22 ديسمبر، 2024 2:33 م

المصالح الخاصة من أهم أسباب الانهيار

المصالح الخاصة من أهم أسباب الانهيار

أتذكر جيدا كيف كان والدي التاجر يزاول أعماله بمحله في منطقة الشورجة تحديدا شارع الخلفاء، وكان ذلك في عام 1988م وكنت استمع إليه حين يطلب بضاعة من تاجر آخر باتصال هاتفي ويقول له ( صارت مال ) دون أن يدفع له فلسا واحدا، وبعد سويعات تصله الطلبية كما أرادها دون غش أو خداع أو نقص، يجرها بعربته الحمال العجوز الذي تعرفه ويعرف المحلات جيدا، ومن ثم يلتزم ابي بدفع مبلغ البضاعة التزاما بكلمته التي نطقها عبر سماعة الهاتف، وهكذا كانت اغلب التعاملات التجارية حيث توجد الثقة المطلقة والاحترام العالي والتراحم في التعاملات بين التجار، وكان أصحاب الأموال من الأغنياء معروفين جدا ومعروفة أيضا مصادر أموالهم. وبعد غزو الكويت اغتنت طبقة من السراق ودخلت السوق بأموالها المشبوهة ومن ثم شنت الحرب على العراق وبعد فرض الحصار تغيرت النفوس فبدأت مجموعات سمت نفسها بالتجار بالتحايل والخديعة للحصول على الأموال من تجار آخرين، وقع من وقع ضحية خداعهم فأصبحت الثقة معدومة بين التجار وبات أصحاب المحال يتحذرون من أي صفقة تعرض عليهم وهنا هدمت الثقة تماما وغشت البضاعة للحصول على أعلى المكاسب فأصبح كل يبحث عن مصلحته الخاصة فقط.
مرحلة الحصار الاقتصادي والجوع الذي أصاب أهل العراق كان كفيلا بتغيير النفوس فغابت المصلحة العامة وظهر الفساد بشكل مخيف ومن حينها أثرت هذه المرحلة كثيرا ومن جميع النواحي حتى تقريبا كادت أن تهدم الترابط الأسري بين العوائل، نعم كانت خطرة جدا ووصلت إلى ما وصلت عليه حتى كان الأخ يشي بأخيه زوراً والزوجة بزوجها كذلك، للأسف استمرت هذه الحالة إلى يومنا هذا وتجذرت في نفوس الكثيرين حتى أصبح الجميع يفكر بمصلحته الخاصة دون العامة، كان الجوع والحاجة السبب الرئيسي في ذلك كما ذكرت سابقا، ولان الحرمان مرض خطير فهو أيضا قد أصاب من هم ليسوا في العراق ابان عهد صدام واقصد السياسيين الذين عاشوا في دول أخرى محرومين منتظرين أمل الوصول إلى الحكم للتمتع بالخيرات وقد نالوا مرادهم بفضل الأمريكان وهم ألان يحكمون إلا إنهم لا يزالون يفكرون بمصلحتهم الخاصة، فكل يبكي على ليلاه، والاهم عندهم هو ان يجمع اكبر قدر من الثروات ليغتني بها وان يجمع اكبر قدر من الموالين له حتى وان كان باطلا، ويجد الثروة ويجد الموالين فكل يفكر بمصلحته الخاصة، حتى الوزراء وأعلى رؤساء السلطة في البلد يجهدون للكسب من اجل البقاء داخل القبب البرلمانية والقصور الرئاسية ويحيطهم مجموعة لابأس بها من المؤيدين وذلك لأنهم حصلوا على مكاسبهم الخاصة، للأسف أصبح الكثير منا يفكر بمنطق انا وليكن من بعدي الطوفان. حتى برز أصحاب المصالح الخاصة واندثرت المصلحة العامة لذلك نجد الوطن يعاني ويصرخ عسى ولعل أن يجد من يفكر فيه فلم يعد هناك احترام للعمل ولا للإنسان بقيمته الإنسانية أو الفكرية فقط يحترم من يمتلك القوة والمال فكم من أحمق أصبح بالمال عملاقا، أما من ينادي بالمصلحة العامة وهمه السبيل في نهضة الوطن فإما له أن يهرب أو أن يكون مطاردا ومطلوب من الدولة ومن الأحزاب البشعة ذات المصالح الخاصة البشعة.