تفتح وثائق السي اي اي المفرج عنها مؤخراً هامشاً للحديث حول غموض العلاقة بين ملالي ايران وجماعة الاخوان المسلمين وإمكانية توظيف هذا الغموض في التأثير على تطورات احداث المنطقة .
تعرجات الظاهر من الخط البياني للعلاقة أبقت ما يكفي من الزوايا الرخوة لتنظيرات أكاديميي وسياسيي وباحثي الطرفين حول بدايات اللقاء بين التجربتين وآفاق تطوير المشتركات بالشكل الذي يوفر مخارج لأزماتهما المتفاقمة .
لدى التطرق للتنظيرات والبحوث التي تراعي متطلبات الاثارة الاعلامية يصعب تجاهل كتاب “إيران والاخوان المسلمين” لعباس خامة يار الذي يركز على عوامل الالتقاء ويقلل من دوافع الخلاف وإشارات علي أكبر ولايتي خلال سنوات “الخريف العربي” لزيارة مجتبى نواب صفوي للقاهرة ولقاءاته مع قادة الاخوان المسلمين في أربعينيات القرن الماضي ومقاربات قيادي حماس أحمد يوسف الاخيرة بين آثار وصول الملالي للحكم وفوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي على الأجواء السياسية في المنطقة .
اللافت للنظر بلوغ التركيز على مشتركات الحالتين وإفرازاتها ذروته خلال فترة رئاسة محمد مرسي لمصر حيث راهنت طهران على استثمار التطورات المصرية في قلب موازين المنطقة .
ولم يخل الأمر من محاولات شبه يائسة لاستحضار أجواء تنظيرات تلك الفترة لترميم العلاقات بين حماس وإيران بعد الانكفاء الذي تسببت به اصطفافات الازمة السورية.
بعض قيمة المعلومات التي تضمنتها وثائق الـ ” سي اي اي ” المفرج عنها يكمن في اتاحتها فرصة قراءة العلاقة بين الملالي والإخوان من زاوية أخرى وهي عدم ممانعة الطرفين في الخضوع لاستخدامات قوة عظمى بالشكل الذي ينسجم مع مستجدات المراحل ويتكيف مع نظرتها لمصالحها .
يمكن العثور على مؤشرات ترجح هذه الفرضية بمحاولة إجراء مقاربة بين أداء إدارتي الرئيسين جيمي كارتر وباراك اوباما في زمني الاطاحة بحكمي الشاه محمد رضا بهلوي والرئيس حسني مبارك حيث يكشف العصب الذي يجمع سياسة الادارتين في التعامل مع الغليان الإيراني والغضب المصري، عن سعي واشنطن لوصول نظم الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني إلى سدة الحكم حين تقتضي الضرورة ولولا اختلاف الظرف الموضوعي الذي كان له الدور الاكبر في تحديد مسارات “الخريف العربي” لانتهت مصر الى مصير لا يختلف كثيراً عن سيناريو التحولات الايرانية .
يشوب حرص الإسلام السياسي ـ بشقيه الشيعي والسني ـ على استخدام المشتركات في صياغة خطاب ثوري يدغدغ مشاعر العامة وجود مشتركات أخرى مسكوت عنها تتمثل في القبول بالتوجيهات الأمريكية والاستعداد لعقد الصفقات مع القوى العظمى إذا كانت طريقاً للحصول على دور سياسي مما يتطلب قراءات موضوعية تضع الشوائب في دائرة الضوء وتخرج التاريخ من القراءات الانتقائية والشعاراتية وإعادات التوظيف .