22 ديسمبر، 2024 7:34 م

المعارضة الحقيقية هي الحل

المعارضة الحقيقية هي الحل

التغيرات التي حدثت في العراق خلال قرن كامل كانت على الدوام تغييرات مفاجئة وعنيفة قادت البلد لمنزلقات خطيرة ، ابتداء من تنصيب ملك حجازي على العراق مروراً بثورة ١٤ تموز وانقلاب٨ شباط وماسمي بالثورة ( البيضاء) في ٦٨ ولغاية الاحتلال الذي نصب مجلس الحكم الذي بدوره انتج الحكومات المتعاقبة.

قال نابليون ( يمكنك ان تفعل ماتشاء بالحراب الا انك لايمكنك الجلوس عليها ) ، الجلوس هنا يعني الاستقرار المجتمعي ، لايمكن الجلوس والاستقرار ونحن على فوهة بركان من الخلافات المُرَحْلة من حقبة لاخرى ، لن يستقر العراق طالما السلاح أهم وأسهل وأفضل ادوات التغيير .

كلما استقر البلد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا هدأت المعارضة أذ سينحصر الصراع على نزاعات محدودة لاتهدد بنية المجتمع ، وبشكل أدق تكون معارضتها سعيا لمكاسب اقتصادية أضافية او المحافظة عليها على أقل تقدير ، هذا مايحدث في الدول ذات البنى التحتية الرصينة والتي يتمتع المواطن فيها بأستقرار اقتصادي وسياسي واجتماعي ، وما يحدث في فرنسا اليوم هو نموذج واضح لمعارضة حقيقية ترفض اية حمولة زائدة تضع على كاهل المواطن و تسعى لتحسين الوضع المعاشي ولاتطالب بماء وكهرباء وصحة ورعاية اجتماعية ومكافحة الجهل والفساد مثلما تطالب به جماهيرنا لان هذه تعتبر من الحقوق وليس ترفاً.

السؤال الكبير : هل لدينا معارضة حقيقية ومتماسكة ، الجواب لايوجد ، بل لدينا احتجاجات مطلبية سرعان ماتتبدد لكونها غير منسجمة اولا وثانيا كونها غير منظمة ،سمة هذه الاحتجاجات رد فعل لفعل احزاب السلطة ولم تكن ضمن منهاج وبرنامج ثابت يشكل راي معارض .

لايمكن قيام ثورة اجتماعية بدون حزب سياسي ولكن يمكن قيام ثورة سياسية بدون ثورة اجتماعية ، بواسطة الفعل العسكري(الحراب) تحولت السلطة من سلطة القاسمين الى سلطة القومين العرب الى سلطة بعث صدام الى سلطة امراء الطوائف ، هذه الثورات السياسية المتمترسة بالسلاح والعتاد سرعان ماتعيد نفسها لخدمة ذات السلطة القديمة المرتكزة على تجاهل معاناة المواطن وزيادة فقره ، لذلك نحن نسعى لثورة اجتماعية بتنظيم سياسي وفق منهجية واضحة .

الافكار السائدة اليوم متعددة ، اولها : افكار الطوائف المتمثلة بالفئة الحاكمة وهي السائدة اليوم لانها تملك (السلطة، المال، السلاح و الاعلام ) والتي بدورها تروج لفكرة ( ان الفوضى التي يخلقها النضال ضد الظلم هي أسوء من الظلم ذاته) او ( الشين الذي تعرفه احسن من الزين الذي لاتعرفه ) كلها سفسطات تروج لها احزاب السلطة في كل الازمنة ، هذه الافكار تبدو وكانها بمتاهة وغير قادرة على ادارة الدولة وتبحث عن منقذ .

ثانيها : افكار هزمت وازيحت عن السلطة وهي افكار البعث الصدامي الذي يحاول البعض تجميل صورته ويتحسر عليها ، هذه بدورها قد استهلكت واستنفذت كل مالديها وباتت من الماضي لكن هنالك من يروج لها تشفياً .

ثالثها :افكار ثورية متصاعدة بعضها مازال تحت سيادة بعض من احزاب السلطة الحاكمة لكنها تلتقي مع تطلعات المواطن المتضرر وهي بحاجة لترتيب نفسها ، والبعض الاخر غالبيته من الشباب المتحفز لاحتلال الصدارة في المواجهات مع السلطة نتيجة للاهمال المتعمد والمتكرر لكنه لايملك البديل الواضح لانه يرفض التحزب وممتعض من احزاب (اساءت) للعمل السياسي وحولته لاقطاعيات الطوائف والعوائل ويبدو انها ماضية لأقطاعيات المحافظات ، أسائتها هذه اضرت بالمجتمع أيما ضرر .

هذه الافكار الثلاثة تتصارع وهي تمثل الصراع الحقيقي بين قديم يحتضر وجديد يولد .

مايهمنا هنا الافكار الثورية المتصاعدة ، كيف السبيل لانضاجها وتحويلها لقوة مؤثرة قادرة على ادارة دفة المعارضة وتوجيهها توجيه صحيح ، لايمكن تأمين احتياجات المجتمع الا بعمل جماعي يسعى من خلاله تحقيق الهدف المنشود ، العمل الجماعي لايمكن ان ينضج بدون اطر تنظيمية ذات نهج سياسي واضح ، قادة هذه الجماهير يجب ان تمتلك خطاب سياسي واضح ومباشر ولا تنتهج نهج الخطاب الانتهازي الوصولي ، لابأس من محاورة ومناقشة من يمسك بزمام السلطة طالما الهدف هو انقاذ الامة العراقية من براثن الدمار والخراب والتخلف بشرط ان تحافظ على هويتها الوطنية الديمقراطية وتدافع عن الجماهير الفقيرة والمتضررة التي هي مصدر قوتها وديموميتها وتحقيق الحياة الحرة الكريمة للعراقيين .

مهمة القوى الوطنية الديمقراطية تتجلى بتكثيف اللقاءات فيما بينها والعمل على ايجاد صيغة تنسيقية وليس بالضرورة البدأ مباشرة بالتحالف ، التحالف يأتي بالمرحلة الاخيرة بعد المكاشفة بطبيعة واسس كل طرف سياسي ومعرفة جذوره التأريخية وبالتالي يمكن تشكيل قوى معارضة حقيقية لاتهادن ولاتنساق ولاتستدرج خلف نزوات احزاب السلطة .