منذ فترة طويلة والحكومة وسياسيو الصدفة يطبلون ويزمرون برفع شعار المصالحة الوطنية للاستهلاك السياسي وتضليل الجماهير.
بالرغم من اولوية هذا المطلب الجماهيري لكونه يسهم في استباب الأمن وبناء دولة المؤسسات والقانون من جراء المشاركة الواسعة لابناء الشعب في البناء والتنمية لهذا الوطن، ولكن للأسف لم يجسد هذا المطلب من خلال رؤى وآليات واضحة للسير فيه وفق خطط تطبيقية تحوله الى واقع عملي ملموس.
فمن المعلوم في المنطق السياسي، أن المصالحة الوطنية هي جزء من مبدأ سياسي يقال له “العدالة الانتقالية” وبمفهوم آخر هو عملية انتقال من نظام دكتاتوري نحو نظام ديمقراطي وبصورة تدريجية حسب الظروف الموضوعية التي يمر بها البلد.
لذلك على الساسة والحكومة ابتداء السير في الخطوات التالية:
١- اعادة النظر في القوانين التي ورثت من النظام السابق، وابقاء ما هو يتماشى مع العهد الجديد، والغاء ما يتعارض مع مبادئ العدالة وحقوق الانسان والنظام الديمقراطي.
٢- تقييم اوضاع المحاكم، وتطهيرها من الفساد ورفدها بالعناصر الكفوءة.
٣- تطهير دوائر الدولة من المفسدين ومعالجة الفساد الاداري فيها.
٤- توعية الجماهير على الفكر الديمقراطي والممارسات الديمقراطية ونبذ الفكر الدكتاتوري الذي لا زال معشعشا في عقول الكثير من السياسيين والمثقفين.
٥- احترام مبدأ “الرأي والرأي الآخر” ومبدأ “تداول السلطة بالطرق السلمية”.
تلك هي الخطوات التي يجب ان تتحقق في المرحلة الانتقالية مادامت المصالحة الوطنية جزءا من مبدأ العدالة الانتقالية، لذلك على السياسيين والحكومة السير في هذا الطريق، كتمهيد لتحقيق المصالحة الوطنية.
ولكي تتحقق المصالحة يجب السير في الخطوات التالية:
١- تحديد الجهة التي يتم المصالحة معها.
٢- إلغاء الدستور لكونه سبب كل المصائب التي يمر بها العراق الآن فهو بني على أساس المكونات التي أنتجت المحاصصة والتوافق والتوازن وتقسيم المجتمع العراقي لطوائف وأعراق، وطمس هوية العراق وانتمائه إلى الأمة العربية والإسلامية.
٣- فتح صفحة جديدة لكل العراقيين والغاء كل السجلات الجنائية او تجميدها، واعتبار كل عراقي كأنه ولد من جديد ويتمتع بسجل نظيف.
٤-حل قضايا المعتقلين السياسيين، وإطلاق سراح من لم تثبت التهمة ضده، وإحالة من تلوثت يداه الى المحاكم المختصة.
٥- إيجاد الحلول الناجعة لمشكلة البطالة، ليكون اي عراقي منتجا وبعيدا عن الانحراف والسير في الطريق الخاطئ وذلك بتوزيع الثروة بشكل عادل وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرض والعمل للجميع.
٦- وضع خطط اقتصادية من قبل خبراء اقتصاد، وذلك برسم سياسة اقتصادية ذات مصادر متعددة للثروة وليس الاعتماد على مصدر النفط.
٧- الإسراع في توفير الخدمات للمواطن وعدم التعلل بالحجج الواهية لتغطية الفشل لدى المسؤولين، وذلك بعدم قدرتهم على إدارة وزاراتهم واستشراء الفساد الاداري.
٨- المواطن العراقي يعتمد في قوته على البطاقة التموينية وهذه البطاقة يوما بعد يوم تسير نحو الأسوأ برداءة مفرداتها والفساد المتفشي في وزارة التجارة.
٩- المهجرون في داخل الوطن وطنهم غرباء كما يقال، يعيشون في حالة تفتقر الى الحس الإنساني ولا احد يلتفت اليهم كأنهم ليسوا من أبناء هذا الوطن، فكيف تكون هناك مصالحة، وأبناء هذا الشعب في ذلك الذل والهوان.
١٠- هناك اكثر من ثلاثة ملايين عراقي هاجروا خارج العراق لأسباب متعددة، غالبيتهم من الكفاءات العلمية وعلى الحكومة توفير الضمانات الكافية لعودة أولئك الى ارض الوطن.
تلك هي الآليات والخطوات المطلوبة اذا ما اريد اجراء مصالحة وطنية حقة وليس شعارا للكسب السياسي لا يعرف الى أين يسير؟.