23 ديسمبر، 2024 4:37 ص

من التعمير , فمن الأرجح التحدث عن المعامرة , وليس المؤامرة , فالقوى أيا كان نوعها تخطط لتأمين مصالحها , ولا يعنيها مصالح غيرها مهما توهم ذلك الغير , فلا توجد دولة في العالم تسعى للحفاظ على مصالح غيرها , بل أن القانون السائد في العلاقات الدولية – منذ الأزل – أن الدول تستأثر بمصالحها , وعندما تجد فرصة لتأمينها وتطويرها ستغنمها بقوة.
أما إذا وجدت في الدولة الأخرى أعوانا لها , أحرص منها على مصالحها , فهذا يعني أنها إمتلكت تلك الدولة بما فيها وما عليها.
ومن هنا فأن الخطاب الذي عليه أن يسود الوعي الجمعي , هو خطاب المعامرة أي أن نعمِّر بعضنا بعضا ونقوي بعضنا بعضا , وتقوي كل مدينة المدينة الأخرى , أي أن تتقوى الموجودات الوطنية ببعضها , لا أن تتعادى وتتماحق وتستنزف طاقاتها , وتبدد قدراتها لتأمين مصالح الطامعين فيها.
فالواقع السلوكي الحقيقي لا يتوافق مع الكثير من المصطلحات المستوردة الشائعة في المجتمع ومنها المؤامرة , الذي صار قميصا للإنقضاض على مئات الناس الخبراء بصناعة الوجود الوطني الأقوى.
وبموجبه تم ربط الوطنية والإخلاص بالكرسي , أيا كان منهجه ومنطلق سلوكه وما يراه ويعتقده , فمفهوم المؤامرة يقتضي أن يكون الكرسي فوق الوطنية والمواطنين , وعندها يكون المفهوم مبررا للعدوان , والإنقضاض المتوحش على الناس الذين لا يتوافقون وتصورات الكراسي.
وفي واقعنا المكلوم بالكراسي , إعتلى أعواد المشانق الآلاف من الذين تلصق بهم تهمة المؤامرة , وما هم إلا أصحاب رأي وتصور وطني آخر , بل أن سوح الإعدامات أكلت الآلاف من الأبرياء وفقا لمنطوق المؤامرة.
فهل تساءلت الكراسي عن التعمير , وهل وضعت قيمة الإنسان وحقوقه في أولويات مهامها , وهل أدركت أن التنمية الإقتصادية عماد الحياة البشرية.
أم أنها ستبقى تلوك المصطلحات الدخيلة , والمواطنون يضرسون , والبلاد تئن وهم ينهبون ويسلبون , وفي بنوك الآخرين يودعون
فتنبهوا واستفيقوا , فقد غاصت الرؤوس في الضلال والبهتان , وامْتُهِنَ الإنسان بإسم الدين والكرسي المصان!!