المناخ العربي اصبح ملوثاً,افسدت فيه الرؤى الى الحد الذي اختلط فيه الحابل بالنابل,والحق بالباطل,ماكان محرماُ بألأمس اصبح اليوم مادة اعلامية يقرؤها الناس ويتداولونها كما يتداولون اخبار الطقس وحركة اسعار العملة, انقلبت المفاهيم رأساً على عَقِبْ, الولاء للأجنبي اصبح صداقة بعد ان كان عمالة, والأستقواء به مساعدة وتلاقي مصالح بعد ان كان خيانة.
هذا مانقرؤه في المشهد السوري من تحشيد المعارضة السورية كافة امكاناتها لإقناع الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية لسورياللإطاحة بنظام الأسد في ظل موقف خجول وضبابي للجامعة العربية اشبه بالتأييد لعمليةعسكرية موجهة لدولة عربية عضو في هذه الجامعة, دون ان تدرك تداعياتها وخطورتها على الشعب السوري.
لست من المدافعين عن النظام السوري فهو نظام شمولي مستبد فشل في ادارة البلاد على اسس ديمقراطية سليمة, ولم ينجح في اجراء اصلاحات وأقامة حوار داخلي حقيقي يوفر للبلاد قدراً من الوحدة الوطنية الضرورية لأستقرار المجتمع وتقدم مسيرته بسبب انشغاله بالتدخلات في الشؤون الداخلية لدول الجوار,ولم ينجح في اقامة علاقات عربية ايجابية بسبب نزعته التآمرية, فخسر دولاً ماكان له ان يخسرها واستعدى اخرى, وبالتالي خسر جبهته الداخلية وعمقه العربي والأقليمي, دفاعي منصب على المفاهيم والقيم الشريفة التي تربينا عليها,حيث ان هناك قواعد تحكم الصراع بين ابناء البلد الواحد, فألأستقواء بألأجنبي, وتفتيت وحدة الوطن, واثارة الفتنة التي هي المدخل لحرب اهلية, والخروج على ثوابت الأمة جميعها خطوط حمراء يجب عدم تجاوزها.
اذا تصورت المعارضة السورية ان الحل هو في تحريض الدول الغربية وامريكا على اسقاط النظام,ثم بعد ذلك تنفرج الأمور فأن هذا التصورهو تبسيط شديد للأمورلأنهم اذا وضعوا ايديهم في يد الشيطان لايمكن سحبها مستقبلاً, ان التحدي الحقيقي الذي يواجه المعارضة السورية الوطنية هو كيف يمكن ان تؤدي دورها وتحقق اهدافهادون تجاوز الخطوط الحمراء.