18 ديسمبر، 2024 10:08 م

المضافات لا تُدَمّر!!

المضافات لا تُدَمّر!!

طالما تحفل نشرات الأخبار ومواجيزها وما تنشره المواقع أخباراً عن تدمير مضافةٍ ما للدواعش سواءً كان ذلك بالطيران الحربي او بتفجيرها وهي خالية او ملآى بهم .! وهذا أمرٌ مُسرّ للجميع بالطبع , لكنّ المطروح هنا لا يتعلّق باقصف وتدمير مقاتلي داعش ومرادفاتهم , إنّما لماذا استخدام مفردة < مضافة > وترديدها وتكرارها لتثبت وتترسّخ في الأذهان وكأنها كلمةٌ فصحى واختيرت ببلاغةٍ لغويّة .! , كما من غير المعروف وقد يستحيل معرفة الشخص الذي ابتكر هذه المفردة ” اوّلاً ” سواءً كان ضابطاً في القوات المسلحة او الأجهزة الأمنيّة , وحتى لو كان اعلامياً او اديباً او غير ذلك .!

استعمال وترويج مفردة < مضافة > هو خطأٌ فادح , وهو يُكبّد اللغة العربية خسائراً جمّة ليس في ” الأرواح والمعدّات المعنوية فحسب ” لكنّما يُعرّض الحروف والحركات والفواصل الى رضوضٍ وخدوشٍ في المشاعر .!

فَ ” المضافةُ ” يا قوم هي كلمة ايجابية ولا يجوز استخدامها ونسبها للأرهابيين والقتلة والمجرمين , وقد يغدو ذلك محرّماً في الشريعة اللغوية والأدبية , وقد يُؤثم كاتبها وقارؤها ومستخدمها , ولعلّ مصيرهُ جهنّم الحمراء في يوم القيامة .!

وَ ” المضافةُ ” يا آنساتي وسيداتي وسادتي وِفق كلّ المعاجم والأنسكلوبيديات ” دوائر المعارف ” العربية هي احدى المشتقّات الشقيقات لكلمة ” ضيافة ” او استضافة , كما تعني بيت او مكان محدد ومخصص لضيافة الآخرين او الضيوف والغرباء , ولا اكثرَ من ذلك ولا أقلّ ايضاً .

فهل من المنطقِ ومن المعقولِ واللامعقول كذلك أن يقوموا الدواعش وفي ايّ مكانٍ بتضييف انفسهم واستضافتها وكأنهم ضيوفٌ على انفسهم .! , وهنا لا اودّ تسديد نبال النقد اكثر الى الناطقين الإعلاميين الرسميين , سيّما أنّ بعضهم من زملاء المهنة , لكنه بات مطلوباً من العميد ” يحيى رسول ” الناطق الرسمي لوزارة الدفاع وقيادة العمليات المشتركة , وكذلك الى اللواء ” سعد معن ” المتحدّث الرسمي لوزارة الداخ

لية وعمليات بغداد , أن يبادروا الى الغاء استخدام تعبير ” مضافات داعش ” وتغييرها الى مفرداتٍ وتعابيرٍ أخرياتٍ تزخر بها اللغة العربية وبلاغتها وأدبياتها , فلا بأسَ بأختيار كلماتٍ مثل < احدى اوكار الدواعش , او قصف مخبأ لمقاتلي داعش , او احدى مقراتهم السرية > وما الى ذلك .

وفي الوقتِ نفسه , فإذ الناطقون والمتحدثون الرسميون بأسم قطعات الجيش وعمليات الداخلية وما بين ذلك هم من الضباط المنهمكين في متابعة أدق التفاصيل الأمنية وعرضها وإعدادها للرأي العام , فأننا هنا نسدّد وبعنف اكبرَ قدرٍ او كمياتٍ من سهام النقد اللاذعة الى هيئاتِ تحريرِ وسائل الإعلام المحلية الرسمية والأهلية وبمختلف تصنيفاتها ” المرئية والمسموعةِ والمقروءة ” وبشكلٍ خاص الى شبكة الإعلام التي تمثّل الدولة , في وعبر ترديدها الببغاوي لعبارة ” مضافة لداعش ” , وهم جميعا ليسوا بملزمين للأنصياع في نقل كلّ كلمة وحرفٍ لغويين تستخدمها القيادات الأمنيّة ممّا لا يؤثر ولا يتعارض مع وعلى نصّ الخبر او التصريح او الموقف الأمني , وكان عليهم أن يبادروا الى التصويب والتصحيح اللغوي والأدبي وفق المعايير اللغوية… ويحزُّ في النفس القول انهم في وادٍ , و< المضافات الداعشية > في وديان وسراديبٍ وشقوقٍ في الأرض وتحتها بما هو ابعد , وإنّ اولئك سادة وقادة الإعلام بعيدون عن الرأي العام عبرَ ” بحورٍ وجبالٍ ” حسب تعبير الرفيق الراحل نزار قبّاني , رضوان الله عليه .!