في بغداد العراق انتهت يوم الثالث عشر من الشهر الجاري أعمال وفعاليات الدورة الأولى لمهرجان مسرح الشباب العربي بكل ما حفل به من عروض ومعاني. فقد أخطأ من ظن أن مسرح بغداد قد أسدل ستار عروبته، وأن الزمن قد توقف عن ولادة من يواصل مسيرة العطاء والإبداع التي زينت وجه مدينة السلام والحضارة التي تمر اليوم ذكرى تأسيسها على يد الخليفة أبو جعفر المنصور عام 762م، أي قبل 1250 عاماً.
وهكذا شدت الرحال جموع من الشباب العربي من المغرب وتونس والإمارت والسودان وسوريا والأردن والجزائر ومصر وسلطنة عمان، حاملة عروضها ورؤاها إلى خشبة المسرح الوطني وغيره من مسارح المدينة، معلنة مشاركتها في عرس عاصمة الثقافة العربية لعام 2013.
وفي خضم الظروف التاريخية التي تمر بها معظم بلدان وطننا العربي والدور المتميز لشريحة الشباب في أعمال التغيير على المستوى السياسي والمتفاعلة موضوعياً وحتمياً مع جوانب الحياة الأخرى وفي مقدمتها الثقافية بكل ما تعنيه من رؤى وقيم روحية ونفسية وأخلاقية، تحتل الفنون التشكيلية، وفي مقدمتها المسرح، في أفكارها وطرائق تعبيرها وإبداعاتها، المركز الطلائعي في أدوات ووسائل التغيير. من هنا يكتسب مسرح الشباب العربي أهمية إستثنائية في هذه المرحلة الهامة والخطيرة من تاريخنا العربي المعاصر المثقل بهموم التخلف بالنسبة لكثير من الشعوب والأمم.
لقد جاء مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي ليؤكد حقائق عدة، أهمها:
ستبقى بغداد حاضرة العرب في تاريخها ودورها الثقافي والحضاري، رغم ظلم الزمن أحياناً، والذي جربته هذه المدينة مراراً في حياتها.
لقد كان الشباب دوماً عتلة تطور التاريخ وطاقته المتجددة في عنفوانه وإبداعه وجرأته في التفكير والطرح.
لقد كشفت العروض المسرحية العربية والعراقية عن أن الهموم والتطلعات الإنسانية لمجتمعات البلدان الفرق المشاركة والتي عالجتها كثيرة التشابه واقعاً ورؤية وأملاً.
تميزت العروض المسرحية في شبابيتها من حيث الموضوعات والسينوغرافيا والإنتاج والممثلين وعدد من المخرجين وفي عناصر المسرح الأخرى.
بقي أن نقول أن المهرجان الذي أقامته دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة العراقية تحت شعار “المسرح حياتنا” خلال الفترة من 6 ولغاية 13 من الشهر الجاري رافقت عروضه المسرحية عدد من الفعاليات الفكرية الفنية والموسيقية والدعوات والأمسيات الترفيهية للمشاركين وضيوف المهرجان سواء من داخل العراق أو الدول العربية والأجنبية.
ولقد كان لنشرة المهرجان “المسرح حياتنا” دوراً إعلامياً متميزاً في تغطية الفعاليات ونشرها للمقابلات مع العديد من المختصين والضيوف والأراء والتعليقات المختلفة حول المهرجان.
كما كان المهرجان مناسبة للقاء العديد من رواد المسرح العراقي المقيمين في دول عديدة لأسباب وظروف عديدة. في ذات الوقت غابت وجوه رائدة في المسرح العراقي كنا نود مشاركتها أو حضورها.
أختتم المهرجان بتوزيع جوائز نقدية على الفرق المسرحية الفائزة وفق ما أقرته لجنة التحكيم المؤلفة من عشر أعضاء من العراقيين والعرب برئاسة الممثل والمخرج المسرحي العراقي المعروف سامي عبدالحميد.
د. نزار عزيز محمود
مدير المعهد الثقافي العربي في برلين
أحد ضيوف المهرجان
15/11/2012