23 ديسمبر، 2024 9:41 ص

المقابر الجماعية لأهل السنة .. ماذا عنها؟!

المقابر الجماعية لأهل السنة .. ماذا عنها؟!

خطوة هامة أقدم عليها مجلس النواب العراقي بالموافقة على مشروع التعديل الأول لقانون حماية المقابر الجماعية رقم 5 لسنة 2006 والذي يتضمن إضافة جرائم حدثت بعد إقرار القانون هذا وبما يعد إقرارا ضمنيا بجرائم بعض الميلشيات المتنفذة تحت غطاء القانون والدولة، تزامن هذا مع تصريحات الدكتور سليم الجبوري أثناء ترأسه لاجتماع اللجنة الدولية لدعم المفقودين بأن المجلس حريص على العمل لتعديل قانون المقابر الجماعية ليشمل كل المفقودين بعد تاريخ إقراره، خاصة وأن العراق مر بمرحلة عصيبة كان للتنظيمات الإرهابية والعصابات المجرمة دور كبير في إخفاء الآلاف من الجثث والتي طالت جميع مكونات ومذاهب الشعب العراقي”.

ولا بد أن خطوة كتلك، وتصريحات كهذي ستثير سعار الكثيرين ممن عاشوا سنين من عمرهم يرتزقون على قضية المقابر الجماعية ويجوبون العالم متحدثين عن مظالم النظام السابق، نعم للنظام السابق مظالم ومقاتل، وخلّف مقابر جماعية كثيرة، لكن ماذا عن مقابر “العهد الجديد”؟

 

من يتحدثون عن مقابر النظام السابق لماذا ينسون أو يتناسون عامدين ما تم بعد الاحتلال من مجازر على يد القوات الأمريكية والمليشيات الشيعية؟

 

ماذا عن مجزرة الحويجة التي راح ضحيتها ما يقارب المائة شخص في يوم واحد؟ وماذا عن مذبحة مسجد سارية في بعقوبة حين قتل المصلون وهم يخرجون آمنين مطمئنين من صلاة الجمعة؟

وماذا عن مسجد مصعب بن عمير ومجازر السنة التي غرق العراق بدمائهم؟

لماذا لا يتذكرها أحد ولا يتباكى عليها المتنورون من دعاة حقوق الإنسان؟ هل الدم الشيعي غال وما عداه رخيص؟

 

 لقد سمعنا خلال الأشهر الماضية الكثيرين يتباكون على مجزرة سبايكر (التي يدينها كل صاحب ضمير حي) ويتهمون بجريرتها أهل السنة، لكننا لم نسمع أحدا يبكي على ستمائة وخمسين شخصا من البو نمر قتلوا في يوم واحد على يد تنظيم داعش، ولم نر غيرتهم على مذابح عشائر العبيد في البغدادي والجبور في الضلوعية والبو عيسى في عامرية الفلوجة وغيرهم، ولم نحس بحرقتهم على دماء أبناء السنة الذين يختطفون على يد الميليشيات الشيعية يوميا ويرمون في مزابل الشعلة والحرية بعد أخذ فدى بعشرات آلاف الدولارات من أهلهم وذويهم.

 

الخطوة الجديدة لمجلس النواب تستحق أن تشكر وترفع لها القبعة، لكنها لوحدها لا تكفي، لا بد من عمل دءوب ومستمر ليعرف العالم حقيقة ما يجري في العراق من مظالم يذهب ضحيتها السنة والشيعة كل يوم، السنة على يد الميلشيات وداعش، والشيعة على يد من يزجون بهم في حروب خاسرة نتيجتها الوحيدة استمرار أنها الدماء والدموع، لا بد من لجان حقوقية تشكل وفرق عمل جوالة تسجل الوقائع والإثباتات وتجمع الوثائق تمهيدا لتدويل القضية ووضعها أمام أنظار العالم كله، لا سيما وأن الانفتاح الإعلامي وانتشار الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي قد سهلت من مشاق هذه المهمة ومهدت لها الطريق، حيث يرى العالم كل يوم ما يجري في العراق من مجازر وانتهاكات لحقوق الإنسان.

 

كما يحسب للدكتور سليم الجبوري دعوته في مؤتمر اللجنة الدولية لدعم المفقودين (ICMP) الحكومة الى الإسراع في دعم هذا المقترح، وأن يكون لهذه اللجنة الدولية مكتب دائم وفعال في العراق لمتابعة كافة الإجراءات المتعلقة بعملها عن قرب، هذا المكتب الدائم إن وجد فلا بد أنه سيقف على حقيقة ما يجري على أرض الرافدين من سفك للدم الحرام تحت ذرائع وحجج شتى، ليعلم العالم كله ما يعانيه أهل السنة منذ سنوات على يد من يدعون نصرة المذهب وحماية المقدسات؛ دون حسيب أو رقيب، وهي دعوة توجه للكثير من الساسة السنة الذين يتجاهلون معاناة أهلهم وأبناء مناطقهم في سبيل صفقات مشبوهة يعقدونها مع رؤوس التيارات الشيعية الحاكمة، وهي تعرية لمن وضعوا ايديهم في أيدي الجلادين واللصوص ولم يكتفوا بذلك، بل زايدوا على من يعمل لمصلحة أهله ووطنه من بعض السياسيين الذين عاشوا هموم مواطنيهم واقتربوا منها.

ولا بد أن يأتي اليوم الذي ينتصف فيه للضحايا المغدورين وأهاليهم الذي تجرعوا كؤوس المهانة والمرارة في غياب الدولة والقضاء والقانون (ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا).