22 ديسمبر، 2024 5:05 م

حديقة بيتي كانت قد إمتلئت بالأدغال وقد حرت في كيفية التخلص منها. إضطررت إلى البحث عن شخص يجد لي حلاً يخلصني من هذه الأدغال التي تشوه منظر الحديقة. في بداية شارع القدس من ناحية المحطة بكركوك وجدت مشتلاً صغيراً ورجلا ذات بشرة داكنة يعمل فيه. القيت السلام وعرضت عليه المشكلة وقال أن الأمر بسيط للغاية وإنه سيقوم بتحضير خلطة من المبيدات التي من شأنها أن تقضي على الأدغال خلال أسبوع واحد وتجفف جذورها وقال إنها ستقضي على الحشرات في الوقت نفسه.

بطبيعة الحال سررت جداً وإتفقت معه على أن يشتري المبيدات ويحضر إلى عنوان البيت غداً. طلب مني مبلغا قدره 75 الف دينار قمت بدفعه في حينه وطلب إملاء برميل بالماء ليقوم بخلط هذه المواد الكيميائية فيه. الرجل حضر إلى البيت على دراجة هوائية وبحسب الإتفاق والموعد وهو يحمل في يده كيساً أسوداً وسأل عن برميل الماء فأرشدته إليه. يبدو إنه كان عطشاناً حيث طلب مني إحظار ماء للشرب. ما أن دخلت البيت وخرجت بدقائق جالباً الماء، وجدته يقوم بخلط الماء الذي في البرميل. سألته عن المواد الكيميائية التي سيقوم برميها في البرميل وخلطها مع الماء فقال إنه قد فعل ذلك فعلاً. أين المواد الكيميائية قال قد تم خلطها بالماء! سألته وأين قناني وحاويات هذه المواد قال إنها عبارة عن باودر وليس له حاويات أو قواطي وقال إنه قد حمل تلك المواد بكيس النايلون الأسود الذي كان يحمله عندما دخل البيت.

نظرت إلى الماء فلم أجد تغيراً في لونه. قلت له أن الماء لم يتغير لونه فأين هذه المواد الكيميائية. قال أن المواد أصلية جداً ولا يمكن مشاهدتها بالعين المجردة. طبعاً ليس لي أن أتذوق الماء لأعرف ما إن كان كلامه صحيحاً أو كذباً فإن كان في الماء مادة كيميائية ستؤدي بي وسأنتقل إلى عالم البرزخ عندها أيضاً لن أتمكن كذلك من معرفة الحقيقة. الحل الوحيد هو في رش المادة وإنتظار مدة أسبوع لتموت الأدغال.

تم رش المبيد وبعد أن إنتهى طلب مني مبلغ 25 الف حق اليد. كنا قد إتفقنا على 75 الف لكنه يدعي اليوم أن هذه تكلفة المواد الكيميائية فقط دون أتعابه. دفعت له ما يريد وغادر والأمر إستغرق نصف ساعة فقط.

إنقضى الأسبوع ولا تغير في الأدغال بل بدأت تنمو في المناطق الأخرى التي لم تكن قد نمت فيها سابقاً. ذهبت إليه وقلت له يا أخي أن الأدغال ما زالت تزهو بالنصر فأين فعل المبيدات؟ قال في هذه الحالة تحتاج إلى مادة إضافية و راح أحرق أبو الأدغال. إذاً أخبرني عن هذه المادة وسوف أقوم بشرائها وتقوم أنت بالرش. قال أنت ما تعرف بهاي الشغلات والمكاتب كلاوجية لا ذمة ولا ضمير ويضحكون عليك، يبعولك ماي بمكان المبيد وأنت ما غشيم مصلحة. أمري إلى الله دفعت له 50 الف أخرى وجاءني في اليوم التالي وكنت متهيأ لإستقباله مع دبة ماء كي لا أفارقه وأشاهد بنفسي المواد الكيميائية التي سيخلطها بالماء. دخل الرجل وأخرج من جعبته قناني أدوية كحة مستهلكة صغيرة قال إنه قد وضع فيها المبيد السحري الجديد. سألته ولماذا لم تجلب القنينة الأصلية للمبيد كي أشاهده بأم عيني، قال أن الكمية كبيرة وقد أخرجت منها ما يكفيني كي لا أحملك مبلغاً كبيراً وقال عمي أنت هم على باب الله وما أريد أكلفك.

أدار ما في قنينة علاج الكحة الصغيرة هذه إلى برميل بسعة 180 لتر من الماء. سألته (عمي هذا شيسوي بـ 180 لتر من الماء الكمية قليلة جداً؟). قال (أن العلاج قوي وفعال ومو مثل ما تتصور هذا سحري).

على أية حال بدأ بالرش وإنتهى وطلب هذه المرة 50 الف. سألته (على شنو تطلب لخاطر الله مو البارحة اتحاسبنا؟). قال أن (هذا المبيد طلع غالي جداً وما كنت أعرف مع حق إيدي يطلع أكثر بس أنت أدفع 50 الف مو مشكلة) وقال (أنت هم ما تقبل أني أخسر). بدون شك دفعت وأمري إلى الله.

المشكلة أن الأدغال في مكانها بل ترعرعت أكثر، يبدو أن الأخ رشهم ماي بدل السم.

مربط الفرس من هذا كله، كيف لي أن أثبت أن هذا الرجل قد غشني؟ وإذا أنت رجال وأخو خيتك أثبت أنه قد سرق ونهب وإختلس. وإذا أنت تفتهم جد ناتج المعادلة.

المهم بعدها لم أشاهد هذا الشخص إلاّ في صلاة الجمعة، حيث كان يحرص كل جمعة أن يجلس في الصف الأول وبيده سبحه طويلة ويهز رأسه متفاعلاً مع الآيات القرآنية ومتأثراً بالأحاديث التي تتلى من على المنابر.