22 ديسمبر، 2024 4:54 م

المشكل الأنثربولوجي في فلسفة موريس مرلوبونتي

المشكل الأنثربولوجي في فلسفة موريس مرلوبونتي

“يجب علينا أن نتذكر أن الفلاسفة الذين نحن هم مازالوا يعترفون بإنسان كان يحدث الذين يلتقي بهم في الطريق وكانت له مشكلات مع الرأي العام ومع السلطات”1[1]
يكون الكلام عن حضور الأنثربولوجيا في فلسفة الفيلسوف الفرنسي المعاصر موريس مرلوبونتي وجيها حينما يتم التذكير بالمساءلة المستمرة للعلوم الإنسانية والنقد الجذري الذي مارسه على النزعة الإنسانية. لقد سعى في البداية إلى تجذير الديكارتية ولكن في إطار المشروع الفنومينولوجي الذي دشنه هوسرل من جهة وضمن المنعطف الأنطولوجي الذي قام به هيدجر وترددت أصدائه الوجودية عند جان بول سارتر.

ما يميز فلسفة مرلوبونتي هو تبنيها للمعرفة المتحيرة ومنهج وجهات النظر في النظام الإنساني واعترافها بالقرابة الطبيعية بين الإنسان والكون ومحاولتها الكشف عن بنية السلوكات الحية ولذلك تركز نقدها على مجابهة فلسفة الشكل والموقف المقولي والأنثربولوجيا البنيوية وحاولت رسم لوحة التشويهات التي تعبر عن الطبيعة البشرية وعن حركة الوجود وإيجاد تقاطع بين البسيكولوجيا الوجودية وفنومينولوجيا الكلام.

والحق ” ان انسانوية ( مرلو-بونتي ) ليست انسانوية منافقة تنسى الناس ولا هي الانسانوية البروميثيوسية أو الانسانوية الدغمائية لثأر البشر من الآلهة ولا حتى انسانوية اعادة دمج الانسان في الطبيعة وانما هي انسانوية نقدية وموسعة وواعية بهشاشة الوضع الانساني وبعرضيته ولكن بانفتاحه وبقدرته على المنازعة”2[2] . من المعلوم أن مرلوبونتي أعاد الاعتبار من الناحية الوجودية للنظام الطبيعي وبين استحالة حياة الروح ودعا إلى إبرام عقد طبيعي وتحالف مع الكون والإصغاء إلى نداء الوجود ولكنه نقد الموقف الطبيعي على غرار هوسرل والوعي الطبيعاني وفند النرجسية الحياتية على الرغم من توكيده على الإبداعية الطبيعية وأهمية النشاط الحسي عند الإنسان على مستوى التذوق الجمالي والإدراك الحسي والوعي بالغير وبالعالم. لقد جعل مرلوبونتي من نص الحياة كائنا تساؤليا وأوجد طريقة أخرى من الكينونة الجسدانية وقدم تصورا مختلفا للعقل ووضع المعنى في مرتبة متقدمة على الحقيقة وابتعد عن المثالية والاطلاقية واندمج كليا مع العضوية ووضع الوعي وجها لوجه مع الغير ونزله ضمن اللغة والتاريخ والجسد ووجهه نحو أفق الحق3[3]. هكذا يترواح حضور الأنثربولوجيا في فلسفة مرلو-بونتي بين نحتها مفهوم البيذاتية ضمن الكيان في العالم وتوكيدها على الجسد الخاص في اطار رؤية فنومينولوجية.

الهوامش

[1] Merleau-Ponty (Maurice), éloge de la philosophie, édition Idées Gallimard, Paris, 1965, p.42.

[2]   العيادي (عبد العزيز) ، مسألة الحرية ووظيفة المعنى في فلسفة موريس مرلو- بونتي ،  دار صامد، صفاقس، تونس، الطبعة الأولى، 2004. ص.505.

[3] Voir Bimbenet ( Étienne), nature  et humanité , le problème anthropologique dans l’œuvre de Merleau-ponty, édition Vrin, Paris, 2004.pp.292.307.

المراجع:

العيادي (عبد العزيز) ، مسألة الحرية ووظيفة المعنى في فلسفة موريس مرلو- بونتي ،  دار صامد، صفاقس، تونس، الطبعة الأولى، 2004.

Merleau-Ponty (Maurice), éloge de la philosophie, édition Idées Gallimard, Paris, 1965

Bimbenet ( Étienne), nature  et humanité , le problème anthropologique dans l’œuvre de Merleau-ponty, édition Vrin, Paris, 2004