23 ديسمبر، 2024 3:08 ص

المغيبون وفأر التصريحات المتناقضة !!

المغيبون وفأر التصريحات المتناقضة !!

تقول العرب عن المخاض الذي بلا ولادة تتناسب مع حجمه وتاثيره ” تمخض الجبل فولد فأراً ” وهو مافعلته مفوضية حقوق الانسان في العراق عندما حاولت ان تغطي شعاع الشمس بغربال ، فأنكرت في بيان لها (14 نيسان ) وجود مغيبين ، ودعت بحسن نيّة تحسد عليها الى ” ابعاد آلام العراقيين عن المعترك السياسي ” وكأن قضية المغيبين أو المختطفين قسراً منافسة بوبجية على البلي ستيشن !
وايغالاً منها في غلق ابواب هذا الملف الخطير تقول السيدة فاتن الحلفي عضو المفوضية في تصريح متلفز ” بعد اجراء التحقيقيات لم يثبت وجود أي مغيب ونحن غير مسؤولين عن الاحصائيات غير الموثقة التي تعلن هنا وهناك”، واضافت بارادة قوية “لدينا العديد من المفقودين ولكن لا يوجد أي مغيب” !! لافتة إلى أنها “نرفض كلمة مغيبين اذا لم تكن هناك ادلة” !!
لن ادخل في نقاش سفسطائي كما يقال مع السيدة فاتن ، واحيلها الى ماخرج من فم السيد الكاظمي ومكتبه الاعلامي في الملف نفسه التي تنكر وجوده . ففي التاسع والعشرين من آب 2020 قال الكاظمي ” أنّ ممارسات غير قانونية تمارس ضد العراقيين، واعداً بمتابعة ملف المغيبين قسراً بشكل جدي” وجاء تصريحه عقب لقائه عددا من ذوي المغيبين من محافظتي صلاح الدين والأنبار ومدينة الصدر في بغداد” واصدر المكتب الاعلامي للسيد الكاظمي بيانا عقب اللقاء جاء فيه ” إنّ “الكاظمي استمع إلى قصص مؤثرة روتها الأسر عن أبنائها، الذين فقدوا في أحداث مختلفة وفي أوقات متباينة”، مشيراً إلى “مشاركته أحزانها وآلامها على فقد أبنائها، ووعدها بمتابعة ملف المفقودين قسراً بكل جدية، انطلاقاً من مبدأ قانوني ودستوري، فضلاً عن كونه مبدأ أخلاقياً”.
واضاف البيان الى ان الكاظمي لفت الى أنّ “الكثير من الممارسات غير القانونية ذات الطبيعة الإجرامية، التي كنا نعتقد أنها قد ولت مع زوال النظام السابق، ما زالت تمارس، وهي مرفوضة مهما كانت أسبابها والجهة التي اقترفتها، تارة لأسباب طائفية ونزاعات عبثية، وتارة أخرى بسبب عصف سياسي تسبب بتغييب شباب ما زالت عوائلهم بانتظارهم”، موضحاً أنّ “ملف المغيبين قسراً يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان” التي تتبناها المفوضية !
وفي آيار من العام نفسه كان السيد الكاظمي قد زار وزارة الداخلية وناقش مع عدد من الضباط حول اتهامات لجهات سياسية وراء عمليات الخطف، ووجههم قائلاً “لا تخشوا أي جهة تدعي الانتماء السياسي، تحركوا ضد عصابات الخطف” ..!
وحتى لاتعتبر هذه المحاججة سياسية ساحيلها ايضا الى بيان للمفوضية التي تنتمي اليها صدر في الثلاثين من آب 2020 جاء فيه ” ان 166 حالة اختطاف جرت في محيط ساحة التحرير فقط”. واكدت في بيانات سابقة نهاية العام الماضي، ان “56 مختطفا مجهولا حتى الان”..والاختطاف يعني التغييب فيما بعد وهي ممارسات سياسية تستحق ان يفتح ملفها على قاعدة اهدافها ومآلاتها السياسية !، ودعت المفوضية الحكومة العراقية للكشف عن مصير “المختفين قسرا” وأنصاف عوائلهم!! وزيادة في اقناع السيدة فاتن احيلها الى تصريح آخر لعضو المفوضية وهو انس العزاوي الذي قال في تصريح صحفي في الثلاثين من آب 2020 ” ان المفوضية العليا لحقوق الانسان تدعو الحكومة لتحمل مسؤولياتها والكشف عن مصير المختفين قسرا وأنصاف ذويهم”.
وأضاف العزاوي ان “المسؤولية الاخلاقية والقانونية تلزم الحكومة بأتخاذ أجراءات ملموسة للكشف عن مصير الآلاف من العراقيين الذي أخفوا قسرا أثناء سيطرة تنظيم داعش الارهابي وما تلاها من عمليات تحرير وما رافقها وبعدها من عمليات أخفاء ممنهجة”،واوضح ان “جرائم الاختفاء القسري تعد من الجرائم ضد الانسانية الدولية التي لا تسقط بالتقادم، والتي تلزم العراق كونه طرف في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري بإتخاذ التدابير اللازمة لمنعها وتوفير الحماية لمواطنيه منها ومنع مرتكبيها من الافلات من العقاب”..!
ونسأل : من يقول الحقيقة في هذا الملف الانساني – السياسي الشائك ؟
اذا كان رئيس الوزراء يعترف بوجود هذا الملف وعضو في المفوضية يقرّه ويطالب باحالة المجرمين الى سوح العدالة ، فكيف بالسيدة فاتن نكرانها وجود هذا الملف !
الذي ينكرون وجود هذه المأساة الانسانية في هرم السياسة العراقية وتفاصيلها ، يعرفون جيدا ، خارج شاشات الفضائيات والتصريحات الرنانة ،ان انهاء معاناة اهالي المغيبين قسراً من شأنه ان يساعد القوى السياسية المختلفة ان تدمل هذا الجرح الغائر في الجسد العراقي وتفتح الطريق لمصالحات اجتماعية وسياسية قد تنقذ هذي البلاد من المستنقعات التي تخوض فيها منذ عقدين من الزمن !!