياسية التي تتحكم بنا , ووضعنا من مأساة ألى أخرى وفي تدهور وتخلف, واستحق وصف ألخريط .
الثقافة في البلاد فهي تائهة , يتصدرها المدعون بها , يغلف تعريف المثقف الغموض والجهل , ومن تناقضاتها يصطف بها بقايا أصحاب الايدلوجيات السياسية , وأصبح يصنف كل من كتب عدة أبيات في الشعر أو كل من كتب بعض الأسطر وسماها سرد , مبدعا , وتحتفي به ألأوساط الحاملة للواء الثقافة , وبات الشعراء والسرديون يهميون على مايسمى بالوضع الثقافي , فتجد شاعرا يدور من تجمع ومركز ثقافي لآخر ومثله السردي , وهذا الخليط ينتظر كرم الدولة في الحصول على منحته السنوية, ويكاد يقبل أيدي الساسيين للحصول على دعم لمؤتمر يقيمه او مهرجان يحصد منه منافع شخصية , التزم هؤلاء المدعين التقية أزاء دور المثقف في تنوير مجتمعه , ودفنوا رؤسهم في وحل التخلف والجهل والانحطاط الذي يسود المجتمع .
كلاكيت…
استنكر الأدباء والمثقفون العراقيون الدعوة التي أطلقها الشاعر قاسم وادي الربيعي لحرق كتب الشاعر سعدي يوسف بعد نصه الأخير “مصر العروبة.. وعراق العجم“ ستوب .
كلاكيت …
عرفته منذ عقد من الزمن ,نشطا في الحراك المدني الديمقراطي , ولم اعرف لأي جهة ينتمي, فتحركه في هذا المجال موسمي أي ايام الانتخابات , وعرفته نشطا ايضا في المجال( الثقافي كما يوصف ) , وكل هذه السنين لم يخرج شيئا ثقافيا , لكن هذه السنة وفي مواسم حمى التدين خرج علينا بقصائد ذات منحى طائفي ” ستوب “.أجزم بأن مثل هذه الثقافة تتطابق مع وصفها بالخريط .
في التدين ,القائد الضرر, بعد سلسلة هزائمه والكوارث التي سببها للعراقيين , لم يجد ورقة يستر بها عورته سوى الأدعاء يالتدين , فكتب المصحف بدمه .أمريكا التي اوصلت الوهابية وطالبان للسلطة في أفغانستان , بحجة هزم السوفيت , وتداعيات ذلك أرهاب هز العالم بزعامة القاعدة والوهابية , لم تستوعب الدرس فنصبت أحزاب الاسلام السياسي في العراق ومصر وتونس , وكل ذي منطق يتسأل هل فعلت ذلك بتخطيط استراتيجي , باعتبارها حاملة لواء الديمقراطية الليبرالية,أم هفوة لم تندثر بعد هزيمتها في فيتنام وكوريا .والساذج يعلم بأن أحزاب الاسلام السياسي لاتؤمن بالديمقراطية الا كوسيلة لوصولها للسلطة . مجتمعات التدين وكلها بلدان متخلفة , يمثل الدين جوهر ثقافتها وتراثها وقيمها, والدين ملل ونحل وطوائف , ومع هزيمة الشيوعية واليسار والقومية ,سادت وتغلبت ثقافة التدين , وغزا المد الديني السياسة والاقتصاد ومايتبعهما من تشضي مجتمعي .
كلاكيت…
تبوء دعاة الاسلام المشهد السياسي , من نوابغهم من أهدى لرامسفيلد المحتل سيف الامام علي , ووصف حكومته المنهزمة من عصايات داعش وغزوها ثلث أراضي البلاد , وحكومة تتنفس الفساد , بالحكومة ” الملائكية” وجمع القطعان أهازيجهم ” نريد حاكم جعفري “. ستوب .
أما معممي التدين , فسيطروا على المشهد السياسي , وتضاعف تقديسهم كما تضاعفت ثرواتهم وبات الحديث عن تقديسهم وثرواتهم مثلبة كبرى ,قد تكلف المتحدث حياته ,ويكفي لأي فاسد أو فاشل التقرب لهم والحديث بأسمهم لكي ينال الحصانة وتطلق يده في المال العام لابل حتى في حياة ومصير الناس .
كلاكيت … الشاعر كاظم الحجاج…
” تجار قريش سادتنا قبل الاسلام وبعد الاسلام ” ستوب .
كلاكيت …
” سبحة , لحية , محابس , والحجي , معالم التدين , وللمزيد , أظهر في عاشوراء وأنت تحرك جدر القيمة ” ستوب .
سادتي الافاضل , ولمن يقرأون ماكتبته أعلاه , قد تكون لديكم نوزاع لنقدي بحدة , لكن وبكل بساطة يمكن وضع معيار “الخريط” لوصف هذه المقامة , لابل وأطلب منكم التريث وانتظار مقامتي في ” العفطية”.