18 ديسمبر، 2024 9:13 م

المـُختصر المُـفيد في موضوعة

المـُختصر المُـفيد في موضوعة

الدولـة العـَلمانية .. و الـدولـة الـدينيـّة
عادة ما يلجأ العديد من الكتــّاب و المفكــّرين الى تحاشي أستخدام مفهوم ( الدولـة العلمانية ) مقابل مفهوم ( الدولـة الدينيّـة ) .. خشية أستفزاز الأسلاميين ، بناءاً على الصورة النمطيـّـة المأخوذة عن مفهوم الدولـة العلمانية .. فليجأون الى أستخدام تعبير ( الدولة المدنــّية ) .. لـتجنـّب صُداع هم في غنـى عنه ..! رغم أن الفارق شكلي بين الدولة العلمانية و الدولة المدنـية ..! – فالدولة العلمانية و الدولة المدنية هما مفهوم واحد من حيث الأساس لأنهما يقومان على مبدأين مُشترَكين : القوانين الـوضعية .. و مبدأ الـمواطنة ..!

الـقوانين الـوضعية : هي الـقوانين التي يضعها الـبشر .. و بذلك هي قوانين متحرّكــة مـرنـة و قابلـة للـتعديل أو التغيّـير وفق تطوّرات و حاجات المجتمع و الأفـراد و الدولـة ..! يقول ( جون لـوك ) ، الأب الروحي للعلمانية في أوروبا :

( وظيفة الدولة هي رعاية مصالح المواطنين الـدنيوية ) .

مبدأ المواطنـة : هو عدم التمييّز بين المواطنين بناءاً على معتقداتهم الـدينية / المذهبية أو الفكرية أو بناءاً على أعراقهم و ألـوانهم و جنسهم .. فالجميع لهم نفس الحقوق و نفس الواجبات .. و الجميع متساوون أما الـقانون .

– الدولـة العلمانية لا تــُعادي الـدين .. بل تمنع أستخدام الدولـة للـدين لـتبرير سياساتها .. و تمنع أستخدام رجال الـدين للـدولـة لـتمرير مصالحهم أو لـتبرير تسلـّـطهم على الناس …! وهذا ما يُفـسـّر لنا مُعاداة الأسلام السياسي و رجال الدين للدولة العـَـلمانية ..! – الدولـة الدينيـّة :

– تكون مدعاة للتفرقـة بين الناس ضمن الوطن الواحد ، مهما كابـرَ دُعاتها أو أنكروا ذلك .. لأن الدولة هنا و خصوصاً في المجتمع المتعدّد الأديان و المذاهب و الأعراق كمجتمعنا .. لابد أن تـتبنـّى ديناً مُحدّدا و بالنتيجة لابد أن تـتبنـّى مذهباً مُـعيّـناً ضمن الدين المحدّد .. و هنا حتماً سيحصل تعارض و اشتباك مع باقي المذاهب ضمن الدين الواحد ، و مع باقي الأديان الأخرى ، نظراً لتباين الرؤية بينهم فقهياً و تشريعياً ..!

– كما أن تــديّن الدولـة سيُشجـّع على النفاق ( الديني ) و يُـشجـّع على الـتديّن الشكلـي ، لتحقيق مآرب و مصالح شخصية أو حزبية أو طائفيّة / دينيّة ..! كما حصلَ في المدينة المنوّرة و بوجود النبي محمد – ص – ، بظهور حزب المنافقـين .. فما بالك في وقتنا الحاضر ..؟

– أن أعتماد الدولة الدينيّة على نصوص تشريعية تحمل صفة ( الـقداسة ) ، يجعلها عاجزة عن تغييّرها أو التلاعب بها .. و بما أن الحياة البشرية تـتغيّر و تـتطوّر باستمرار .. مما يعني أن النصوص الشرعـية لا تستطيع مُجاراة هذا التغيـّر و التطوّر ، و بالتالـي أما فشل هكذا دولـة أو أنعزالها عن العالم الخارجي .. وهو ما يعني مـوتها سريرياً ..! – مـهمـّة الـدين أساساً لتحقيق هدفـين رئيسيّين : تــهيـئة الـفرد في الـدنيا لـدخول الـجـنــّة في الآخـرة ، و صلاح المجتمع .

الهدف الأول ليس من مهمات الدولـة .. بل من مهمات الجوامع و الحسيّـنيات .. و المدارس الدينية الخاصـّة بكل طائفة و دين ..!

و صلاح المجتمع .. تستطيع الدولة العلمانية تحقيقه وفق معايير العصر الحديث ، العدل و المساواة و الحريات و حقوق الأنسان و احترام كرامة الـفرد و آدمـيـّـتهِ و احترام الحياة و قيمتها … و كل ذلك لا يبتعد عن جوهـر أهداف الأديان …!!
مستشار ثقافـي / منظمة بلاد السلام لحقوق الأنسان

مستشار أعـلامـي / مؤسسة الـتضامن للصحافـة و الـنشر