23 ديسمبر، 2024 5:15 ص

المطعم التركي (الأيقونة)…وطن العراقيين الحلم .!

المطعم التركي (الأيقونة)…وطن العراقيين الحلم .!

كان قدرا قدره الله وخبأه وهيأه منذ عقدين من الزمن..عقدين من الفشل السياسي والفساد والتبعية من حكومات بغداد المتعاقبة ..عقدين من الاحباط والحسرة لشباب العراق وشعبه عامة ..
انفتح العالم بالتواصل الرقمي وصاروا يرون البلدان حولهم تتقدم وتزدهر وتعمًر وتزرع شوارعها بالورود وتخدم ابنيتها بشبكات الغاز والكهرباء المتطورة وبلدهم الى وراء والى تقهقر ..بلدان العالم الفقيرة تبني مكتبات وجامعات ومدارس حديثة ومولات ومستشفيات ،،وبلدهم الغني يخسر حتى مدارسه القديمة ، وتتآكل مستشفياته وتتخرب طرقاته ..يسافر شبابه الى بلدان قريبة وجارة كانت تنظر الى بلدهم في سبعينيات القرن الماضي على انه حلم بعيد المنال لبداوتهم او لفقرهم او لتخلفهم ،،فجدوا واجتهدوا وحق لهم فسبقوا العراق وظل بلد الشباب المكبوت المحبط على حاله ، لا بل جد السراق الفاسدون التابعون بتدمير ماكان وشرعوا يسرقون ماوفره مَن قبلهم ويحطمون مجدا بنته الاجيال وجيشا عملاقا كان مصنعا للرجال ..
كل هذه السنين وفتيان العراق وشبابه يكبرون بين الحسرة واللهفة وعيونهم ترى واذانهم تسمع ..العالم يتغير ، يتطور ،،المعاملات تنجز بالنت والحجوزات تتحول الى التلفون والوثائق تختم بدقائق والجامعات تؤول الى مراكز اشعاع ومواطن ابداع ..ودعم طلبتها وطلبة اجانب من كل بلاد ..بينما جامعاتهم الرصينة الاصيلة تخرج من التصنيف ولاتأوي حتى ابناء البلد ، فيدفع الاباء ولاينتفع الابناء ..ولاتحصل على وثيقتك الا برشوة وانتظار ..
كل تلك السنين العجاف والشباب ينظرون ويتحسرون ..فلما جاءت التظاهرات ووجد الشعب فرصته للقيام والحساب ..وتحول تشرين الى انتفاضة ،،قدرٌ دفع الرجال الى بناية التسعينات العملاقة المهملة (بناية المطعم التركي) ..والتي تشكل اوضح مثال للفساد حيث ورغم انها بجانب مقر حكومتهم وفي مركز بغداد فقد عجز الفاسدون ولعقدين من الزمن عن تأهيلها او تشغيلها، وظلت مهملة بائسة خاوية مظلمة ومهجورة (كشأن كل اطراف البلاد) ،، فدخل الشباب المحتجون تلك البناية قدريا وستراتيجيا ليحموا انفسهم من قناصي ايران ،، ثم اصبحت تلك البناية مقرا لهم وبيتا ثم بيوتا ..وهنا وبعد ان طالت الايام ..بدا الشباب يُسقطون احلامهم المكبوتة على تلك البناية “الوطن” ..فتخيلوها وطنا صغيرا حرروه من التبعية ولايحكمه الفاسدون، بل يحكمه ابناءه ..فاسس لها الشباب المهندسون المبعدون من شركات بلادهم الكهرباء وحتى المصاعد والماء ، ونقش عليها الفنانون المحبطون في بلادهم لوحاتا لم يعطهم الفاسدون فرصة نقشها خارجا..وافتتحوا محلات وشغلوا عيادات واعدوا دورات ونظموا خفارات وبنوا مرفقات بل وانشأوا مكتبات ! وزرعوا حول (وطنهم الصغير) شتلات ..!
بل وضحوا من اجله وقاتلوا كالجيش “الاعزل” يدافع عن وطنه ..وصاروا يطلقون عليه الاسماء وترفده امهاتهم بالدعاء (جبل احد، بناية الاحرار ، جبل الثوار …)! تحببا والى الله تقربا .
وحرسوا هذا الوطن الجديد البديل ..وافتدوه بارواحهم فقتل على حدوده الرجال وزغردت لهم الحرائر واسعفن جرحاهم ،،فانك عندما تنظر بعمق في هذه المحاكاة من الانتقام الحميد والانتفاض المجيد..لا يمكنك التوقف عن الاعجاب والدهشة بل والبكاء ..تركوا امهاتهم ودعواتهن والاسرة الدافئة ليلتحفوا السماء في هذا الوطن حتى عمروه وصيروه مركزا مضاءا ليلا وسط ظلام بغداد الرازحة الحزينة ، ونشطا نزيها نهارا كخلايا النحل وسط جو الفساد والعطالة المحيط..!
ارادوا وطنا فما أعطاهم الجبناء الفاسدون المخربون التابعون ،،،فصيروا ذلك المبنى وطنا ، كالطفل المتشبث بصورة أمه الغائبة البعيدة.. يظنها هي ويتمناها هي مترقبا حالما متأسيا…حتى تعود ..!
اللهم أعد للعراقيين وطنهم الكبير…ياكبير.