رب قائل يقول التقرير الذي صدر عن لجنة تشيلكوت البريطانية بشأن غزو العراق جاء متأخراً، أو في الوقت الضائع، أو بعد خراب البصرة، كما في المثل العراقي، وبالأحرى خراب البلاد كلها، نتيجة قرار الحرب، وما أعقبها من سياسات خاطئة لدول الإحتلال، لكن القاعدة القانونية تقول : الحقوق لاتسقط بالتقادم، وهذه في الحقوق الشخصية، فكيف بحقوق بلد وشعب كلفته الحرب خسائر بشرية ومادية كبيرة، ولايزال يدفع نتائج الدمار الذي خلفته وتخلفه في بنيته السياسية، والإقتصادية، والإجتماعية.
التوقيت قد يدخل في سجالات سياسية، وتساؤلات مغلفة بنظرية المؤامرة : لماذا صدر التقرير الآن ؟ .. هل هو ضغط أوربي على قرار بريطانية الخروج من الإتحاد؟ .. أم سياسة جديدة للندن لمعاقبة بلير وحقبته؟ .. لكن عراقياً لسنا ملزمين بدوافع هذا التقرير، مادام أنه جاء لصالح العراق، فمقتضيات المصلحة العليا تقتضي اللجوء الى المحاكم الدولية لمقاضاة واشنطن ولندن على قرار غزو العراق وتحميل المعتدي التبعات القانونية كافة والمطالبة بالتعويضات، ومثل هذا القرار ينبغي أن تتخذه الحكومة العراقية بصفتها جهة الإختصاص، ولا تتعكز على أمثلة ليس مجالها هنا من نوع العفو عند المقدرة، أو من شيم الكرام، فهذه قضية وطن أهين وانتهكت حرماته وقتل وشرد شعبه تحت مسوغات ثبت بطلانها.
القضية قانونية ليست لها صبغة سياسية ولا تتعلق بعلاقات فوق العادة تستلزم التغاضي والتسامح عل منهجية من يقول أنهم ضحوا من أجلنا، ووقف يتباكى على قبور قتلاهم وينثر الورود، وبالتالي من حق العراق مقاضاة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومطالبتها بالتعويضات عن الخسائر البشرية و المادية كافة، وإثارة الموضوع في جميع المحافل القانونية و السياسية لإعادة الاحترام للقانون الدولي وردع المعتدي.
ولسنا بدعاً في هذه المطالبة، فالتعويض حق كفله القانون، وما حادثة طائرة لوكريبي عنا ببعيد، مع الفارق.