تنوء الشخصية المسلمة، كما تظهر في قنوات التلفزة الغربية، الأميركية خصوصًا، تحت أعباء تراث غربي متناقض قديم، قوامه قرون متتالية قوامها الارتطام العسكري والاحتكاك السياسي بين الشرق العربي الإسلامي، من ناحية، وبين العالم الغربي (أو إحدى دوله)، من الناحية الثانية.
لذا، أوصيت أحد تلاميذي في الدراسات العليا (آداب-لغة إنجليزية) برصد وبحث الشخصية المسلمة كما تظهر على الشاشة الفضية من آن لآخر، خصوصًا عبر آنية “الثقافة الشائعة” Popular Culture في العالم الغربي. والحقُّ، فإني قد استشعرت مخاطر تشويه هذه الشخصية المسلمة وهي حال بائنة للعيان على مستويين، الأول، هو تقديم هذه الشخصية كحال منفلتة من عجلة الزمن والتقدم، وكأنها لم تزل تقبع متحجرة في العصر الوسيط، أما المستوى الثاني فيمثل في حال متمردة تستمرئ الإرهاب وتعتمده أداة، ليس لمواكبة العصر؛ وإنما لمقاومة عجلته ومد العصي لإيقاف دورانها!
وهكذا، قمت شخصيًّا برصد نماذج تلفازية تقدم شابًّا مسلمًا وكأنه عاجز عن مواكبة العصر درجة تحول سلوكه إلى شعور بالنقص، وهي حال مدعاة للتندر والاستهزاء، خصوصًا بقدر تعلق الأمر بحالات بسيطة مبالغ بها، من نمط: (1) التعامل مع المرأة، (2) أداء التحية بتقبيل الوجنتين بين الرجال، (3) تناول الغذاء جلوسًا على الأرض، من بين سواها من الحالات التي يبالغ المخرجون والمنتجون الغربيون في تقديمها بهدف استدرار الضحك والتهكم.
وقد رصدت شخصية تلفازية أخرى تقدم شبانًا مسلمين لم يجدوا سوى الإرهاب والعنف طرائق للتعامل مع الإنسان الغربي الوافد من البقاع المتجمدة إلى أراضي المسلمين الدافئة. وهكذا، يتم تصوير حقد المسلم على “الأشقر الطويل القامة” معتديًا، ودخيلًا غير مرحَّب بقدومه بسبب مطامعه!
هذه الشخصية الإرهابية، كما يتم تصويرها، خطأً، لا تأمل سوى إلحاق الأذى بـ”العدو الغربي” بأي طريقة، مهما كانت وإن كانت تؤدِّي لضحايا أبرياء، تذكيرًا بتفجيرات 11 سبتمبر 2001!