23 ديسمبر، 2024 12:18 ص

المفاهيم العتيقة وفخ الوقيعة!!

المفاهيم العتيقة وفخ الوقيعة!!

العديد من الأخوة الكتاب وذوي الأقلام الناشطة في ميادين المعرفة المتنوعة , يتناولون مفاهيم عتيقة عبرت عنها مسيرة الأمة في مراحلها السابقة , وتطرح وكأنها جديدة أو غريبة عن مجتمعاتنا , وهذا الأسلوب الإقترابي عدوان على جوهر الأمة وحقيقة دورها وقيمها ومعانيها.
فالمفاهيم المطروحة قديمة , وكان العرب من روادها الأوائل والذين وجهوا أنظار البشرية نحوها , وألهموا عقول نخبها تفعيل العقل لتنطلق به إلى آفاق الحياة.
وهذا يعني أن أبناء الأمة يساهمون مع الآخرين في إنتزاع الأمة من ذاتها وموضوعها , وتمييع جوهرها الإنساني والإدراكي السبّاق لغيرها من الأمم.
فالأمة قدمت ضوابط سلوكية ذات معاني إنسانية نبيلة سامية , أنست بها أقوام البشرية , وتوافدت نحوها أفواجا أفواجا , فاحترمت العقل والمعتقد والرأي الآخر , وأوجدت صيغا وحلولا رحيمة للتوافق ما بين المتناقضات أو المتباينات الإعتقادية وغيرها.
وفي كتابها نصوص تؤكد على ذلك , وفي تطبيقاتها الواعية لجوهر الأفكار القرآنية , قدمت نماذج راقية في التعامل مع الآخرين.
وقد جرت ماكنة التشويه والتزوير لحقيقتها وما قامت به أجيالها , وما أوجدته من إنارات ومشاعل معرفية أصيلة على هديها مضت الشعوب والأمم , ولا يمكن نكران دورها مهما تحامل عليها المتحاملون , وتآزر ضدها الشعوبيون الغادرون.
فمبادؤها ومنطلقاتها سادت الدنيا لأربعة عشر قرنا أو يزيد , ولا تزال إرادتها الإنسانية نابضة ويُستوحى منها وتتمثلها أمم عديدة , فلا توجد خطوة حضارية في أرجاء المعمورة تخلو من لمسات وتأثير روحها وقيمها.
وأكثرهم يشترون منا ويبيعون علينا , وأبناء الأمة صاروا يسوّقون ما يُعاد تصنيعه وتوريده إلينا , لتهميش وجودنا وتحطيم إرادتنا , ويحسبون ما يقومون به فكرا ومعارف ذات منفعة , وبهذا يطعنون وجودهم بأيديهم وهم في غفلة سادرون.
فهل لنا أن نعي دورنا , ونبتعد عن القيام بما يُراد لنا أن نقوم به , لسحق الهدف بمكوناته وعناصره الفاعلة فيه.
وإن الأمة بخير عندما يقر أبناؤها بأنهم أوفياء لرسالتها الحضارية الساطعة!!