لم يكن قرار وزارة المالية الأخير بأستقطاع توقفات تقاعدية من رواتب المعلمين المصابة بالهزال و الاسهال أصلاً و بنسبة 10% و بأثر رجعي من الشهر الاول الا ضربة موجعة جداً في الظهر لهذه الفئة و الشريحة التي تكالبت عليها كل مسببات القهر و الظلم رغم ان الكل يعترف انها هي مصنع الاجيال و بيدها مفتاح تقدم البلد أو تأخره ، إن هذا القرار المجحف بحق المعلمين يؤثر سلباً على كل العملية التربوية فكيف يمكن للمعلم أن يقدم ما هو موكل به من تعليم ابنائنا و يبذل جهده في تربيتهم و أعطائهم المعرفة و ايصالها لأذهانهم و هو مليء بمشاعر الاحباط و الظلم و فكره مشوش بالهموم المادية و الصعوبات الحياتية و الديون المتراكمة و حاجات أسرته المتزايدة ، و هو يرى و يلمس ان مهنته المقدسة يزحف عليها الموت التدريجي و التصحر فبعد ان كان المعلم رمزاً و نبراساً للثقافة و الفكر و تقدم الشعب و تطوره بات اليوم يعيش أدنى حالات التدهور الذاتي و أنحدار قيمة العلم نتيجة منهجية التحطيم التي أستخدمها النظام السابق و لم تُغير فيها كثيراً الانظمة في ما بعد التغيير لا بل زادت سوءاً عندما تغيرت الموازين و المقاييس في المجتمع و تحولت بوصلتها نحو قيم مادية بحتة ، فاذا أجريت اليوم أستبيان بسيط على تلاميذ المرحلة الابتدائية في أي مدرسة تختارها في العراق عن أمنية هذا الطالب و حلمه في المستقبل لخرجنا بنتائج تكاد تكون شبه موحدة و ثابتة نسبياً فالنسبة الاعظم من خيارات التلاميذ عند سؤالهم عن حلمهم في المستقبل سيكون الجواب ان يكون شرطياً أو عسكرياً و بنسب أدنى منه يكون طبيبا او مهندساً او معلماً و بنسب معدومة ان يكون عالماً ، هذه النتائج على المختصين و المتصدين للقرار الاستفادة منها و دراستها فهي تؤسس لأفكار و نتائ خطرة أهمها عدم الاهتمام بالتعلم و الدراسة و بالعلم و الفكر و انما غاية و هدف التلاميذ أن يحصلوا على الامتيازات البراقة كالسيارة و الاموال و البيت الحديث و الرفاهية و الاستمتاع و هذه كلها لا يجدوها عند من يحمل الشهادة اي المتعلم و انما يجدوها عند غيرهم ممن لم يحظى بنصيب من العلم و الدراسة ، فكيف يكون المحتاج و الفقير هو مثلهم الاعلى ؟ ففقدت الشهادة و العلم مكانتها و سننتهي بأجيال جاهلة و متخلفة تبغض العلم عندما يرون المعلم و المتعلم لم يحصل من الدولة على أقل أستحقاقاته التي تليق بجهده و رسالته فلا رواتب مجزية و لا قطع أراضي و لا سلف و لا اي أمتيازات بينما يتمتع غيره بكل هذا و أكثر فهل هي أتباع لخطوات سابقة أرادت من المعلم أن يحمل طاسة البناء في الصيف و اليوم تمارس نفس السياسة فهل من منقذ للأجيال بأنقاذ صانعها ؟؟؟؟