شاءت الاقدار أن يكون العراق من ضمن المعادلة الصعبة، التي أطرافها الإدارة الأمريكية وإيران، والعراق فيها بين أمرين، أما ان يكون مفتاح حل هذه المعادلة في تصفير نتائجها لصالحه او يكتوي بنارها، عندما يكون الناتج غير صحيح في العملية الحِسابية “الدبلوماسية”.
عاصفة ترابية، تجتاح منطقة الشرق الأوسط، قادمةً من الإدارة الأمريكية، مستهدفة إيران، لحجب الرؤية عنها، في محاولة منها، عزل إيران عن محيطها الأقليمي والدولي، عن طريق فرض عقوبات شديدة عليها، الهدف من ذلك أضعاف نظام الحكم فيها، وقلب الرأي العام الداخلي عليها، دون الحاجة لأستخدام إدارة ترامب الآلة العسكرية، متبعة الاسلوب ذاته مع نظام البعث في بغداد في تسعينيات القرن الماضي، في فرض عقوبات أقتصادية شديدة بالأضافة إلى حظر الطيران الداخلي والخارجي، مما جعل من العراق في عزلة تامة عن محيطه الأقليمي والدولي، وما نتج عن تلك العقوبات من ويلات ألمت في شعب العراق، يأن منها إلى يومه هذا.
بداءت الإدارة الأمريكية المتمثلة في شخص دونالد ترامب، في تنفيذ مخططها، في تحجيم إيران خارجياً وداخلياً لأجل أضعافها قدر المستطاع، تمهيداً منها لتغيير نظام الحكم في المستقبل القريب، والمجيء بنظام موالاٍ اليها لا يشكل خطراً على الطفل المدلل أسرائيل بمساعدة قوى من الداخل والخارج.. محذرتاً في الوقت نفسه، الدول سيما دول الجوار، عدم مد جسور التعاون مع النظام الإيراني وقطع طرق الامداد سواء كان في العلن والسر، محذرةً؛ إن البلد الذي يقدم الدعم سيخضع لعقوبات شديدة في حال ثبت ذلك، وسيكتوي بنار أمريكا المشابهة لنار النمرود، لكنها أصبحت برداً وسلاماً على نبي الله أبراهيم “عليه السلام” لحسن ظنه بربه، فأنجاه منها.. في حال من يتقن فنون الدبلوماسية، لاشك انه لا يكتوي بنار شرطي العالم وإن قدم الدعم لإيران.
قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم من الضعف!
عبر الجانب العراقي المتمثل بالموقف الرسمي الصادر عن الحكومة في بادئ الامر، انها بالضد من العقوبات التي فُرضت على الجارة إيران من قِبل رئيس الولايات المتحدة، ومتضامن مع الجارة إيران حكومةً وشعب، داعياً في الوقت نفسه إلى عقد عدة مفاوضات لحسم ملفات الخلاف عن طريق مجلس الأمن الدولي.. ما ان صرح رئيس البيت الابيض بتصريح ناري لاذع، تغير الموقف بين ليلة وضحاها، انه مع ما جاءت به إدارة ترامب حرصاً على مصالح العراق العليا.
هذا إن دل على ضعف الموقف الرسمي لحكومة العراق وضعف الأداء الدبلوماسي، في حسم أتخاذ القرارات المهمة والمصيرية داخلياً وخارجياً على حدٍ سواء، مما سينعكس سلباً على العراق برمته.
السؤال ماذا لو وقف العراق مع إيران في محنتها؟ وماذا لو حصل العكس من ذلك؟ أكيد في كلا الحالتين العراق ستكتوي بنارهما لسبب رئيس، عدم استقرار نظامه السياسي والأقتصادي في البلاد، مما سيؤدي ذلك عودة العراق إلى مرحلة أشد بؤساً من حصاره الاقتصادي الذي فرض عليه في تسعينيات قرن العشرين جراء السياسات الخاطئة التي كان ينتهجها نظام صدام آنذاك.