23 ديسمبر، 2024 9:52 ص

في اللاذقية ضجةٌ – ما بين احمد و المسيح هذا بناقوسٍ يدق – و ذا بمئذنةٍ يصيح كلٌّ يؤيد دينه – يا ليت شعري ما الصحيح؟
كتبه ابو العلاء المعري احد شيوخ المعتزلة و فيه عبرة كبيرة لمن يدقق فيه .هذه العبرة تتحول الى خيانة و اِلحاد عند المتعصبين و ذوي الفهم المحدود كذلك عند الذين يظنّون دوما بأنهم الاصح و ما عداهم خطأ و زلّة .
(رأيت ذات يوما رجلا من العامة يستمع الى خطيب و هو معجب به اشد الاعجاب .فسألته :ماذا فهمت ؟ اجابني و هو حانق : و هل استطيع ان  افهم ما يقوله هذا العالم العظيم)! ما قاله الدكتور علي الوردي رحمه الله .كثرة الخطب و المواعظ لا تعني اطلاقا زيادة معرفة العامة , بل قد تسبب العكس و تشجّع الخمول الفكري و هذا بوضوح ما نراه في السعودية و عدّة بلدان عربية و اسلامية .فالعقل اخذ راحة استجمام دائمية , و اعطى اصحاب هذه العقول (ان كان لهم عقول اصلا) مهمة التفكير للواعظين يحشونها بما يريدون من غثّ الفكر و ادناه .
 (إننا سوف نكسب معركتنا لا بمقدار ما نقتل من خصومنا و لكن بمقدار ما نقتل في نفوسنا الرغبة في القتل) مقولة رائعة من غاندي .القتل و حزّ الرؤوس و السبي و السحل في الشوارع كلّها اعمال بائسة ما تدل الاّ عن ضحالة القائمين بها و فكرهم الاعوج الكسيح .
يفلس الانسان ماديا عندما تنفذ امواله . يفلس فكريا عندما تنضب افكاره او عندما لا تماشي هذه الافكار المعقول .افلس الارهابيون الذين هاجموا الجريدة الفرنسية قبل الهجوم و قد حاولوا جاهدين اِخفاء افلاسهم هذا كل هذه السنين .عرف العالم كلّه و في كل اركان المعمورة عن افلاسهم هذا الان.عندما يضطرك عجزك الفكري عن مجاراة الاخرين و تلجأ للقوة و العنف لفرض ما تعتقده , عند ذاك يكون اِفلاسك اخسأ و أوطأ .
حدث في هذا الزمان أناس وللأسف إذا اجتمعوا في بعض مجالسهم يتضارطون فيضحكون على ذلك معجبين بهذا الفعل، وإذا قيل لهم: اتركوا هذه الأفعال الذميمة، قالوا: إنها أولى من الجشاء (التغار)(التريوعة كما تقال بالعراقية الشائعة) أو مثله، مع عدم الدليل المانع لذلك، فبماذا يجابون؟ أثابكم الله. هذه احدى الاسئلة الموجّهة الى الرئاسة العامة للبحوث العلمية و الافتاء في السعودية و هي كما يشير عنوانها من اعلى الهيئات العلمية هناك كما يبدو. فجاء الجواب العلمي : لا يجوز التضارط تصنعًا ، ولا الضحك من ذلك؛ لمخالفة ذلك للمروءة ومكـارم الأخلاق، وليس ذلك مثل الجشاء، فـإن الجشاء يخرج عادة دون قصد إليه ولا يضحك منه، أما إذا خرج الضـراط مـن مخرجـه الطبيعي دون تصـنع- فـلا حـرج فيـه، ولا يجوز الضحك منه؛ لما ثبت عن عبد الله بن زمعة أنه قال:  نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحك الرجل مما يخرج من الأنفس  رواه البخاري ( الجزء رقم : 26، الصفحة رقم:112 ).
اذا كانت هذه علوم الامة و هموم و مشاغل اهلها ,فلا عجب مما يقوم به هكذا ناس .السؤال ,ماذا ان جاء باحث او عالم اخر و فنّد ما قاله علماء هذه الهيئة العلمية ؟هههه.
انه الافلاس بعينه .افلاس الفكر و العقيدة .للمفلسين ما اقول سوى ما قاله برنارد شو :
احذروا من العلم الزائف, فهو اخطر من الجهل .