23 ديسمبر، 2024 7:41 ص

المطلوب من الحكومة في المرحلة المقبلة

المطلوب من الحكومة في المرحلة المقبلة

بدأت حربنا ضد الإرهاب تضع أوزارها تدريجياً بعد الملاحم البطولية ألتي سطرّتها قواتنا المسلحة بكافة تشكيلاتها ولم يتبقى سوى معاقل قليلة مسيطر عليها وسيتم القضاء عليها وتطهير بلدنا منها بالكامل بإذن الله قبل نهاية هذا العام في أبعد التقديرات.
ألحكومة العراقية تنتظرها مهام كثيرة بعد عملية التطهير ويجب أن تتوفر لديها النيّة الحقيقية لذلك ويجب وضع تخطيط سليم لهذه المرحلة وترتيب الأولويات وشحذ كافة الهمم لغرض النجاح في عملية إعادة البناء, وعلى الطبقة السياسية برِمّتها المساهمة في ذلك وعدم الانشغال بالاحترابات السياسية فيما بينها والتي بدأت تستعر بضراوة بفترة مبكرة جداً قبل بدأ الانتخابات حيث نرى الكتل السياسية انشغلت بانشاء التحالفات الجديدة والانقسامات وتراشق الاتهامات فيما بينها والتخطيط لمستقبلهم السياسي ومصالحهم الكتلوية والشخصية تاركين المواطن العراق المسكين يأنّ من الآلام والمعاناة التي تركتها الحرب عليهم .
ألواجب الوطني والإنساني يُحتّم على الطبقة السياسية والحكومة والبرلمان ترك كل هذه الأمور والقيام بواجبهم الوطني تجاه الشعب العراقي الذي أوصلهم للسلطة والعمل على المساهمة في عملية الإعمار المقبلة والتي تحتاج الى استنفار جميع الجهود لنجاحها, وفي اعتقادي أن هناك أربعة أمور هامّة يجب إعطائها الأولوية في الفترة المقبلة وهي:
الإسراع بمنح حقوق الشهداء والجرحى وصرفها لعوائلهم بدون أي تأخير.
إعادة النازحين والمهجرين الى مدنهم وديارهم بأسرع وقت.
إعادة بناء المدن المدمّرة نتيجة الحرب والتحرك بجميع الطرق لحثّ المجتمع الدولي للمساهمة في إعادة الإعمار وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية.
إعادة البنى التحتية لجميع محافظات العراق والنهوض بجميع القطاعات الاقتصادية والتي عانت من إهمال كبير طوال السنوات الماضية.
ان هذه الأولويات في اعتقادي هي الاهم في المرحلة القادمة ويجب أن تتوفر النيّة الحقيقية للجميع لتحقيق نجاحها وتحتاج من الحكومة والبرلمان الى تخطيط علمي سليم لنجاحها وهي غير مستحيلة خاصة إذا ماأخذنا بنظر الاعتبار قضية مهمة جداً وهي ان موازنات الأعوام السابقة كانت تخصص أكثر من 75% من فقراتها لإدامة المعركة والإنفاق على آلة الحرب والدعم اللوجستي, وإذا ماأخذنا بنظر الإعتبار كما أسلفت بأن عام 2017 سيكون حاسماً في القضاء على آخر معاقل الإرهاب وتطهير كامل أرضنا من دنسه, ومن هذا المنطلق يجب أن يكون التخطيط في بناء وإعداد موازنة عام 2018 على أساس تحويل هذه النسبة التي كانت تخصص للحرب الى تخصيصات للبناء وتنفيذ الفقرات الأربعة التي ذكرناها والتي تعتبر هي الأهم في المرحلة الراهنة والتي ستساهم في تقليل المعاناة عن المواطن العراقي وتضميد جراحاته الكثيرة وآلامه من ويلات الحرب.
فعوائل الشهداء والجرحى عندما يستلمون حقوق أبنائهم سيشعرون بنوع من الرضى والقناعة بأن دماء أبنائهم الغالية لم تذهب سدىً وان من حقهم ان يعيشون حياة حرة كريمة, والنازحين والمهجرين عندما سيعودون الى ديارهم بعد إعادة إعمارها فسنضمّد لهم جزء من جراحاتهم الكثيرة وستكون تعويضاً لسنوات طويلة من الضياع والتشريد والجوع والمعاناة ونقص الخدمات الانسانية, وان إعادة البنى التحتية للمحافظات الأخرى هو حق مشروع للمواطن فيها الذي عانى لسنوات طوال من الإهمال الكبير ونقص في الخدمات الرئيسية وانتشار البطالة وانعدام الأمن وانخفاض القدرة الشرائية.
على الطبقة السياسية بشكل عام والحكومة والبرلمان بشكل خاص أن تأخذ دورها الوطني الحقيقي من الآن لتحقيق هذه الأولويات الأساسية لإعادة الاستقرار للبلد والنهوض بالواقع الانساني والخدمي للمواطن العراقي المسكين الذي كان سبباً رئيسياً في ايصالهم الى مناصبهم والذي بقي هو الخاسر الوحيد في كل ماجرى وسيجري في هذا البلد.