18 ديسمبر، 2024 9:05 م

المعطيات الاساسية للتدخل التركي . . ومعركة الموصل 

المعطيات الاساسية للتدخل التركي . . ومعركة الموصل 

بعد استقرار الوضع في تركيا عقب محاولة الانقلاب الاخيرة ، وقيام حكومة السيد اردوغان بتصفية خصومه داخل الاراضي التركية . اتجه صوب الحدود السورية والعراقية ، يدفعه في ذلك هدفين 
الاول يكمن في التخلص من خصومه الكورد المتمركزين على الحدود في هاتين الدولتين 
والثاني   رغبته في تحقيق حلم الامبراطورية التركية الذي يمثل امتدادا للسلطنة العثمانية ، التي حكمت لفترة طويلة مساحات شاسعة من الاراضي الاوروبية والاسيوية 
لقد رأى السيد اردوغان في التدخل الروسي والايراني في سوريا فرصته الذهبية للامتداد داخل حدود هذه الدولة ، بذات الحجة التي تدخل بها الاخرون . وهي مكافحة الارهاب الداعشي . . كما لم يخف عزمه على تصفية خصومه  الكورد من هذا التدخل ايضا ولتحقيق رغبته بالتوسع هذا استعان بالاذرع الكثيرة للاخوان المسلمين في المنطقة كلها والعالم وفي الجانب الاخر نرى قادة الثورة الاسلامية في ايران وتحت شعار تصدير الثورة يحاولون احياء الامبراطورية الفارسية ، التي كانت تمتد الى مناطق واسعة خارج الحدود الايرانية ، ولتحقيق هذا الهدف استغلوا الدين وحماية المذهب كذريعة لهذا التوسع ، وهي ادوات فاعلة من ادوات التحشيد والتاييد . . وقد استطاعوا فعلا من مد نفوذهم الى العراق ثم سوريا ولبنان . . وقد كان هذا دافعا اخر من دوافع التدخل التركي في العراق ، الذي وجد في هيمنة ايران على مناطق وسط وجنوب العراق مبررا لمد نفوذهم باتجاه القسم الشمالي المتمثل بالموصل وبعض مناطق اقليم كوردستان وازاء هذا التدخل نجد الولايات المتحدة الامريكية قد صرحت بان على الحكومة التركية اخذ موافقة الحكومة العراقية قبل التدخل العسكري في شمال العراق . . في حين انها في اليوم التالي قد اوضحت بان على الطرفين حل مشاكلهما بالحوار وبالطرق الدبلوماسية . وفي ذلك ينطبق عليها المثل العراقي ( تقول للحرامي بوك _ اي اسرق_ وتقول لصاحب البيت اتحفظ ) ء
كل هذا ونجد الشعب العراقي غافلا عن المؤامرات التي تجري على ارضه  ، وتسمع صرخات التهديد من اطراف التحالف الوطني ضد التدخل التركي في شمال العراق .  اضافة الى بعض الاطراف من اتحاد القوى ايضا . .  وفي المقابل نرى ان هناك جهات اخرى ترحب بهذا التدخل لحماية الطائفة  ايضا من عمليات الانتقام  او التهجير   في حين ان الحزب الاسلامي وهو احد واجهات الاخوان المسلمين في العراق قد وقف موقف الحائر ، لكونه لا يريد ان يفرط بحليفه التركي من جهة ، ولا ان يخسر رئاسة مجلس النواب الذي حصل عليه بمساندة ايران من جهة اخرى .  .  وهو بهذا يمثل موقفا انتهازيا لا يحسد عليه .
      وهكذا نرى الناس مختلفين فيما بينهم ، في حين ان اطماع الجارتين التركية والايرانية تستغلهم للدفاع عن مصالحهما البعيدة كل البعد عن مصلحة الشعب العراقي ، الذي يخسر يوميا كوكبة من ابناءه الشهداء ، والمليارات من موارده المالية دون ان يحققوا اي انجاز اقتصادي او خدمي لصالح الفقراء والمساكين من ابناء شعبنا المغلوبين على امرهم ،  والمندفعين لتأييد هذا الطرف او ذاك  نتيجة جهلهم ، وغلبة الخرافات العالقة في اذهانهم .  يحسبون انهم يدافعون عن الدين والمذهب في حين ان نتائج تضحياتهم تذهب لصالح دول اخرى .  .   ولا نريد ان نطيل بهذا الحديث . ولكننا في النهاية سنرى امرين لا ثالث لهما من التدخل التركي في العراق 
        الاول .  . ان لا احد من الحكومة العراقية او خارج الحكومة من الفصائل المسلحة قادرا على اخراج الجيش التركي من الاراضي العراقية .   وان ذلك منوط فقط بقرار من الولايات المتحدة الامريكية 
         الثاني . .  ان معركة الموصل ستدفع بداعش خلال فترة قصيرة خارج الحدود العراقية وباتجاه سوريا (  باتفاقات سرية او ضمنية)   لان مهمتهم هناك ستكون على ما يبدو اكثر جدوى وفائدة . خصوصا  بعد الفيتو الروسي في مجلس الامن  .  .  .  وان المعارك في الموصل اذا استمرت فترة اطول فهذا يعود الى الخلاف العشائري فقط .   وفي ذلك لن يكون لتركيا اي دور فيها 
         وبعد هذا كله ما زال العراقيون مختلفون حول التدخل التركي ،  وهم بذلك كمن يناقش هل الملائكة ذكورا ام اناث.