كثيرة هي الموتمرات التي عقدت وتعقد في إطار المصالحة الوطنية ، وكثيرة هي المقررات والنتائج التي خرجت بها تلك الموتمرات ، ومازال نزيف الدم العراقي مستمراً وسط اجواء التأزم السياسي والامني ، فصراع السياسيين بدا واضحاً وطغى عليه الخطاب الطائفي فأصبح السمة التي يمتاز بها اغلب سياسينا ، فكانت النبرة الطائفية اعلى من سمة الاختلاف والخلاف مما عكس وضعاً متأزماً وشارعاً مشحوناً وأمن مفقود ، وبالتالي فقدان اي مقومات لبناء الدولة بعد ٢٠٠٣ .
وهنا لابد ان نتساءل ماهي مباني المصالحة الوطنية ؟ واذا كانت هناك مباني فمع من نتصالح ؟!!
اذا كان الحديث عن المصالحة الوطنية بين السياسين فجميعهم تحت مظلة البرلمان والحكومة ؟!!
واذا كنا لا نتصالح مع السياسين فمع من نتصالح ؟!! .
عندما نسعى الى وضع مباني المصالحة الوطنية يجب ان يكون لها مقدمات فاعلة ، الا وهي التصارح والجلوس على طاولة الحوار بطن جميع الفرقاء السياسيين ، ودعوة فصائل المعارضة للحكومة للجلوس على طاولة الحوار ودعوة الشخوص المؤثرة والمساعدة في زيادة الاحتقان الداخلي العراقي .
عندما نضع خارطة طريق لمن نريد ان نتصالح معهم ، عندها يمكن ان نضع مباني لهذه المصالحة وأهمها :-
١) يجب ان يكون هناك موقفاً واضحا ً من الارهاب بجميع اشكاله ، وان يعلن ذلك بموقف رسمي من جميع القوى السياسية ، واعلان فك الارتباط لبعض القوى السنية مع داعش ، والبراءة من اي اعمال ارهابية لهذه الزمر ، ورفع الدعم المقدم لهم من حواضن ومال وسلاح وغيره .
٢) يجب ان يكون هناك موقفاً واضحا لجميع القوى السياسية من العملية السياسية ، ومدى القبول بهذ العملية بعد عام ٢٠٠٣ .
٣) ينبغي ان يكون الدستور العراقي ، والذي صوّت عليه غالبية ابناءالشعب العراقي وان يكون هو المرجعية القانونية والإطار الشرعي في تشخيص المطالبات من جميع الأطراف السياسية والمجتمعية ، وان تكون العملية السياسية هي الإطار الدستوري الذي ينبغي الرجوع اليه في حل جميع الخلافات والإشكالات .
٤) الاستفادة من جميع الطاقات المؤثرة في الوضع الاجتماعي العراقي وكسب اكبر قدر ممكن من الدعم الشعبي .
٥) ضرورة ان يكون للمؤسسة الدينية ورجال الدين السنة موقفاً واضحاً من العملية السياسية وتطبيع الأوضاع وحل المشاكل ليس فقط في البيئة السياسية بل النزول الى البيئة الاجتماعية وتثقيف المجتمع على التعايش السلمي بين جميع ابناء الشعب العراقي .
٦) كما يجب ان يكون للعشائر دوراً بارزا في تخفيف حدة التوتر والاحتقان ، خصوصاً وان المجتمع العراقي يتميز كونه مجتمعا عشائرياً تعلو فيه الصبغة العشائرية اكثر من باقي الصبغات ، مع كون اغلب هذه الشعائر هم خليط بين السنة والشيعة ، ناهيك عن ابواب المصاهرة والتقارب بسبب او نسب .
٧) الشي الأهم هو الموقف الرسمي من البعث (فكراً) وتجريمه ووفقاً للسياقات الدستورية المعمول بها ، ووضع الحلول النهائية لمشكلة البعثيين نهائياً خصوصاً بعد انخراط اغلب هولاء في العملية السياسية والمفاصل الأمنية في حكومة المالكي .
اذا استطعنا ان نضع مباني للمصالحة الوطنية يمكن ان نبدأ بالخطوة الثانية وهي وضع ميثاق شرف سياسي وإعلامي يرتكز على الابتعاد عن الخطاب الطائفي والقومي والفوئي ، والتركيز على الخطاب الوطني ، مع ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار تعدد الهوية لعموم مكونات الشعب العراقي ، لان قدرهم ان يكونوا متعددي الطوائف والقوميات والملل ، كما يجب ان يكون التعايش السلمي هو الإطار الحقيقي من اجل خلق بيئة واجواء سياسية واجتماعية لتسريع عملية المصالحة الوطنية ، وضبط إيقاع التصريحات السياسية ضمن ميثاق شرف سياسي وإعلامي والذي ينص على ضرورة الالتزام بمباني المصالحة والمصارحة الوطنية ، لان نجاح هذه المصالحة لايمكن ان يكتب له النجاح ما دامت وطئة المزايدات السياسية والتخوين والاتهام بين المكونات حاضراً في ثقافة السياسي العراقي .