المشاكل والأحداث ناجمة عن مفردات وعناصر تتوفر لها الظروف المواتية لتفعيلها والعوامل المساعدة المؤججة لها , فتتأين وتتسبب بنتائج متوافقة مع طبيعتها.
ولكي نواجهها لابد من تعطيل العوامل المساعدة والمؤججة , وتخميل العناصر الداخلة في التفاعل , أو إخراجها وفقا لمقتضيات تحجيمها وإصماتها , وعندها ستؤول النتائج والأحداث إلى غير ما تريد , بل وتكون وفقا لما نريد , إذا خبرنا مهارات تعطيلها.
أما البحث في غير ذلك فهو الهروب من المواجهة الحقيقية للتحدي , ومحاولة لخداع النفس بالمعرفة وتضليل الواقع وتسويغ ما يقاسيه.
فالنباشون في التراب يعزفون على أوتار العواطف والإنفعالات , وما قدموا حلا لأية مشكلة عانت منها الأمة , بل يرحلونها للأجيال , حتى صارت تُرحَّل إلى أمم أخرى لتحلها لنا وفقا لمقتضيات مصالحها , وإجتهاداتها في إستثمار مشاكلنا لصالحها.
فالمفكرون والفلاسفة أغفلوا العديد من العوامل الفاعلة في صناعة الوجيع المقيم فينا , وإنهمكوا بمطاردة سراب التحليلات والتفسيرات الخيالية المنقطعة عن الواقع , وأوجدوا تخريجات وهمية أقنعوا بها أنفسهم وضللوا الأجيال من حولهم.
وقد أنهكوا الأمة بما توصلوا إليه من مشاريع فنتازية وطروحات محلقة في فضاءات اللاجدوى والعبث المقيت , وبفعل إقتراباتهم المجافية لعللها وجروحها ودماملها , إنتهينا إلى واقع مضرج بالإنكسارات والنكسات ومؤهلات الخسران والهوان.
وتبقى الأمة متوثبة مترقبة وواعدة لأنها أمة حية , وإن نامت أو خمدت لقرون , فأنها ستلد ذاتها الأصيلة من جوهر أجيالها التي ستمثلها ذات يوم مجيد.
وإنها لأمة حضارة وإنسانها يختزن ما هو أثيل وجديد!!