18 ديسمبر، 2024 8:47 م

المشهد العراقي …بعيون غير حزبية

المشهد العراقي …بعيون غير حزبية

من المؤكد ان الغالبية العظمى تعمل على تحليل المشهد من زاوية الحزب او الكتلة او الائتلاف الذي تنتمي اليه او من زاوية الدين والطائفة او القومية , وبالتالي فان الرؤية التحليلية مهما بلغت ومهما علا شانها فانها تكون قاصرة وزاويتها ضيقة نتيجة لاحادية الرؤية والمنطلق , عندها ستكون قراءة المشهد العراقي بعيون حزبية وهذا ما لا يحقق تكاملا في التحليل والاستنتاج بل انه يعمل على انضاج رؤية حزبية واحدة ربما يتجاوز من يتفق مع معطياتها ومن خارج نطاق تابعيه القليل جدا , وهذا التحليل قطعا لا يشكل نقطة ارتكاز في الاعتماد عليه , لذا ستكون السطور المقبلة محض تحليل ورؤيا كتبت بعيون غير حزبية ولا ادعي دقتها ولكن المهم انها لا تمثل حزبا او طائفة او كتلة بل رصد ومتابعة فيها من الموضوعية ما يعتد به , وارى ابتداء اننا يجب ان نؤشر لما يلي :
ان الموقف في الداخل العراقي لا يكون بمعزل عن الاحداث الخارجية الحالية ومنها على سبيل المثال الملفات التالية :
الاول : الملف النووي الايراني الذي بات واقع حال في المنطقة والعالم باسره والذي اقر باهميته ووجوده على الرغم من ان اسرائيل ما زالت تضغط باتجاه عرقلته , الثاني : قرب انفراج الازمة السورية وذلك عبر دخول الخلايجة على خط حلها بالاتفاق مع روسيا وايران فضلا عن سوريا , وفيما يتضمنه مشروع حل الازمة ابقاء الاسد مع تحديد لجدول صلاحياته ومن ثم تغييره على المدى البعيد , الثالث : دخول تركيا على خط من يحارب داعش وهذا ما يشكل اهمية كبيرة في الداخل العراقي وتزداد هذه الاهمية باتساع التدخل ليشمل حزب العمال ما يجعل من سياسيي اقليم كردستان في حالة من الخوف والقلق والترقب , الرابع : الموقف الامريكي الحالي الذي يعتمد على سياسة الانكفاء والانعزال المدروسة وعدم التدخل بشكل مباشر وقوي , الخامس : الموقف البريطاني الذي زادت فعاليته في حكومة 2014 وبيان ذلك ما تجده في جسد الكابينة الحكومية من حملة الجنسية البريطانية , باجتماع هذه الملفات بالامكان ان نخرج بالاستنتاج التالي : العراق مقبل على خيار من خيارين متضادين لا ثالث لهما , وهما : الاول : السير في طريق الاصلاح وبلورة المشروع الاصلاحي وانضاجه لينتهي الى اعادة هيكلة الدولة العراقية والانتقال بها من سياسة تشتيت السلطة (التوافقات) الى سياسة تمكين السلطة وتركيزها ما يجعل الممر والطريق سالكا امام التكنوقراط  لياخذ مجاله ومداه ولو بشكل تدريجي ,مع الالتفات الى ان ما يجري اقليميا من تحركات وعبر الملفات التي ذكرناها قد يؤدي الى خروج العراق من مرحلة كونه ساحة لصراعات المنطقة وارى ان هذا وارد بشكل يعتد به اذا ما اخذ مجاله الحيوي بشكل صحيح , الثاني : والذي يجب ان تلتفت اليه السلطات العراقية باشكالها الثلاثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) فضلا عن المرجعيات الدينية والاحزاب على اختلاف منطلقاتها دينية كانت ام علمانية ام قومية , ومفاد هذا الخيار الانطلاق باتجاه فوضى خلاقة كما رسم للعديد من البلدان العربية او الدخول في نفق مظلم مشابه لما حدث في سوريا خاصة وان ما يجري من احداث اليوم (تظاهرات ,احتجاجات سياسية) شبيه بما جرى في مدينة درعا بسوريا وهذا ما يخيف لذا يجب الالتفات الى هذا الموقف , كل هذا بالطبع مع وجود خطر فاعل الا وهو الارهاب الداعشي الذي يتربص بالبلد والذي قطعا قرء كل الحلول واستعد لها وبالاستعانة بحلفائه الظاهرين او الكامنين في الدول المجاورة او في بعض الاحزاب المشاركة بالعملية السياسية والتي تشكل سقف اشتراك معهم في الاهداف , هذا مجرد تحليل للمشهد العراقي وبعيون غير حزبية , وثمة قراءة اخرى لتحليل دخول المرجعية الدينية في حيثيات المشهد العراقي ستاتي لاحقا .