18 نوفمبر، 2024 2:48 ص
Search
Close this search box.

المظهر المستعار

لا يُغُرَّنْكَ مظهرٌ مُستعارٌ
فكثيرٌ من الأصحاء مرضى
-1-

هناك نوعان من الأمراض :

أمراض ظاهرة الأعراض ، يمكنُك أنْ تراها وقد تركت بصماتها على وجوه أصحابها وأجسادهم .

وهؤلاء تدعو الله لهم بالشفاء مما ألَمَّ بهم من السقام والأوجاع .

وتُذكّرهُم بقوله تعالى :

{ واذا مرضتُ فهو يشفيني }

وثمة نوع آخر ، وهو المرض الخفيّ العصيّ على الاكتشاف ، دون تجارب مريرة، ومخاضات صعبة،

والمرضى من النوع الثاني هم الأكثر عدداً ، وهم الأخطر فعلاً وقولاً ..!!

إنّهم في أعماقهم ، مراجلُ تغلي من الحسد والغلّ والخبث واللؤم وحب الوقيعة ، لا لعداوةٍ بينك وبينهم ، ولكنهم يستكثرون عليك القليل ، ولا يكفّون عن نسج خيوط الايلام والايذاء ، إرضاء لنزعة الشرّ الكامنة في اعماقِهِم .

إنّ هؤلاء لايُرضيهم عنك أنْ تكونَ الأمثل في رعايتهم والإحسان اليهم واغتنام الفرص لابداء المشاعر الفياضة ازاءهم …

انهم كما قال الفرزدق – برواية المبرد في الكامل – :

فلو أسقَيتَهُم عَسَلاً مصفَّى

بماء المُزن أو ماءِ الفراتِ

لقالوا : إنَّه مِلْحٌ أُجاجٌ

أراد به لنا احدى الهَناتِ

-2-

لا أنسى أَنَّ احدهم جاءني زائراً ، ولم يتركني حتى قال لي بالحرف الواحد :

” إنّك تحارب فلاناً “

-وفلان هو حبيبُه وقائدهُ وقدوتهُ –

قال هذا دون أنْ يشير من قريب أو بعيد الى دليلٍ يُؤيدُه أو حجة تسندُه..!!

وحقيقة الأمر :

إنه كان منزعجاً غاية الانزعاج لان ثلةً من العلماء الأعلام ، والرساليين الكرام ، كانوا يرون (كاتب السطور) مؤهلا (لموقعٍ) كان صاحبُنا يريده لحبيبه ..!!

وحيث أنهم اتجهوا الى اختيار كاتب السطور، وليس لمن يريده الزائر المذكور ، أطلق الإتهام بل لم يتروع عن البهتان ..!!

-3-

إنّ كثيرا ممن يُظهرون لك المودة ، انما يغرونك بالانفتاح عليهم ، والادلاء ببعض الأخبار والأسرار ، بُغيةَ المسارعة الى نقلها الى خصومك ..!!

وقد يضيفون اليها ما يروق لهم مما ليس صحيحاً ، ولا غرض لهم من كل ذلكّ الا إثارة القلاقل والمشاكل ..!!

انه السعي المحموم للايقاع بين الناس ، والمسلك المذموم بكّل المعايير الأخلاقية والانسانية ….

-4-

ومن أشد تلك الأمراض الخفيّة، المبالغة المنكرة في ما يملكون من قدرات ومواهب ومؤهلات ، يرون أنفسهم – طَبْقَها – القمم السامقة التي لا يرقى اليها أحد ..!!

ولو أنصفوا أنفسهم ، وانصفوا الناس ، لأدركوا أنّ بينهم وبين السمّو والتحليق في فضاءات المكارم بَوْنا شاسعا ..!!

-5-

انهم صرعى أخليه زائفة ، وقراءات خاطئة ، وانتزاعات لا تستند الى مدرك سليم ، وكل هذه هي أعراضُ مَرَضٍ خطير اسمه النرجسية …

-6-

لا يبالي النرجسي بحجم معاناة الآخرين مهما بلغ ..

لا يبالي بالكوارث والفواجع التي تحل بالوطن والمواطنين

انه يريد أنْ يكون الآمر الناهي وليكن بعد ذلك ما يكون ..!!

-7-

إنّ (الذاتية) أخطر من (السل) والكثير من الأمراض المعدية … ذلك أن السل له علاج معروف ، وأما (الذاتية) فهي (كالحماقة) ليس لها دواء :

لكلّ داءٍ دواءٌ يُستطب به

إلا الحماقَة أعيتْ مَنْ يداويها

-8-

ليس سهلاً إدراك مغزى القول المأثور :

{ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فقد عَرَفَ رَبَّهُ }

فأين هم العارفون لأنفسهم حق المعرفة ، والواقفون بها عند حدود الاستحقاق – وقد ضيّق النرجسيون علينا الخناق -؟!

*[email protected]

أحدث المقالات