إلقاء نظرة على مدن العظيم و جلولاء و السعدية و المقدادية في محافظة ديالى و تکريت والدور و البوعجيل في محافظة صلاح الدين و التي هي أهم المدن التي تم تحريرها من تنظيم”داعش” منذ بداية العام الحالي، فإننا نجد ان أوضاعها لم تتغير إيجابيا کما کان منتظرا و متوقعا.
هذه المدن التي خضعت لسيطرة تنظيم داعش المتوحش و ذاقت الامرين على يد ممارساته القمعية الارهابية الدموية، واجهت بعد إخراجها من سيطرة ذلك التنظيم البربري مشکلتين کبيرتين هما:
ـ الميليشيات الشيعية قامت بحملة إنتقامية ضدها بحيث طالت ليس سکان هذه المدن وانما حتى المنازل و البساتين و کل مظاهر الحياة فيها.
ـ لم تتمکن الحکومة العراقية على الرغم من کل الوعود التي أعطتها بإعادة الحياة المدنية إليها ذلك إن الحاکم الفعلي فيها لاتزال الميليشيات الشيعية التي تسير الامور بعقلية و رٶية طائفية إنتقامية بحتة.
الميليشيات الشيعية و من أجل کبح جماحها و تخفيف حدة الانتقادات المختلفة عراقيا و عربيا و دوليا ضدها، جعلوها ضمن إطار الحشد الشعبي الذي لم يستطع هو الاخر من أن يسع رغبتها الجامحة للانتقام و العنف و الدموية، ويبدو أن السعي من جانب حکومة حيدر العبادي لجعلها هيئة رسمية مرتبطة برئاسة الوزراء، هو أيضا لايکتب له النجاح المطلوب لسببين واضحين:
ـ هنالك منافسة قوية عامية بين رئيس الوزراء حيدر العبادي و بين نائب رئيس الجمهورية نوري المالکي من أجل السيطرة على هذه الميليشيات و کسب ولائها، وان الميليشيات من جانبها و طبقا لتوجيهات إيرانية تقوم بالاستفادة من هذا التنافس و توظيفه لصالح أهدافها و مصالحها، مما يعني ان لا العبادي و لا المالکي في وضع يمکنهما من تطويع هذه الميليشيات کما يريدان و يرغبان فيه.
ـ هذه الميليشيات کما يعلم الجميع(وخصوصا المتنفذة منها)، تابعة و خاضعة لأوامر و أجندة إيرانية ولذلك فإن أي إتفاق او قرار تتخذه سوف يکون بالنتيجة خاضعا لرغبة و مشيئة و رٶية و توجيه إيراني، وهو مايعني بالضرورة إستحالة تطويعها من دون کسب ود طهران او أخذ ضوء أخضر منها.
أوضاع العراق المتأزمة بصورة عامة، هي لسبب او آخر ترتبط بتوسع و إنتشار النفوذ و الهيمة الايرانية فيها و مصادرة القرار السياسي الوطني، وقد جاءت هذه الميليشيات المسلحة التي تم تأسيسها من جانب إيران و منذ اليوم الاول لإنشائها إشتهر عنها إرتکابها للمجازر و لحملات الابادة الطائفية و لجرائم الخطف
و تنفيذ أحکام الاعدامات بصورة غير قانونية و إبتزاز و ترويع ليس المواطنين العراقيين لوحدهم وانما حتى السلطات العراقية و مٶسسسات حکومية و مسٶولين حکوميين، وقد وصل الامر بهم الى حد ينظر إليهم وکأنهم حالة فوق القانون و الانظمة المرعية، وان اولئك الذين يبحثون عن طريقة حل او معالجة لمشکلة هذه الميليشيات، فمن الواجب أن يعلموا بأن المشکلة لاتکمن في الميليشيات وانما فيمن أسسها و مولها و يقوم بتوجيهها، ومن دون قطع دابر مٶسس الميليشيات”أي إيران”، عن العراق في مشکلة الميليشيات و غيرها من المشاکل المشابهة ستبقى على حالها