23 ديسمبر، 2024 12:22 ص

المصالح الايرانية فوق الجميع ..

المصالح الايرانية فوق الجميع ..

إن لأحدث الإحتلال الأمريكى للعراق تداعيات كبيرة على النظام الإقليمى العربى بأكمله بل وعلى منطقة الشرق الأوسط ككل ، فقد خرجت إيران والولايات المتحدة الأمريكية بإعتبارهما القوى الأساسية فى المنطقة وقد استغلت إيران فى تحركاتها فى المنطقة وفى حسابها لخطواتها الإقليمية على فكرة ضعف وتناقض الإستجابات العربية تجاهها. فالإحتلال الأمريكى للعراق تجاوز مرحلة إسقاط نظام عربى إلى مرحلة تدمير مقومات الدولة العراقية حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عملية السياسية تقوم على أسس طائفية، بحيث ينقسم العراق إلى طوائف من سنة وشيعة وعرب وأكراد كل منهم يبحث عن دور فى العملية السياسية ويريد تحقيق مكاسبه الخاصة. وهو ما أرادته الولايات المتحدة الأمريكية بل وأرادته إيران، حيث خرجت العراق من ميزان القوى العربى ومن المعادلة الإستراتيجية خارج منطقة الخليج، فقد انخرطت فى مشكلاتها الداخلية ومحاولات إعادة الإعمار مُخلفةً إطاره العربى وراءها بعد أن كان من أهم الفواعل العربية فى المنطقة.لقد توفرت فرصة ذهبية للنظام الإيراني عقب سقوط نظام صدام عام 2003 في توسيع نفوذها في العراق ، لذلك يعتبر احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق أكبر هدية استراتيجية قدمت للنظام الإيراني للمضي في مشروعه التوسعي الذي يبدأ في إحكام السيطرة على العراق ليتمدد – فيما بعد – في دول المشرق العربي ، إذ لهذا المشروع دوافعه وأشكاله وأدواته التأثيرية .هناك عدة دوافع أدت بإيران إلى الدخول كأحد الأطراف الأساسية في تطورات الساحة العراقية والإقليمية منها المتنفس الإقليمي والبعد المذهبي استغلال وتوظيف الحرب على الإرهاب لمصلحتها واستغلال التحدي الأمني للحكومة العراقية بفرض نفسها كحارس شخصي في الاطار العام ، كل هذا الأسباب تعتبر مكاسب لإيران وذرائع للتدخل في الشأن العراقي بصورة عامة لكن وحتى تنجح في تحقيق هذه الغايات السياسية ركزت إيران منذ 2003 على عامل المجتمع في العراق ، والذي يمثل الشيعة النسبة الأكبر منه وفقا لتقديرات مؤسسات وجهات ذات علاقة بإيران ، لتخلق لها قاعدة شعبية مؤيدة لتوجهاتها بحجة وحدة المذهب وضرورة التزام الشيعي بولاية الفقيه بناء على تفسيرات دينية استغلتها طهران سياسيا غير مكترثة لوجود المرجعية الشيعية العليا في النجف بمراجعها الأربعة ، والتي حاولت مرارا سحب البساط منها.
كما أنها أستغلت الدور الديني على أتم وجه خصوصا في المناطق الجنوبية من العراق، فقد حققت اختراقًا ونفوذًا في المسائل الدينية على الساحة العراقية، وسيطرت على شريحة واسعة من العراقيين تحت مسمى التشيع ، وذلك من خلال إثارة القضايا الطائفية والترويج لفكرة المظلومية. ولإيران تأثير كبير على رجال الدين في الحوزات العلمية الدينية. كما أن لها دورًا دينيًّا فاعلًا في تحريك القضايا السياسية عن طريق الفتاوى الدينية التي يُصدرها رجال الدين المرتبطون بإيران .لا تبدو إيران متحمسة وسعيدة ومتعاونه ابدا للدعوات التي تطلقها بعض الأطراف العراقية لتقسيم العراق إلي ثلاث دويلات ، كردية ، وسنية ، وشيعية ، إذ إن ذلك يمكن أن يهدد مصالحها علي المدي البعيد، ، حيث ربما يعزز هذا الخيار من طموحات أكراد إيران في تأسيس دولة كردية ، بما قد يخلق حالة عدم استقرار داخل إيران في الوقت الحالي. ومن هنا، يمكن تفسير حالة التوتر التي اتسمت بها العلاقات بين إيران ورئيس إقليم كردستان العراق ، بسبب التلميحات المتكررة التي وجهها الأخير بخصوص إمكانية تأسيس دولة كردية في الشمال ، وهذا ماترفضه ايران رفضا قاطعا لانه يضرب مصالحها في المنطقة .ان التدخل الإيراني في العراق أضر بالعراقيين أكثر مما أفادهم كما يتوهم البعض ، فلقد أبعدت العراق بتدخلها السافر في شؤونه عن حاضنه الدول العربية مما زاد من حجم العزلة التي يعاني منها العراق وجعلته بمثابة ولاية تابعه لها كما صرح بذلك القادة الإيرانيون في مرات عديدة ، كما أنها جعلت من الأحزاب الدينية وميلشياتها المسلحة التي تنتشر في جنوب العراق كقاعدة عسكرية تابعة لها تقوم بالدفاع عنها بصورة مباشرة أو غير مباشرة طبقا لحاجتها في تحريك تلك المليشيات بحسب ما تمليه عليها الأوضاع المسجدة في عموم العراق .