18 ديسمبر، 2024 9:55 م

المعراج وفضاءات العقل

المعراج وفضاءات العقل

بعد وقفة لنا قبل يومين على ليلة الأسرى والمعارج، زاد الكلام في اليومين بعدها عن الفضاء من وكالات الفضاء وما حدث وسيحدث في الفضاء في بقية الأيام.!

ترى من منا لم يسمع ولم يقرأ عن فضاءات الفضاء علميا وعقائديا .. حقيقيّاً أو خرافيّاً.؟
ومن منا لم يسمع ويقرأ عن وكالات الفضاء وعلى رأسها وكالة (ناسا).؟

ثم من منا لم يقرأ ويؤمن بمعاجز الأنبياء، وعلى رأسها معجزة خاتم الأنبياء النبي الكريم (المعراج).؟

أنا إبن (آدم) .. ذلك المخلوق الذي اُهبط من الفضاء الأرض،  ليمشى فوقها تائباً على رجليه، ودون جناحين له إلى أن يدفن تحتها بضلعيه.!

 

وآدم هو ذلك المخلوق الذي قُلّد بأشرف المخلوقات .. قلادةً لم ينعم بها الجن بالقوى الخارقة في الكهوف .. ولا الملاك بالقوى الزاهدة في الجنان .. ولا الأسد بالقوى الفائقة في الغابات .. وقُلد في حفلٍ لم تكن بكاميرات ولامصورون وصحفيون ولا حتى جمهور يصفق له.!

 

ولم يكن التكريم لجمال وجه (آدم) ولا رشاقة جسده او قوة عضلاته .. وإنما لكمال عقله، الذي به قد يعود للفضاء إن أراد.! .. ويخرق الفضاءات تلو الفضاءات إن أراد.! .. ويتنقل من كوكب الى كوكب إن أراد.!

 

ليلةَ المعراج آلمني أخي في الدين ومن بلاد يفوق سكانها 180 مليون 95% منهم مسلمون وكل مسلم فيه مسلم بدرجة 100% .. آلمتني إجابته على سؤالي (ما الحكمة في معجزة المعراج التي تميز بها نبينا الكريم عن بقية الأنبياء.؟) .. فأجاب وللأسف (لأن الرسول كان قد تأذّى من القريش، وكان قد قرر الإنتحار، فأوفر الله له هذه الرحلة السياحية الفضائية لكي لاينتحر..!)

 

وضعت أمامه سؤالاً ولازلت انتظر منه الرد، وسأبقى أنتظر كما يبدو: (أخي إسلام، بلادك القويّة عسكرياً في آسيا، إن خاضت الحروب، واختار القائد العام للقوات المسلحّة قائداً قتالياً للميدان، أليس من البديهي، إنه سيختار قائداً شجاعاً لايهرب ولاينتحر.؟” ..

قال “نعم انه من البديهي جداً” فأعقبته بسؤال: (أليس من البديهي بأن هذا القائد يعرف ان يميّز بين جنرالاته صفات من سيختاره لهذه المهمة.؟) .. فقال نعم إنه من البديهي بل ومن المؤكد أن يختار الأنسب.؟”

هنا كان سؤالي: (فهل البديهية بمكان يا أخي إسلام، أن نقول او حتى نفكر أن الله إختار آخر الأنبياء بمهماته الصعبة من ينتحر..؟) .. كان هذا هو سؤالي ولازلت أنتظر جوابه.

 

أنا إبنُ آدم، ذلك الذي كرّمه الله بالنبي الظاهري والنبيّ الباطني، وما النبىّ الباطني الا عقله، وبعقله هذا إبنُ آدم بعد أن آمن بالله والرسول والكتاب المبين، قرر ان يعود للفضاء، خاصة ودينه يحضّه على العقل والفكر والتدبير (أفلا يعقلون، أفلا يتفكرون، أفلا يتدبرون)

 

فضاءات المعراج تعطيك بين السطور، ما يفهمه العقل السليم في الجسم السليم، عبر ذلك المخلوق الذي أهبطوه الأرض ليمشى على رجليه، فيعود لعقله ويسأله (هل انا أفضل المخلوقات بين الدواب والبهائم، لاني أمشي على رجلين وهنّ على أربع.؟) وأتاه الجواب بالنفي من عقل لبّى دعوة (افلا يفكرّون) … نعم فكرت طويلا، لست انا اشرف المخلوقات لاني أمشي على رجلين وجنبي “البط والديك والدجاج” تمشي على رجلين، فلم أكن أشرف المخلوقات لأني أمشي على رجلين.؟

وإنما لأني متميّزٌ بالعقل الذي إن إستخدمته لعدتُّ الى الفضاء بمساحات لم تخترقها البط والديك  والدجاج والغراب، ولا حتى الصقور والنسور والعقبان، فلن تنتهي رحلتي على ما إنتهت عليها أبولو(11) .. وإنما لي فضاءاتٌ تتبعها فضاءات لاتنتهي .. وذلك لأني:

أنا إبن ذلك آدم الذي أهبطوه الأرض دون جناحين بعد ان منحوه (العقل)، والعقلُ نبيّه من الباطن يمنعه يوميا (إياك والجهل) ويأمره يوميا (عليك بالعلم).

 

فبالعقل يا اخي المسلم الفقير المتواضع، أنت رائد الفضاء ورائد الطب ورائد الزراعة ورائد الصناعة ورائد التكنولوجيا ورائد الإقتصاد ورائد السياسة .. ثم وأنت رائد الروّاد .. العقل يرفض الإنحناء للجهل، والعقلُ يؤكد عليك انك مسلم وإن لم تشهر به، ومن المعقول جدا ان أفلاطون وسقراط وأرسطوطاليس كانوا مسلمين بالعقل، وحتى آنشتاين ومن دار في فلكه  كان مسلما بعقله وهو لايدري.!

 

(بل غيت) أغنى رجل في العالم إذا نظرت إليه بعقلك لعلك تراه مسلما بالعقل السليم قبل أن تراه إمبراطورا بالتكنولوجيا والمال .. وانك تكون قد أنزلت عقلك درجتين عندما تفرض على إبنك الصوم والصلاة بطقوسهما الجسدية ولا تشرح لهما فلفستهما العقلية.!

 

مهما قلدوك من قلائد القادات، والبسوك من بشوت البشوات، ستذهب القلادية والباشوية ويبقى العقل .. كما إنتهت كثير من خرافات الأديان المنحرفة وبقى المعراج بشمعة العقل، وبالإعجازية التي أعطاها الإسلام الإنسان البدوي الصحراوي برسالته السماوية المقدسة يوماً من البيت العتيق، وبات يطبقه الإنسان العصري التكنولوجي اليوم بعقله من المريخ وما فوقه بعقله وبعلمه.

طبعاً وفوق كل ذي علمٍ عليم…