من المؤكد أنّ قرار الحكومة العراقية بالتوّجه إلى روسيا لشراء السلاح الضروري الذي يؤّمن أمن وسلامة ووحدة أراضي البلد ونظامه الديمقراطي , هو قرار صائب وصحيح مئة بالمئة وإن جاء متأخرا , ولا شّك أنّ هذا القرار الذي أعلن عنه رئيس الوزراء نوري المالكي في لقائة مع قناة البي بي سي بشراء طائرات مقاتلة روسية الصنع مستعملة من روسيا وروسيا البيضاء ووصولها خلال أيام إلى العراق ومشاركتها في الحرب الدائرة الآن ضد الإرهاب وبقايا البعث القذر الذي لا زال يعشعش في مدن الغرب العراقي , ستكون له آثار مباشرة وغير مباشرة على مجمل الوضع السياسي والعسكري الذي يمر به البلد , ولا شّك أيضا أنّ هذا القرار له وقع كالزلزال على كافة الأطراف التي تآمرت وأعلنت الحرب على النظام القائم , فليس هنالك من شّك بأنّ وصول هذه المقاتلات في هذا الوقت الحسّاس واستخدامها في الحرب الدائرة , ستقلب المعادلة السياسية والعسكرية تماما .
والحقيقة أنّ مؤامرة إبقاء العراق بدون غطاء جوي وسلاح دفاعي متطوّر يدافع به عن ترابه الوطني ونظامه الديمقراطي الوليد , قد ساهمت بها أطرافا متعددة , محلية وإقليمية ودوّلية , وكل طرف من هذه الأطراف له أسبابه الخاصة به , فمعارضة بعض دول الجوار بتزويد العراق بالسلاح المتطوّر , تختلف عن اسباب معارضة حكومة إقليم كردستان لتزويد العراق بهذا السلاح , والجميع يعلم أنّ مساعي حكومة مسعود بالإبقاء على الجيش العراقي بدون سلاح جوّي وسلاح دفاعي متطوّر , هو من أجل هذا اليوم الذي أكمل فيه مسعود مخططه بالاستيلاء الكامل على كركوك والمناطق المتنازع عليها وإعلانه ضمّها لكردستان , وخطاب مسعود يوم أمس في كركوك قد أوضح تماما أسباب هذا التآمر , ولو كان مسعود يعرف أنّ الجيش العراقي قادر على ردع أطماعه وسياساته الانفصالية , لما تجرّأ وتمادى في سياساته المعادية للعراق والشعب العراقي , ولهذا فإنّ قرار الحكومة العراقية بشراء هذه المقاتلات واشتراط وصولها إلى العراق بشكل سريع , ستكون آثاره المباشرة على حكومة مسعود وتوّجهاتها التوّسعية والانفصالية , وخطوة الحكومة هذه نزلت كالصاعقة على رأس مسعود وكل من خان وتآمر على العراق , فمسعود الذي استطاع أن يقنع الإدارة الأمريكية بعدم تزويد العراق بالسلاح اللازم الذي يدافع به عن أرضه وسمائه , غير قادر على إقناع الجانب الروسي بمبرراته اللامنطقية .
وحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي تدرك تماما أنّ مماطلة الجانب الأمريكي بتزويد العراق بالسلاح الذي يدافع به عن نفسه , هي جزء من المؤامرة التي يتعرّض لها الوطن العراقي , هذه المؤامرة التي تهدف إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات كردية وسنيّة وشيعية , ولهذا جاء القرار الحاسم للرّد على هذه المؤامرة القذرة , أمّا كونها مقاتلات مستعملة فهذا من أجل ضمان وصولها بشكل سريع واستخدامها في الحرب الدائرة وإيقاف تداعيات المؤامرة , لأنّ السلاح الجديد يحتاج إلى مدة طويلة لتصنيعه واستلامه واستخدامه , والوقت الحرج الذي يمرّ به الوطن لا يتّسع للانتظار هذه المدة الطويلة , فلا مانع أن تكون هذه الطائرات مستعملة من أجل ضمان وصولها بشكل سريع واستخدامها في المعركة , وكل المتابعين للشأن السياسي العراقي يدركون أنّ وصول هذه الطائرات إلى العراق , ستقلب المعادلة السياسية والعسكرية راسا على عقب , فمن المؤكد أنّ وصولها سيكون في صالح القرار الوطني العراقي بالدفاع عن العراق أرضا وشعبا ونظاما ومقدّسات وحظارة , ومن المؤكد كذلك أنها ستوقف المؤامرة على الديمقراطية والعملية الانتخابية واستحقاقاتها , وستخرس الأصوات المطالبة بحكومة الإنقاذ الوطني والتي تريد الانقلاب على الدستور العراقي .