بعد زيارة وزير خارجية السعودية للعراق نشطت الأقلام وإنطلق العديد من أصحابها يكتبون على هواهم وإندفاعاتهم ونواياهم , ويتحدثون بإنفعال وغصب , ويمعنون بأوهامهم وتصوراتهم , ويحسبون أن الأمر نوع من العدوان والإمتهان والإذعان وما إلى غير ذلك من الإستنتاجات.
والحقيقة القاسية أن المعادلة العسيرة لا يمكنها أن تسمح إلا بما يتفق وتفاعلاتها والعناصر الداخلة فيها والعوامل المساعدة والمحبطة لها.
فالمنطقة تحكمها معادلة تفاعلية منذ عدة عقود , خلاصتها أن العلاقة ما بين العراق والسعودية وإيران وسوريا وحتى الأردن لا يمكنها أن تسير على ما يرام إلا وفقا لمعطيات وتداعيات وخطوط حمراء.
فعلاقة العراق مع السعودية يجب أن تكون سيئة وكذلك مع إيران , وإن تطورت العلاقة ما بين العراق والسعودية فأن ذلك يعني أن إيران في خطر , وإن تطورت العلاقة ما بين العراق وإيران فهذا يعني أن السعودية في مأزق , ولا يمكن للعلاقة أن تكون جيدة بين السعودية وإيران , أو بين الثلاثة معا , لأنها تعني أن نصف نفط الأرض سيكون في قبضتها , وعندما يتحقق التفاعل الإيجابي بينها يعني أن التأثير الإقليمي والعالمي سيكون كبيرا.
كما أن العلاقة ما بين العراق وسوريا لا يمكنها أن تكون جيدة في زمن قوتهما و وما كانت على مدى عقود , لأنهما يشكلان عمقا ستراتيجيا فعالا ومؤثرا في الواقع الشرق أوسطي.
وهذا يعني أن الدول النفطية الثلاثة لا يمكنها أن تكون على علاقة طيبة مع بعضها, وإنما لابد للحرب والعداء أن يتحقق بينها.
فعندما تطورت العلاقة بين العراق وإيران في زمن الشاه , وكان الأخير مدركا لضرورة تحسين وتطوير العلاقة , تم الإطاحة به وأصبحت الدولتان في أشد العداء والحرب لمدة ثمان سنوات مؤيدة من قبل السعودية.
وعندما إنتهت الحرب وتدهورت العلاقة ما بين السعودية والعراق من جديد وبقيت متوترة مع إيران , إنبعج العراق نحو الكويت , وحصل الذي حصل.
واليوم ربما تلوح بالأفق محاولات من جميع الأطراف لتحقيق الوئام والتعايش الجيراني السلمي , لكن في ذلك خطوة خطيرة وغير مسموح بها على الإطلاق.
وهذا يعني أن المنطقة مقبلة على تطورات وتداعيات صعبة جدا للحفاظ على المعادلة والقوانين القابضة على مصير النفط.
أي أن تطور العلاقات العراقية السعودية إلى ما هو إيحابي بينهما , إنما يعني أن هناك ما سيحصل على الحدود الشرقية , وربما يكون إعدادا لحروب ذات مستويات غير مسبوقة في المنطقة.
فالذي يتصور أن العلاقات ستتطور ما بين العراق والسعودية وبين إيران والدولتين دون فواتير باهضة يعيش وهما وغفلة ويطارد سراب أرى!!
فالنفط سلطان وغيره البهتان!!