18 ديسمبر، 2024 5:16 م

المشکلة فيما بعد الاتفاق النووي

المشکلة فيما بعد الاتفاق النووي

في وقت حذر فيه مسٶولون أوربيون من أن محادثات فيينا توقفت ودخلت مرحلة حرجة، ومع تأکيد دبلوماسي غربي رفيع أنه في حال لم تتخذ واشنطن وطهران القرارات النهائية الآن، فإن هذا الاتفاق في خطر شديد، کما جاء کل ذلك في صحيفة”وول ستريت جورنال” الامريکية، فإن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بحسب ما نقلت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية إن بلاده لن تتراجع عن خطوطها الحمراء في المحادثات النووية مع القوى العالمية، وإذا ماأخذنا بنظر الاعتبار إن إدارة بايدن تواجه إنتقادات شديدة بشأن سعيها لإحياء الاتفاق النووي وحتى تواجه حملات مضادة من جانب الکونغرس الامريکي ذاته، فإن الصورة العامة بشأن إبرام أو عدم إبرام الاتفاق النووي تبدو ضبابية.
تأکيد طهران على خطوطها الحمراء في وقت دخلت فيه محادثات فيينا “مرحلة حرجة”، يذکرنا بالخطوط الحمراء ال19 التي وضعها المرشد الاعلى للنظام الايراني في الاسبوعين الاخيرين قبل التوقيع على الاتفاق النووي للعام 2015، والتي تم تجاهلها کلها، لکن تأکيد رئيسي عليها يأتي بسبب أجواء الضغوط والتوتر التي تفرضها الحرب الروسية على أوکرانيا وسعي طهران للإستفادة منها، لکن وفي نفس الوقت يجب علينا أن لاننسى إن لدى طهران رغبة أشد وأقوى من التي لدى واشنطن من أجل التوصل لإتفاق نهائي، إذ أن مظاهر التعنت والتشدد الايرانية تخفي خلفها أوضاعا حرجة وصعبة جدا في الداخل الايراني، وإن الاعلان عن عدم التوصل لإتفاق أو الإنسحاب من المحادثات، سوف يرتد سلبا على النظام الايراني فيما قد يتم الترحيب به في واشنطن، ولذلك فإن طهران ومهما يکن فإنها ليست تريد فعلا التوصل للتوقيع على الاتفاق بل وحتى إنها بحاجة ماسة الى ذلك.
لانعتقد بأنه وعلى الرغم من أجواء التوتر التي تخيم على محادثات فيينا، بأن هناك مشکلة في التوصل للإتفاق لأن الجميع بما فيهم النظام الايراني يريدون ذلك ويسعون إليه، لکننا نعتقد بأن المشکلة ستکون وستأتي بعد الاتفاق النووي، ذلك إن التصور والاعتقاد بأن النظام الايراني سوف يتمسك ببنود الاتفاق النووي وسوف ينفذه کما يريد المجتمع الدولي، هو مجرد تمني، والتمني کما في القول الشائع، هو رأسمال المفلسين، إذ أن النظام الايراني ومنذ أن بدأ برنامجه النووي في أواسط العقد التاسع من الالفية الماضية، فإنه قد حرص أشد الحرص وطوال العقود اثلاثة الماضية من المحادثات مع الدول الکبرى على ضمان عدم التفريط بجانبه العسکري وحتى إن ماقد نجم عن المرحلة التي أعقبت إتفاق 2015، يثبت ذلك بل وإن ماقد وصل إليه البرنامج الايراني من تطور في الوقت الحاضر، يٶکد ذلك ويثبت وبصورة فعلية بأن المشکلة مع النظام الايراني ستکون فعلا فيما بعد الاتفاق النووي المبرم معه!