متديّنون جدا، وأتقياء جدا جدا، لا يتركون الصلاة، ولا يشربون الخمر، ويصرون ألا يصلوا إلا وهم على وضوء صحيح بمعاييرهم، ولا يصح وضوؤهم إلا بدماء شعبهم.
هذه إنجازاتكم منذ 2003:
سيّستهم الدين. لغّمتم الدستور. اعتمدتم المحاصصة الطائفية، والعرقية، والحزبية. تحاصصتم حتى في ثروة الوطن. أشعلتم نار الفتنة الطائفية، ووضعتم العراق على حافة الحرب الطائفية. تاجرتم بالدين والمذهب والمرجعية والمقدسات والشعائر. حرمتم شعبكم من الخدمات الضرورية، من ماء صالح للشرب والاستحمام، ومن كهرباء، ومجارٍ، وعيش كريم. أثريتم ثراءً فاحشا حراما من قوت الشعب، ومن لقمة عيش فقرائه، واحتياجات محروميه. قمعتم التظاهرات، واغتلتم الناشطين. ملأتم السجون لسنوات بلا محاكمات بسنة وشيعة وسائر المواطنين. مارستم التعذيب في زنزانات الطاغية الذي أسقطه لكم الأمريكان. قدّمتم مصلحة نظام ولاية الفقيه، على مصالح وسيادة العراق، وكرامة شعب العراق. شوهتم الديمقراطية، وسننتم سننا ما أنزل الشيطان بها من سلطان. زورتم الانتخابات. خالفتم الدستور. أتخمتمونا بالوعود، دون أن تفوا بها.
هذه كانت إنجازاتكم، منذ 2003، أو لنقل منذ أول انتخابات مطلع 2005، عبر دورة انتقالية وأربع دورات بعد إقرار الدستور الدائم.
رفضنا وأدنّا واستكرنا كل ممارساتكم، في تظاهراتنا عام 2011 وفي تظاهرات 2015، وفي مقالاتنا وندواتنا، وظهورنا الإعلامي. لكنكم صممتم آذانكم أمام كل النداءات والمطالبات.
لكن الحكومة الخامسة بعد انتخابات 2018 فعلت ما لم تفعله حتى حكومتا نوري المالكي في دورتيه الكارثيتين، واللتين توج الثانية منها بتسليم ثلث العراق لتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي.
حكومة تقتل شعبها، يجب أن ترحل.
سواء رحلت باستقالتها، أو بإقالتها، أو بإسقاطها.
رئيس وأعضاء مجلس النواب، من غير المنتمين للقوى السياسية صاحبة الميليشيات المشاركة في قمع التظاهرات، يتحملون مسؤوليتهم التاريخية لمحاسبة الحكومة على ما اقترفته في الأيام التشرينية الدامية، فإذا لم يسحبوا الثقة من هذه الحكومة، يكونون شركاء فيما اقترفته من جرائم.
وإذا لم يتحمل رئيس وأعضاء مجلس النواب مسؤوليتهم، وإذا أصر رئيس الحكومة الحالية على عدم الاستقالة، أو أراد الاستقالة فمُنِعَ منها من قبل القوى التي أتت به، فليقدم أولئك الوزراء، الذين لا يريدون تحمل وزر دماء المئات وجرح وإصابة الآلاف من شبابنا المتظاهرين العزل السلميين، ولا يريدون أن تحاكمهم ضمائرهم بالمشاركة بهذه الجريمة، وإذا لم يكن للبعض ضمائر تحاكمهم، نقول إذا أرادوا ألا يحاكمهم شعبهم يوم سقوط هذه الطغمة السياسية، أو أرادوا ألا يحاكمهم التاريخ، فليقدوا استقالتهم. وكل وزير يرضى لنفسه أن يبقى عضوا في كابينة تتحمل رئاستها مسؤولية دماء شبابنا وقمع التظاهرات السلمية، فإنه يحكم على نفسه بتحمل مسؤولية كل ما حصل ويحصل منذ انطلاق ثورة الشباب في الأول من تشرين الأول حتى يومنا هذا.