10 أبريل، 2024 9:16 ص
Search
Close this search box.

المفسدون في الأرض

Facebook
Twitter
LinkedIn

قال الله تعالى : ( وإذا أردنا أن نَهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القولُ)
والمتصفح للتأريخ الإسلامي في العراق ومنذ القرن الأول للهجرة النبوية يرى إن الذي نحن فيه الآن ليس غريباً وإنما هو إمتداد طبيعي لتأريخ دموي بدأ في سنة 61هج حينما خرج الحسين بن علي سبط الرسول محمد (ص) ثائراً مصلحاً بعد أن إستبد الطغاة بالحكم وأنحرفوا عن مباديء الإسلام فلم يشهد العراق حكومة مدنية إن جاز التعبير إلا عام 21 من القرن المنصرم إذ إنه وعلى مدى ثلاثة عشر قرناً أي ألفاً وثلاثمائة عام تحكمه الأنظمة بإسم الإسلام إبتداءً من زمن الرسول الكريم والخلفاء الراشدين مروراً بالدولة الأموية فالعباسية ومن ثم العثمانية وكلها تحكم بصفات أمير المؤمنين وخليفة المسلمين وظل الله في الأرض والمتصفح للتأريخ لايجد عسراً في وضع اليد على الحقائق في المجازر البشرية التي كان الحكام سبباً مباشراً في أحداثها وحدوثها فالملك عقور ألم يقتل المأمون أخاه الأمين وهو خليفة المسلمين ألم يكن إبن زياد والحجاج وغيرهم أمراء للمسلمين وحكموا بأسم الكتاب والسنه أمثلة نسوقها لاتشكل سوى واحدة من آلآف الحوادث التي دونها التأريخ ونستخلص منها إن الأبرياء من الناس كانوا وقود حروبهم وكذلك هم قرابين تصحيح المسار الذي إنحرف عنه الحاكم والذي كان مصوناً غير مسؤول وفي كل تلك المراحل كان صولجان التطرف القبلي والديني والطائفي واضحاً والضحايا معلومون والكلام عن تلك الحقب لاتكفيه صفحات بل مؤلفات دونتها كتب التأريخ منذ مقتل عمر وعثمان وعلي رضوان الله عنهم يمكننا أن نقول قد فتحت الأبواب على مصاريعها للمنبوذين والعملاء والوصوليين وأبواق الفتنة وقطاع الطرق لكي يتلمسوا طريقهم نحو خزائن الأمة المستودعة في بيت مال المسلمين من ذهب وفضة وضياع وممارسة العنف بكافة أشكاله ووسائله من أجل تلك الغاية لاغيرها ، نقول ذلك زمن قد مضى بما له وماعليه ولكن الحاضر يشير على ان في النفس بقايا من ذلك الإرث الموشم بالدماء ومازال يمارس بأَمَّرَ وأعتى فجلباب الرياء الذي كان يُرتدى بالأمس عاد ليرتديه اليوم أشرس عتاة الأرض وليمارسوا من خلاله أبشع الجرائم بأسم الدين فأين هم من القرآن ومبادئه وأحكامه ، أين هم من سماحة الإسلام دين المحبة والسلام .. وفي هذا لانميز طائفة عن أخرى فالكل قد أساء للدين الإسلامي الحنيف الذي أرسى قواعد العفو والأخوة والتسامح والعدل والمساواة والذي كان دستوره صارماً حيث نهانا عن السرقة والقتل وقد جاءت عقوبتهما ملزمة فالقاتل يقتل والسارق تقطع يده فالمسلم مَن سلم الناس من لسانه ويده .. فلو طُـبقت ذان العقوبتان الإسلاميتان بحق المفسدين لتضاءِل عددهم ولربما تلاشى .. فأين هم من تطبيق شرع الإسلام إن كانوا مسلمين كما يدعون ومحمد رسول الإنسانية (ص) يقول لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها هؤلاء لايمتون للإسلام بصلة وإنما هم أدعياء إمتهنوا الرياء والكذب والفتنة التي هي أشد من القتل كما ورد في الحديث الشريف وتفننوا بها عبر وسائلهم الإعلامية (قنوات فضائية ـ فيس بوك ـ مواقع ) هدفاً في تمزيق النسيج الإجتماعي غاية في طمس معالم الهوية الوطنية ، يقول الإمام علي (ع) ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولم يستخدم الدهاء الذي يمتلكه طيلة حياته العامة وكذلك في خلافته للدولة الإسلامية وهنا نتساءل هل ان الحاكمين اليوم ماضون على منهج علي وسيرته في خلافة المسلمين وحرصه الشديد على أموالهم وهو الذي كوى يد أخيه الضرير عقيلاً حينما طلب منه شيئاً من بيت المال ، فكفى تزييفاً للحقائق وكفى بهتاناً على الإسلام وإساءة إليه فالمسارات لاتنم بأي صلة له وإنما أستخدمه البعض للإثراء والوصول

الى مواقع القرار وكراسي الحكم فعلى الناس أن يعوا إن العبادات لله وحده وليس لأحد الحق بأن يمن علينا بأنه يؤديها فهي حق الله وحده لاشريك له بها فأن أداها أولم يؤدها لاعلاقة للناس بها فهو المسؤول عنها أمام ربه .. ولكن المسؤولية الأكبر كامنة في مكارم الأخلاق فالدين رسالة سماوية تأمرنا بالعدل والعفو والتسامح والمساوات وإحقاق الحق ، ورضا الله في أن تكون كريماً عادلاً أميناً مخلصاً فالدين إذن سلوك ومعاملة على ضوء ماجاءت به القيم السماوية عبر القرآن والإنجيل والتوراة وقد قيل عادلٌ كافر خيرٌ من حاكم جائر .. والذي نراه اليوم ليس مترفيها الذين فسدوا فيها وإنما الذين كانوا بالأمس القريب معدمين عابثين مشردين يستحي أحدهم من ملبسه ولم يحصل على قوت يومه ومن بعد إمتهنوا العمالة للأجنبي والتزوير للوثائق وتجارة تهريب البقر والبشر فتحالفوا وتكاثروا وتناسلوا وهم بيننا الآن ولا خلاص منهم إلا بثورة شعبية عارمة تعيد للعراق هيبته وللعراقيين حقهم في الحياة الحرة الكريمة بتطبيق قانون العدالة الإجتماعية وتفعيل قانون مكافحة العمالة والتجسس والقصاص ممن أساء إستخدام السلطة والسطو على الأموال العامة والعودة الى القوانين القديمة في مكافحة الفساد الإداري والمالي أما إذا الحال كما نحن عليه فسوف لن تبقي الحيتان الكبيرة للأسماك الصغيرة مايبقيها على قيد الحياة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب