23 ديسمبر، 2024 10:36 ص

المعارضون والمجاهدون والمجالدون العراقيون بعد 2003 تمحوروا الى مجرمين وقتلة

المعارضون والمجاهدون والمجالدون العراقيون بعد 2003 تمحوروا الى مجرمين وقتلة

يبدو أن الضمير الإنساني قد مات تماما وهو يشهد اخطر موجات العنف وإراقة الدم التي تجتاح العراق من حين إلى آخر .. ويبدو أن الضمائر العربية قد ضمرت تماما ، وهي تشهد مأساة العراقيين السوداء من دون أن تقول كلمة حق ، أو تنشد أغنية معبرة عن ضمير قومي ! ويبدو أن دول العالم الإسلامي قد ماتت قيمها الإسلامية الحنيفة وهي تشهد ما يحل بالعراقيين .. أما عن العراقيين ، فيبدو أن كل من يشتغل ” سياسة ” منهم متعطش للسلطة بشكل مقزز ! وهل فقد هؤلاء ضمائرهم سواء من كان في السلطة أم في المعارضة ؟ كيف لا ، وهو يشهد العصف الأصفر وعناقيد الموت الجماعي ! وإذا لم يكن لي أي دالة على الضمير الإنساني أو العربي أو الإسلامي.. فان دالتي على كل من عدّ نفسه عراقيا يؤمن بوطنيته الحقيقية ، ولا يبيعها لأهوائه ونزعاته المريضة ومصالحه المؤقتة ، وهو شيطان ساكت عن الحق ، ويتلون مع هذا أو ذاك ، ويتحدث باسم أولئك ضد هؤلاء .. إن العراقيين الأبرياء ضد كل شياطين الماضي والحاضر والآتي ، وخصوصا على امتداد الزمن الذي تخضب بدمائهم الزكية في الحروب وساحات الإعدام .. وضد كل من يسعى للسلطة أو الحكم بأي ثمن كان ، كي يحكم العراق حتى لو فني كل العراقيين .. وضد كل المستهترين بوحدة العراق وأرواح شعبه الأبية.. وهو الشعب الذي كان ولم يزل يضحي بالغالي والنفيس ، وهو ينتظر الأمن والحرية والعيش الكريم ..ليس مطلوبا بعد اليوم أن يكتفي أولئك الذين نصّبوا أنفسهم من المعارضين ، مهما كان جنسهم ولونهم ودينهم وحزبهم بإرسال الإدانات على استحياء سواء كانوا بعثيين أم إسلاميين .. قوميين أم طائفيين .. سواء كانوا ضباطا مهووسين ، أم مدنيين مجانين ، أم رجال دين منافقين .. ليس مطلوبا بعد اليوم أن يكتبوا مجرد كلمات إدانة ! وليس مطلوبا بعد اليوم أن يكتفي هؤلاء الذين جاءوا إلى السلطة بعد دكتاتورية صدام حسين أن يوزعوا الاتهامات من دون أن يتحملوا مسؤولية رعاية العراقيين .. ليس مطلوبا بعد اليوم أن يتكلم أي عراقي سياسيا باسم العراقيين .. إذ كفاهم يخدعون الناس ، وهم يشهدون كل من يعمل في السياسة لا هدف له إلا السلطة ، ولا دين له إلا المصالح ، ولا مذهب عنده إلا الدجل ، ولا غاية له إلا الكذب أو السكوت عن الحقائق .. كنت أتمنى على جميعهم ، سواء كانوا سلطويين أو معارضين ، أنصار عهد جديد أم بقايا عهد قديم ، أن يكونوا من الصادقين ، ليس لهم من أهداف إلا عشق وطنهم ، ووحدة بلدهم ، والحفاظ على أرواح ودماء أبنائه الميامين ، وعلى مصير العراق ومستقبل العراقيين !كنت أتمنى أن يكون في الميدان المضرج بالدماء ، والعابق بالدخان والأجساد المتفحمة كل من يريد خدمة العراقيين أن يتواجد بنفسه وسط الإعصار.. لا أن يصدر البيانات والتصريحات والإدانات ، وقد قتله طموحه كي يفوز أو يبقى بالسلطة بأي ثمن كان ، أو أنه يسعى لتقسيم العراق وتمزيقه .. كنت أتمنى عليهم مهما كانت مبادئهم السياسية بعثية أم شيوعية .. دعوية أم مجلسية أم اخوانية .. ليبرالية أم قومية أن يكونوا على ارض الحدث يجمعون أشلاء إخوانهم العراقيين ليكونوا أهلا لتحمل مسؤولية العراق في المرحلة القادمة .. وأريد أن اذكّر كل العراقيين تاريخيا عندما هدد الفيضان بغداد عام 1954 ، فان كل أركان الدولة كانوا في الميدان ليل نهار كي يحموا سكان بغداد من الغرق ! أما اليوم ، فأنهم جميعا مشغولون بالسلطة .. وأسأل كل المعارضين سواء كانوا بعثيين أم إسلاميين ، وهم يشهدون ملئ أعينهم خراب العراق: هل من الضمير والغيرة العراقية أن توجه إليكم الاتهامات بأنكم تتحملون مسؤولية ذبح الأبرياء وكل حمامات الدم دون أن تعلنوا براءتكم من سفك الدماء .. وليس لكم إلا إصدار البيانات وانتم تمارسون النضال من وراء الحدود .. إذا كنتم بمناضلين حقيقيين قاتلوا أو عارضوا من داخل الحدود وبذواتكم الصريحة .. إذا كنتم تريدون قتال المحتلين وأعوانهم ، فلماذا تسكتون عن مصرع الأبرياء ؟ هل من الدين والأخلاق أن تصدروا تصريحا يتكون من عدة كلمات يدين قتل الناس بدل إعلان براءتكم من كل الإرهاب الذي عاث في الأرض العراقية فسادا ؟؟أما القادة الجدد الذين يجلسون على دست الحكم ، فأسألهم : هل من العدالة والإنصاف أن نطالبكم بالكشف عن حقائق الجرائم والهجمات وعمليات الإرهاب منذ سنوات طوال ، دون أن تكشفوا أي شيء أبدا !؟ إذا كانت أجهزتكم الأمنية والعسكرية مخترقة باعترافكم انتم ، فكيف توزعون الإدانات ذات اليمين وذات الشمال .. وانتم أيها النواب الذين يقال بأن الشعب انتخبكم .. ما الذي فعلتموه من اجل وقف حمامات الدم ؟ وتصرحّون بأنها مجرد عنف لابد منه ، وسيزداد مع اقتراب الانتخابات ! أيهما أهم : كراسيكم أم دماء الأبرياء ؟ تناورون من اجل التحالفات والائتلافات ، وتخونوا الأمانات .. أين انتم من العراقيين الذين تتطاير أجسادهم أو أولئك الذين يتفحمون .. ؟ وأنت يا دولة رئيس الوزراء ماذا أعددت من خطط أمنية صارمة لحماية العراقيين كما وعدت الناس ؟ وهل استطعت أن تمنع البعثيين أو غير البعثيين أن ينتصروا عليك بإهدار دماء العراقيين ؟ وأنت يا فخامة رئيس الجمهورية : كيف باستطاعتك أن تنام مرتاحا قرير العين .. وإقليمك آمن مزدهر منذ سنين والعراق في عاصمته وأهم مفاصله يحترق أمام العالمين ؟ تريدنا أن نذكر الانجازات ، فما الذي نفخر به أمام العالم ؟ وإذا قلت الحريات ، فهي حق طبيعي مشروع ، ولا منّة منحنا إياها أحد ! ثم أليس هذا العراق هو وطن كل العراقيين ؟ إذا كان الصداميون والتكفيريون والارهابيون .. ما زالوا يعبثون .. فأين انتم مما يفعلون ؟ وإذا كان هذا يتهم السوريين ، وذاك يتهم الإيرانيين ، والآخر يتهم السعوديين والكويتيين .. فماذا صنعتم أنتم من اجل العراقيين ؟ إنني واثق تمام الثقة بأن ليس هناك عراقي واحد من المواطنين أبدا قد وقف على حقائق ثابتة وأدلة دامغة من قبل المسؤولين العراقيين حتى اليوم !! تطالبون بمحكمة دولية عن أحداث الأربعاء الدامي هروبا من واقع تساهمون انتم في صنعه قبل الآخرين ! فماذا صنعت المحكمة الدولية بقضية المرحوم رفيق الحريري في لبنان أو غيرها حتى تصرون على أحلام العصافير ؟ محكمة دولية قد تطول لسنوات وتنسى حقوق كل العراقيين ! إذا كنتم قابعون في المنطقة الخضراء منذ سنين ، فهل أرواحكم أغلى من أرواح بقية العراقيين ؟ وإذا كنتم لا تستطيعون إدانة المفسدين العراقيين في الأرض من لصوص مسئولين ، ووزراء مختلسين ، وضباط مرتشين ، ومستشارين سيئين ينهبون جميعا بالملايين .. فهل باستطاعتكم أن تحققوا نصرا على الإرهابيين القتلة الذين يعبثون بدماء العراقيين ؟ إلى متى يتسللون من دول الجوار ؟ هل يبقون هكذا إلى يوم يبعثون ؟ وانتم تقولون بأن سيطراتنا ومفارزنا قوية على الحدود والثغور وفي كل الجهات ؟ كيف يمكن أن تصل التفجيرات بهذا المستوى في قلب العاصمة بغداد لو كانت فعلا محصنة من قبل حراس عراقيين وطنيين ؟وأنادي كل العراقيين قائلا : سيبقى وضع العراق هكذا ، وسيبقى دمكم الزكي يوزع بين القبائل ، إذا لم تنسف من الجذور كل الأسباب والعوامل التي ساهمت في خلق التعاسة وما آلت إليه أوضاع اليوم .. إن العراق سيبقى طاحونة تطحن كل العراقيين ، ليس بسبب العملية السياسية ـ كما يقولون ـ بل بسبب استمرار ” المبادئ ” سيئة الصيت التي يسيرون عليها من دون أي علاج ! سيبقى كل العراقيين تطالهم التفجيرات ، وتسفح دماءهم ، وتحرق أجسادهم ما دامت المحاصصة سيدة للموقف ( حتى على مستوى السفارات ) ! وما دامت المليشيات وقوى الظلام وشياطين الأرض تعبث بمصير العراق .. ستبقى المحرقة مشتعلة لتدمير البلاد والعباد ما دامت لا تفتح أسرار التحقيقات كلها على الناس لتعرف من الذي ينكّل بهم تنكيلا ! ومن هي الأشباح السوداء التي لها مصلحة حقيقية في قتل العراقيين .. سيبقى كل المجرمين والإرهابيين يسرحون ويمرحون إن لم يتوقف كل العراقيين عن تبادل الاتهامات في ما بينهم .. ويتوقف هذا الإعلام المضني والآسن الذي أنهك مشاعر العراقيين وجعلهم في متاهة لا بوابة لها !إنني اقترح خدمة للعراق والعراقيين ومن أجل امن واستقرار وسلام العراقيين :أولا : أن يتوقف الصراع بين الفرقاء السياسيين من السابقين واللاحقين إزاء كوارث تلم بالوطن تعّبر عنها مخططات سياسية وأجندة داخلية وخارجية ، ويعاد النظر في جوهر العملية السياسية برمتها ، ليس من اجل الحفاظ على الديمقراطية فقط ، بل من اجل الحفاظ على العراقيين .ثانيا : أن تعلن الحكومة العراقية على الملأ كل التحقيقات وتذاع كل الأسرار بكل الحوادث الإرهابية في العراق ، بدءا بتفجيرات مكاتب الأمم المتحدة في شهر آب 2003 وحتى تفجيرات الوزارات يومي الأربعاء والأحد الداميين 2009 .ثالثا : أن لا يبقى أي فرد في الشرطة والجيش العراقيين ، ضباطا ومراتب وأفرادا ، منتميا إلى أي حزب سياسي كائنا من كان سواء من بقايا القدماء أم من المنتمين الجدد .رابعا : أن لا تبقى أية ميليشيات ، أو أي مرتزقة فوق وجه ارض العراق قاطبة .خامسا : أن يكون جهاز المخابرات وأجهزة الأمن في المركز والأقاليم محرّمة على كل من يشتغل سياسيا وحزبيا ، أو يرتبط بشكل أو بآخر مع أي طرف من الأطراف .سادسا : أن يكون كل العراقيين يدا واحدة من اجل سلامتهم جميعا ، فمن يضرب لا يميز هنا بين الأديان والأعراق والطوائف .. انه يضربكم جميعا أيها العراقيون وفي مناطق عراقية معينة .سابعا : أن يكون الأمن الوطني مبدأ للسلام بين العراقيين ، وهو الهدف الأول لكل العراقيين .. فمن الغباء جدا أن ينشغلوا بمسائل تافهة يمكن تأجيلها ويتناسون امن البلاد وحياة الناس .ثامنا : على دول الجوار كلها أن تعلن صراحة أنها ضد قتل العراقيين الأبرياء ، وأنها ستكون مدانة أمام الله والتاريخ والناس أجمعين إن ثبت تواطئها في تنفيذ مثل هذه الأعمال .تاسعا : أتمنى على كل الكّتاب والإعلاميين العراقيين ، وهم يعّبرون في كتاباتهم السياسية عن الانقسامات السياسية والاجتماعية للعراقيين المطالبة بالحقائق حتى يمكنهم التعبير بمصداقية ، وان يعيدوا التفكير في كل ما يطرحه الرسميون والمعارضون معا !عاشرا : أتمنى على الحكومة العراقية أن تكشف للملأ ما ستتوصل إليه اللجان التحقيقية ،أو أنها تعترف بعجزها عن ذلك .وأخيرا، على كل العراقيين المعارضين لنظام الحكم الحالي .. اعتبار ما يجري ضد العراقيين الأبرياء ، مسألة لا أخلاقية أبدا ، وان يعلنوا براءتهم منها ، وان لا يكون الشعب العراقي هدفا من اجل السلطة ، أو يكون ضحية الصراعات السياسية لا على الحكم ولا على غير الحكم . إن العراقيين اليوم سيقبلون أي عراقي يحكمهم إذا اخلص لهم وأمن على حياتهم وعلى رزقهم ومستقبل أولادهم ، وكان صادقا ونزيها ونظيفا . وإذا كان الحاضر ساكتا اخرسا عن كشف المجرمين ، فان المستقبل سيكشف عن ماهية ومسؤولية المعتدين الآثمين ، وستعرف الحقائق مهما تكتّم عليها البعض اليوم . إن هذه ” الصرخة ” التي تأتي معّبرة عن ضمائر العراقيين لا علاقة لها بأي أجندة ولا بأي حزب ولا بأي طائفة ولا بأي عشيرة ولا بأي موقف سياسي .. إنها صرخة وطنية معبرة عن آمال وأمنيات كل العراقيين .. وأخشى أن لا تكون الأخيرة وسط هذا الجحيم ، فالأيام المقبلة من العام 2009 ستشهد فصولا مرعبة في تاريخ العراقيين كما كنت أقول دوما .. نتمنى أن يحمي الله بلادنا وأهلنا من كل المصائب والفجائع والنكبات .